اختلف كثيرون في تصوير حياة وشخصية العابدة "رابعة العدوية"، فقد صورتها السينما المصرية في فيلم قامت ببطولته الممثلة "نبيلة عبيد" والممثل "فريد شوقي"، في الجزء الأول من حياتها، كفتاة لاهية تمرّغت في حياة الغواية والخمر والشهوات، قبل أن تتجه إلى طاعة الله وعبادته.
في حين يقول البعض أن هذه صورة غير صحيحة ومشوهة لرابعة في بداية حياتها، تماماً كما الحال في تشويه صورة من اعتصموا ضد الانقلاب، في قلب ميدان شهير يحوي مسجداً يحمل اسمها في حي مدينة نصر بالقاهرة.
فقد نشأت رابعة في بيئة إسلامية صالحة وحفظت القرآن الكريم وتدبَّرت آياته وقرأت الحديث وتدارسته، وحافظت على الصلاة وهي في عمر الزهور، وعاشت طوال حياتها عذراء بتولاً برغم تقدم أفاضل الرجال لخطبتها، لأنها انصرفت إلى الإيمان والتعبُّد ورأت فيه بديلاً عن الحياة مع الزوج والولد.
وكان جيران أبيها يطلقون علي والدها "العابد"، وما كان من الممكن وهذه تنشئة رابعة أن يفلت زمامها، كما أنها رفضت الزواج بشدة، فهل قدر رابعة أن يشوه الإعلام سمعتها، كما شوه وقتل وعذب وأحرق مريدي الحرية في ميدانها من بعدها؟!
شعار رابعة أو علامة رابعة، وهو شعار أطلقه معارضو الانقلاب الدموي ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي، وظهر بعد أحداث فض اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة الذي استمر مدة 48 يوما ، قبل أن يقع فضه بالقوة في 14 أغسطس 2013.
وتتمثل علامة رابعة في يد مفتوحة ما عدا الإبهام، وترسم تلك اليد بلون أسود على أرضية صفراء، اللون الأسود يرمز إلى الحزن تذكيرا بمئات القتلى الذين سقطوا يوم فض الاعتصام.
البعض أقام دعوى قضائية، حملت رقم 8717 لسنة 68 ، أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ، طالب فيها بإلزام حكومة الانقلاب العسكري بإصدار قرار بقانون بتجريم شعار رابعة، والمتضمنة "إشارة رابعة" باعتبارها تهدد الأمن القومي.
وذكر المدعى في صحيفة دعواه أن تلك الإشارة أصبحت تميز بين طوائف الشعب وتدعو إلى الانقسام والعنصرية.!
وفي المقابل يستنكر المرصد المصري للحقوق والحريات التعامل الجنوني من قبل سلطات الانقلاب، بخصوص رفع شعار رابعة العدوية، مؤكدا أنه يأتي في إطار إخفاء وإسكات كل الأصوات والمعالم، التي تنادي بالتحقيق الجدي و الحقيقي في الجرائم ضد الإنسانية، التي ارتكبت من قبل قوات الجيش والشرطة بفض اعتصام رابعة العدوية، وقتلهم الآلاف وارتكابهم الجرائم.
ويؤكد المرصد أن شارة رابعة العدوية هي شارة إنسانية ومن حق الجميع، أن يرفعها و أن يتعامل معها بما شاء فهي تدخل في نطاق حرية التعبير ، مشيرا إلي أنه لا يوجد في القانون ما يمنع من أن يقوم الشخص برفع شارة رابعة العدوية.
وبخصوص الإجراءات التي تمت مع عدد من الرياضيين في الأيام الأخيرة يشدد المرصد علي أن رفع شعار رابعة العدوية يأتي في إطار الحق في حرية التعبير وأنه لكل لاعب الحق في أن يعبر عن راية أو عن مواقفه متي شاء و أين شاء لان كونه رياضيا لا يعني انتفاء حقوقه القانونية والدستورية فضلا عن أن الإجراءات التي تمت باطلة وتكبد السلطات الحالية تعويضات للمتضررين.
وكان لاعب النادي الأهلي أحمد عبد الظاهر برفع الشعار بعد تسجيله هدفا لفريقه في المباراة النهائية لأبطال إفريقيا للأندية التي فاز فيها الأهلي، ما دفع المدرب إلى تغييره، ومن ثم تعرّضه لوصلة من الشتائم، وبعد ذلك سلسلة من العقوبات القاسية، من بينها تغريمه نصف مليون جنيه.
إذن وكما يقول الكاتب ياسر الزعاترة في مقال بعنوان"كابوس شعار رابعة!" ان الاعتصام الذي تم فضُّه بتلك الطريقة الدموية قبل شهور على الهواء مباشرة لم يكن اعتصاما عاديا أو تقليديا مثل عشرات الاعتصامات المشابهة، بقدر ما كان احتجاجا على السطو على واحدة من أروع الثورات في التاريخ البشري، ومن هنا اكتسب تلك الأهمية التي جعلت من العدوان على العزل فيه تاريخا بالغ الأهمية، ما لبث أن أنتج شعارا سيظل محفورا في تاريخ البشرية وكابوساً للطغاة إلى أبد الآبدين.