شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

وعد “بلفور” ووعد “السماء” ـ شعبان عبد الرحمن

وعد “بلفور” ووعد “السماء” ـ شعبان عبد الرحمن
   
 

 

الثانى من نوفمبر، مرَّ وكأن أحدًا لم يسمع به، رغم أنه يحمل على صفحته واحدةً من أسوأ الكوارث التى نُكبت بها فلسطين، إلا أنه مر كيوم عادى مثل كل الأيام!

لا ندرى، هل ضاع وسط دوىّ الانقلاب العسكرى فى مصر، أم صرخات شلال الدماء فى سورية، أم أنات وأوجاع الحصار الخانق على أهلنا فى غزة، أم ضاع على أنغام أنشودة الفرقة والشتات الحزينة التى أصابت جسدنا العربى المتآمر بعضه على بعض والمتناحر بعضه مع بعض؟!

باتت الأيام متشابهة، فكل يوم يحمل نكبة جديدة، حتى تكاثرت النكبات علينا؛ فأنسى بعضها بعضًا، وكل نكباتنا تصب فى صالح عدونا صانع نكبتنا الكبرى على أرض فلسطين.

قبل ستة وتسعين عامًا (2 نوفمبر 1917م)، اقترفت الإمبراطورية البريطانية واحدة من أبشع جرائمها الاستعمارية بمنح اليهود الصهاينة وطنًا فى فلسطين، وأصدر "آرثر بلفور"، وزير خارجيتها، ما سمى بـ"وعد بلفور"، معلنًا للعالم فى ذلك اليوم المشئوم تبنى الإمبراطورية حماية هذا الوطن.

ووعد "بلفور" الجائر لم يكن أبدًا بداية النكبة فى فلسطين، وإنما جاء كنتيجة وتتويج لجهود النظام الدولى القديم، (إمبراطورية نابليون الفرنسية، ثم الإمبراطورية البريطانية) لجمع شذاذ الآفاق اليهود الصهاينة من أقاصى الأرض وإلقائهم فى فلسطين لاختراق الشرق العربى المسلم من خلالهم، هذا الشرق الذى استعصى طويلاً على حملات الإمبراطوريات الاستعمارية العتيقة.

وبين 2 نوفمبر 1917م و2 نوفمبر 2013م مساحة زمنية تقترب من القرن، ويوم صدور "وعد بلفور" كانت الدعاية البريطانية تركز على أن المطلوب هو مكان تحت الشمس لليهود دون المساس بحق الفلسطينيين، واليوم صار الفلسطينيون هم الذين يبحثون عن مكان تحت الشمس فلا يجدونه، ولا يجدون من يصدر لهم وعدًا بحقهم فى دولة مستقلة؛ لأن "بلفور" مات وشبع موتًا!

لم تجد فلسطين من يتذكرها فى ذلك اليوم سوى بتصريحات واتصالات أمريكية غربية لإغلاق ملف فلسطين بالطريقة التى تريح الصهاينة وهى التهام هذا الوطن!

وبين الثانى من نوفمبر 1917م والثانى من نوفمبر 2013م حفلت الساحة الدولية بوعود أخرى أكثر جرمًا من "وعد بلفور"، أدت جميعها إلى ما نشهده اليوم، وعد دولى بتنفيذ مؤامرة الانقلاب العسكرى فى مصر ودعمه والتمكين له، حتى وإن كلف ذلك قتل وجرح وسجن أكثر من خمسين ألف مصرى كل جريمتهم أنهم تمسكوا بشرعية رئيسهم الذى انتخبوه، ووعد دولى بدعم نظام "بشار الأسد" المجرم حتى وإن كلف ذلك الإجهاز على الشعب السورى كله، ووعد دولى دائم للصهاينة بتفتيت دول جوارها لإضعافها وتحويلها إلى حارس مأجور لحدود الكيان المحتل.

إن ذكرى "وعد بلفور" تنكأ جراحًا ووعودًا كثيرة جرت – ومازالت – تجر الوبال على الأمة، لكن، إذا كان "وعد بلفور" مكّن لليهود بدعم دولى مطلق ما زال مستمرًا حتى اليوم، فإن وعد السماء الذى يستقر فى وجدان كل المؤمنين هو أن الأرض ستعود إلى أهلها بعد اقتلاع الصهاينة منها اقتلاعًا يوم يقول الحجر والشجر – وفق وعد الرسول صلى الله عليه وسلم –: "يا مسلم، يا عبد الله، تعالَ ورائى يهودى فاقتله"، كما أن وعد السماء حتمى إن شاء الله تعالى بزوال كل "بلفور".

___________________

مدير تحرير مجلة "المجتمع" الكويتية

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023