بالأمس كان اللاجئ السوري يختار مصر ملاذه الأول، لم لا، وهي بلد لا يشعر بالغربة بها، ولا تأويه فيها خيمة حدودية بل مسكن وسط أهل البلد.. أما اليوم، وبعد الانقلاب، باتت نار الأسد ملاذاً للسوريين للهروب من جحيم الحياة في مصر، وإن لم يكن فالبديل قارب نحو أوروبا.
تبدل التعاطي المصري مع الثورة السورية، كشف إلى حد بعيد، حقيقة الانقلاب في مصر، إذ رأى محللون أن أحد أهم دعم الانقلاب من قوى الخارج إنما يكمن في الموقف الواضح الذي اتخذته مصر خلال حكم الرئيس محمد مرسي، والذي تطور ليصل لحد إعلان قطع العلاقات مع نظام الأسد، ودعم المقاومة السورية سياسياً وإنسانياً ما أعطى للثورة هناك زخماً جديداً.
أما بعد الانقلاب فقد تم التضييق على اللاجئين السوريين، هذا فضلا عن ترويج اعلام الانقلاب لبعض الأكاذيب على شاكلة وجود سوريين ضمن جماعات مسلحة إخوانية لإرهاب المواطنين، أو ما تردد عن مشاركة سوريات ضمن ما سمي بجهاد النكاح، وغير من الأكاذيب التي جعلت بعض مؤيدي الانقلاب من المواطنين العاديين يتعدون بين الحين والاخر على بعض الجاليات السورية بمصر.
هذا الإعلام، يبدو أنه اتخذ مساراً جديداً في هذا الشأن، ليس مغايراً ولكنه متطور نوعاً ما، إذ تعمل هذه الوسائل الإعلامية على نقل صورة ما للمشاهد والمتابع مفادها أن تقارباً مصرياً سورياً، أو بالأحرى تقارباً بين قادة الانقلاب وبين نظام بشار الأسد، دون أدنى إشارة للثورة السورية، التي ما يزال إعلام الانقلاب يتعامل معها على غرار تعامله مع ثورة يناير باعتبارها «مؤامرة إخوانية أمريكية صهيونية»!
صحيفة الوطن أوردت تقريراً دار حول هذا التوجه الجديد، الذي ربما تنتهجه سلطات الانقلاب، حيث أشادت الصحيفة، بالتقارب بين الانقلاب العسكري في مصر و نظام بشار الأسد الذي يشهد ثورة شعبية ضده في سوريا.
ونددت الصحيفة ،اليوم السبت، تحت عنوان "مصر وسوريا: المعزول يقطع والمؤقت يوصل"، بقرار الرئيس المنتخب محمد مرسي بقطع العلاقات مع نظام الأسد واغلاق سفارته منذ خمسة أشهر، على اثر المجازر التي يقوم بها الأسد ضد المدنيين.
وزعمت "الوطن" أن :"الأمل راود اللاجئين السوريين المقيمين في مصر بعد قيام ثورة يونيو وسقوط حكم الإخوان، فإن الرئيس المؤقت عدلى منصور لم يعدل عن قرار الرئيس المعزول".
وقالت الصحيفة على لسان السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أن :"قرار مرسى بقطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وضع مصر في موقف بالغ التعقيد"، وزعمت أن غالبية المصريين لم يكونوا مع هذا القرار الذي اتخذه الرئيس المنتخب محمد مرسي.
ويرى مراقبون أن هذه التقارير من شأنها تهيئة الرأي العام لما هو متوقع خلال الفترة القادمة من إعلان رسمي لعودة العلاقات رسمياً مع نظام الأسد، يدعمه ذلك التقارب المصري الروسي، والذي كشف عن وجود ثمة وجود رؤية مشتركة عن الأزمة السورية، ما يعني أن مصر الانقلاب تسير على خطى موسكو الداعم الأكبر للأسد.