هذا العنوان أعتقد أنه ربما يدشن لمصطلح سياسى جديد يعبر عن حالة سياسية نشأت فى مصر وباتت أكثر وضوحا بعد الثالث من يوليو 2013م.
إنه مصطلح (السلفية العسكرية أو الانقلابية) كتعبير عن تيار سياسى خرج من رحم تجربة سياسية سلفية مصرية احتكر منظروها والفاعلون فيها تصدر المشهد السياسى السلفى فى مصر.
لذلك أجد أن هذا المصطلح الذى قدمت به يعد مناسبا للحالة السياسية لقيادات حزب النور الحالية ومن يقود المرجعية الشرعية فى هذا الحزب.
مواقف قيادات حزب النور وهذا التماهى والانسجام مع النظام الانقلابى العسكرى كل هذا ليس مستغربا لمن يتابع مواقف هذه القيادات ويخضعها للتحليل خاصة بعد انتخابات مجلس الشعب وبعد انتخابات الرئاسة حيث يدرك المتابع كأن هناك ريموت كنترول يحرك مواقف الحزب بما يخالف تماما ما تم تصديره عن لدى كثير من مؤيديه وقواعده.
فالحزب منذ ولوجه الساحة السياسية وقياداته تعبر عن ضعف سياسى شديد ناجم عن انعدام للخبرة شديد الوضوح، إضافة لوجود سيطرة ما على متخذى القرار تدركها بصيرة المراقب والمحلل للأحداث.
لقد قدمت قيادات الحزب بمواقفها عبر فترة قصيرة من الزمن أكبر خدمة لمناهضى الفكرة الإسلامية وطعنت التيار السياسى الإسلامى طعنة تكاد تكون مميتة ليس فى مصر وحدها بل فى سائر دول الربيع العربى والمنطقة.
إن وقفة جادة مع النفس لهذه القيادات ستكشف لهم كم قدموا دون أن يدروا من خدمات جليلة لم يستطع غيرهم أن يقدمها للمشروع الصهيوى أمريكى فى المنطقة وفى مصر.
فالبعض يتساءل: هل تم توظيف حزب النور من خلال قياداته (بعلم أم بغير علم أو بترغيب وترهيب أو بإدارك لانعدام الرؤية السياسية) لتحقيق أجندة من يملك أدوات السيطرة وفى الوقت نفسه وأد تجربة بدت فى أول الأمر طاهرة مستقيمة وفذة، لينتهى بها المطاف إلى بئر سحيقة من التخبط وانعدام الرؤية والانقياد وإتيان ما تم استنكاره على الآخرين لتكون النتيجة انفضاض قواعد هذه التجربة وجماهيرها من حولها لينحصر الأمر فى مجموعة متناهية الصغر من قيادات أحادية الرؤية لا ترى سياسيا أبعد من موطئ أقدامها.
لقد قدمت هذه القيادات نموذجا جديدا فى حقل العمل السياسى نستطيع أن نطلق عليه (السلفية العسكرية أو الانقلابية) التى تدور فى فلك العسكرة والاستبداد وتجد لها تأصيلا وتأويلا وتبريرا.
وثيقة الخمسينى وموقف قيادات حزب النور يقدمان دلالة واضحة ونموذجا صارخا يساعد فى فهم الحالة العسكرية والانقلابية التى تلبست مجموعة المتحكمين من قيادات هذا الحزب وكبار منظريه.
ولكن الطامة الكبرى هى عندما تقف قيادات حزب النور صفا واحدا فى خندق الثناء والاستحسان لهذا الدستور مبتور الأصل منزوع الشرعية ومع من (مع الكيان الصهيونى وأمريكا ومن يدور فى فلكهما من كيانات إقليمية تناصب حرية مصر العداء) بل لم يقف الأمر عند هذا ولكن تجاوز ذلك للعمل بقوة من أجل حشد الموافقة على هذا الدستور. أليس هذا مستغربا ويدعو إلى التساؤل وقدح الأذهان؟
أعتقد أن البعض سيرد ويقول ليس بمستغرب، فقيادات الحزب كانت من متصدرى مشهد الثالث من يوليو وتبوأت صدارة المحللين للانقلاب على الشرعية.
كل الاحترام والتقدير للسلفية وإخوانى من السلفيين الذين أنتمى إليهم.
وأحسب أن أهل الحق بإذن الله هم من لزموا بحق منهج سلف هذه الأمة.
ولكن شتان بين سلفية (بحق سلفية) وبين سلفية (تدثرت عباءة عسكرية. عفوا عباءة انقلابية) فكم منا وليس معنا. وكم فينا من ليس منا؟!