والأمر الثانى أن هناك فارقا شاسعا بين ما ينص عليه الدستور الجديد والواقع المؤلم الذى نشهده، وسأذكر لك مثالا واحدا يؤكد ذلك؛ ففى تلك الوثيقة تجد "كلاما جميلا ومفيش أحلى من كده" عن حرية الصحافة وأن إغلاق الصحف ممنوع منعا باتا، وقبل أقل من أسبوعين على الانتهاء من إعداده قامت السلطة الحاكمة بإغلاق جريدة الحرية والعدالة الناطقة بلسان الحزب الذى ما زال قائما وأثبت شعبيته فى أول انتخابات برلمانية جرت قبل أقل من سنتين، حيث اكتسح وحاز المركز الأول، ولم ينافسه فى شعبيته سوى حزب النور!
وعلى فكرة هذا الجورنال هو رقم 12 الذى يتم إغلاقه وأنا أعمل فيه لأسباب سياسية!! يعنى دستة كاملة!! منذ أن بدأت العمل بالصحافة قبل ما يقرب من أربعين سنة وأنا ما زلت طالبا بالجامعة، أغلقت خلالها العديد من الصحف فى عهد السادات ومبارك وأخيرا فى العهد الحالى!
وكان من الطبيعى أن يحتج الصحفيون العاملون بجريدة الحرية والعدالة على ما جرى لصحفيتهم على سلالم نقابة الصحفيين وكنت على رأس زملائى، وفوجئنا ببلطجية الانقلاب يحاصروننا ويحاولون التشويش علينا تماما كما كان يحدث أيام مبارك، والحمد لله ربنا نجانى منهم بعد انتهاء تلك الفاعلية بنجاح، وجن جنونهم بعدما ابتعدت بسيارتى عنهم، ولذلك قدموا بلاغا ضدى للشرطة بعد التقاط رقم السيارة قالوا إن بها منشورات ومتفجرات كمان!! وأظنها دعابة سخيفة ونكتة بايخة، ولا أدرى لما تذكرت ما قاله صديقى رئيس الجمعية الشرعية الشيخ الدكتور محمد المهدى تعليقا على ما يجرى فى بلادنا هذه الأيام: "الغباء من جنود الشيطان"! تلك جملة رائعة أعجبتنى.