السماء أصبحت حالكة فوق مصر، فالاتهامات الجديدة للرئيس المعزول محمد مرسي واعتقال ثلاثة من القادة العلمانيين لثورة 2011، والهجمات الوحشية على مراكز الشرطة في الأقاليم، كل هذه التطورات حدثت في نفس الأسبوع وتؤشر إلى أن السياسة في مصر ستدار مستقبلا عبر وسائل العنف.
وكم هو بائس هذا الوضع مقابل الديمقراطية المتحضرة التي كانت الثورة على ما يبدو تقود مصر نحوها كان هذا الوصف جانبا من افتتاحية صحيفة الجارديان البريطانية يوم الخميس الماضي وهي تصف ما آلت إليه الأمور في مصر
فبعد انفجار المنصورة الذي تشير أصابع الاتهام فيه إلى أن الذين قاموا به هم الذين رتبوا توجيه الاتهامات لجماعة الإخوان بالإرهاب في أعقابه من أجل حظرها، يبدو أن المشهد في مصر يساق بقوة نحو الفوضى، وقد تجلى ذلك في عمليات السلب والنهب التي وقعت في أعقاب الانفجار والتي جرى كثير منها تحت سمع الشرطة وبصرها دون أن تحرك ساكنا، حتى طالت عمليات النهب شركات بعض أعضاء الحزب الوطني، حينها تحرك الجيش لحمايتها دون غيرها، ونشرت تقارير كثيرة عن عمليات نهب وحرق لممتلكات الإخوان في مدن ومحافظات كثيرة، بل ودعوات واضحة عبر شبكات التواصل الاجتماعي لنهب محلات بعينها، في عملية منظمة تماما مثل بعض التفجيرات التي أعقبت انفجار المنصورة وبدا أنها منظمة ومرتبة من قبل جهات تريد بث الرعب والفوضى في حياة الشعب وتريد كذلك الاستمرار في مسلسل شيطنة الإخوان الذي استخدم خلال سنوات الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي والعجيب أنه يجري بنفس الأدوات ونفس اللغة، والأعجب من ذلك هو أن تجد كثيرا من الشخصيات التي كان ينظر إليها على أنها بها شيء من العقل تجاري ما يحدث وتتهم الإخوان بأنهم هم الذين يقفون وراء هذه التفجيرات دون تحقيقات أو تمحيص أو إمعان للعقل في كيفية اختراق كل هذه الحواجز الأمنية مع هذه الكميات الهائلة من المتفجرات.
أما القرار الحكومي الذي أدرج الإخوان كجماعة إرهابية وصادر أموال العشرات من أعضائها وممتلكاتهم وكأننا نعيش في العصور الوسطى فقد رد الشعب على هذه الإجراءات يوم الجمعة بتظاهرات حاشدة ملأت المدن و القرى في أنحاء مصر ولم تقف عند حد التنديد بهذه الإجراءات بل تعهدت بمواجهتها في تحد واضح لحكومة متخبطة وسلطة مرتعشة تعيش غيبوبة الخمسينيات والستينيات ولا تعيش واقع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وقد سيطرت روح الانتقام على كل القرارات التي تصدر وأخطرها هذه القرارات التي جمدت أموال الجمعيات الخيرية بل وصادرتها كما تقول تقارير كثيرة مما سيؤدي إلى كوارث وخيمة لاسيما على المدى القريب على الأرامل والأيتام والفقراء والمرضى الذين يملؤون مستشفيات هذه الجمعيات في أنحاء مصر، وقد بات من الواضح من خلال هذه الممارسات أن القيادة العسكرية في مصر التي صنعت هذه السلطة المدنية الهزيلة وغير المقنعة مستعدة للقيام بأي شيء ضد العلمانيين كما ضد الإسلاميين من أجل عدم تسليم مصر إلى شعبها الذي كان قد بدأ يمارس الديمقراطية من خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية بشكل حضاري أبهر العالم، وهذا ما يعني أن سماء مصر ستظل ملبدة بالغيوم طالما أن العسكر يستبيحون كل شيء ومعهم مدنيون قبلوا أن يكونوا أحذية في أقدام العسكر.