" ..جماعة الإخوان المسلمين استولت على الثورة ضد مبارك من الشباب الذين بدءوا جزءا كبيرا منها عبر وسائل التواصل الاجتماعى.. الهدف مما قام به الجيش هو إعادة الديمقراطية".
هكذا قال وزير الخارجية الأمريكى بلا خجل على الهواء مباشرة فى لقائه مساء الأربعاء 20/11/2013 م بواشنطن مع قادة الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات ليقدم للعالم دليلا جديدا على تورط الولايات المتحدة الأمريكية فى الانقلاب العسكرى الدموى الذى وقع فى مصر…
فواشنطن هى المهندس والطباخ والمشرف على ذلك الانقلاب. كما تقدم دليلا جديدا على أن واشنطن كانت تدير جبهة الإنقاذ من طرف خفى (السفيرة الأمريكية بالقاهرة ظهرت أكثر من مرة فى اجتماعات تلك الجبهة.. هل نسيتم؟) فعبارات كيرى تلك هى نفسها التى رددتها جبهة الخراب مرارا وتكرارا.
وفى نفس الوقت تؤكد تصريحات أو بالأحرى اعترافات كيرى مدى احتقار القوة العظمى فى العالم لكل القيم الديمقراطية التى صدعت بها رءوس البشر، واحتلت بزعم الدفاع عنها دولا بل خربتها على رءوس شعوبها.
لم يكشف لنا عبقرى السياسة الفذ كيف "سرق الإخوان الثورة" فالسرقة حرام وفعل منكر ومستنكر سواء كانت مادية أو معنوية.. لم يكشف للعالم كيف سرق الإخوان مقاعدهم التى فازوا بها فى البرلمان (شورى ومجلس شعب) وكيف سرقوا مقعد رئيس الجمهورية وكيف انحازت الجماهير لرؤيتهم فى استفتاء الدستور.. هل سرقوا صناديق الانتخابات بعد التصويت ثم ألقوا بها فى الترع والمصارف كما كان يفعل كنزهم الاستراتيجى ثم يغيرها بصناديق جاهزة بنتائج أغلبية الحزب الوطنى؟..
هل مارسوا البلطجة والخطف والضغط حتى تتحول نتائج الانتخابات لصالحهم؟! لم يشهد بذلك أحد وفى مقدمتهم أصدقاؤهم العسكر الذين أشرفوا على كل تلك الانتخابات من أولها لآخرها وأعلنوا نتائجها ولم يسجلوا مخالفة واحدة تقدح فى أحقيتهم بالفوز.. وذلك فى حد ذاته يلقم الانقلابيين حجرا إن شككوا فى شرعية الرئيس مرسى وشرعية المجالس المنتخبة التى فازوا بالأغلبية فيها.
أصدقاؤك يا كيرى بقيادتكم هم الذين انقلبوا فجأة على الخطوات الديمقراطية التى أشرفوا عليها.. وكان يجب على العالم الذى يسمى نفسه حرا أن يتصدى لهم دفاعا عن القيم التى يروج لها ليل نهار.. فكيف سرقوا الثورة يا كيري؟! لقد باتت الانتخابات وفق الرؤية الأمريكية الجديدة "سرقة"، وأصبح المنتخبون من الشعب "حرامية" وصار الشعب الذى انتخب "مجرمًا" يجب عقابه!
وكيف أعاد الجيش "الديمقراطية" يا رجل..؟! أعادها بدليل أن حكم مصر اليوم عسكرى مائة فى المائة وبدليل سقوط أكثر من خمسة آلاف شهيد وعشرين ألف جريح وما يقرب من خمسة عشر ألف معتقل ومازال المسلسل مستمرا، وكل جريمتهم التعبير عن رأيهم وفق قواعد الديمقراطية التى استعادها عسكرك؟ يا له من كذب فى القول ويا لها من دعارة سياسية تقلب الحقائق وتلغى عقول الناس من أجل جشع المصالح ونهم السيطرة.
تلك إذًا قيم جديدة أساسها شريعة الغاب وتؤسس لها الولايات المتحدة وتروج لها القوة العظمى مفادها أن الكلمة الأولى فى حكم الشعوب للدبابة والقوة الغاشمة.
تاريخ أمريكا حافل بسرقة شعوب بأكملها والتهام أوطان بكل ما فيها.. هى أشبه برئيس عصابة.. لا شريعة له سوى مصلحته ولا قانون إلا ما ينفعه ولا حكومة ولا نظام إلا إن لمن يوقع صك التبعية المذلة والخنوع.
لكن الشعب المصرى استيقظ وسينتزع حقه وسيشق طريق بناء مستقبله الزاهر بكل الطرق الحضارية والسلمية الحقيقية التى لا تعرف أمريكا عنها شيئا.