شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

المثقفون بين الشرعية والديمقراطية! ـ د. محمد جمال حشمت

المثقفون بين الشرعية والديمقراطية! ـ د. محمد جمال حشمت
تفسير عجيب من الأستاذ فهمى هويدى للوضع الحالى فى مصر، فى...
تفسير عجيب من الأستاذ فهمى هويدى للوضع الحالى فى مصر، فى محاولة منه للخروج من الأزمة التى صنعها الانقلاب العسكرى فى مصر! ملخص ما توصل إليه الأستاذ هويدى ونحن نقدر له دائما كلمة الحق التى يقولها فى وجه الحاكم الظالم  منذ عهود دفع ثمنا لها إهانة واستبعادا وإساءة، لكنه لم يلن! فلماذا اتخذ هذا النهج الآن؟! ولماذا عرض ما عرض رغم تهافت المنطق والحجج التى استند إليها؟!

ملخص ما قاله الأستاذ هويدى أن الديمقراطية يمكن لها أن تتسع لفرقاء الوطن اليوم بديلاً عن الشرعية التى يصر عليها البعض رغم استحالتها لدى البعض الآخر، فمظلة الديمقراطية أوسع من مظلة الشرعية!! ووجه العجب لدى هو أن الأستاذ هويدى يعلم يقينا أن من أطاحوا بالشرعية بدبابة ورصاصة وهم الذين يطالبون اليوم بالانتخابات، هم من صدعوا البنيان الديمقراطى الوليد فى مصر! هم من كفروا بالديمقراطية بعد أن روجوا لها أعواما!!  هم من أهدروا أصوات الشعب فى خمس استحقاقات انتخابية لا غبار عليها، ومشهود لها بالنزاهة داخليا وخارجيا ثم كفروا بها عندما لم تأتِ بهم! وهم من أهدروا الفرصة التى لاحت لهم بانخفاض شعبية الرئيس المنتخب وحزب الأغلبية والإخوان المسلمين فى الاستحقاق الانتخابى التالى لمجلس النواب؛ لكنهم هم من أيقن أنه لا سبيل لهم للوصول إلى الحكم فى ظل هذا المناخ ولم يثق فى أى انتخابات حرة!!

هل هؤلاء الذين قفزوا إلى السلطة بشكل غير شرعى وعلى جثة الشرعية وفوق الدبابات وتحت أقدامهم إرادة الشعب المصرى، ويعلم عنهم ذلك الأستاذ هويدى، هم من يجمعهم من المطالبين بعودة الشرعية مظلة الديمقراطية! يا راجل لأ ما تقولش كده ده حتى يبقى حرام! ألا نتعلم من التجربة والتاريخ؟ ألا نفهم طبيعة من تريد مخرجا لهم فى ظل غياب للشرعية وبطش أمنى وظلم بين واضطهاد غير مسبوق كى تجرى انتخابات بدأ التزوير لها بقاعدة بيانات ملعوب فيها ووثائق أمن الدولة تؤكد ذلك!! وتعديل قانونى لتعيين خريجين لا علاقة لهم بالجهاز الإدارى ولا يمكن ملاحقتهم قانونيا لمعاونة القضاء فى الإشراف على الانتخابات!

هل يضمن الأستاذ هويدى نزاهة أية انتخابات فى ظل حكومة الانقلاب العسكرى الذى جاء على حطام الانتخابات الحرة؟!  

ولن أستطيع أن أقارن الأستاذ فهمى بقامته وتاريخه وعقله ورجاحته ووطنيته بآخرين ممن يحسبون على التيار الليبرالى أو اليسارى الذين صدعوا أدمغتنا بالديمقراطية مثل الدكتور علاء الأسوانى الذى أوضح موقفه من حكم العسكر فى مقالات عديدة ثم فى حواره العاصف مع الفريق أحمد شفيق رئيس مصر وقتها على قناة ساويرس وكان ينهى كل مقالة له بجملة "الديمقراطية هى الحل" وعندما جاء مرسى والإسلاميون إلى حكم مصر ظهر على حقيقته وركب دبابة العسكر ودافع عن الانقلاب العسكرى وضاعت أصوات الشعب هباء ولم يرتجف له رمش وهزمت الديمقراطية بالضربة القاضية ولم يشعر بأية غضاضة!!

فكيف نعود إلى الديمقراطية بعد كل ما حدث؟ هل دماء المصريين التى سالت بأيدى المصريين المكلفين بحماية الشعب لا تساوى الإصرار على الشرعية التى قتلوا من أجل الحفاظ عليها؟

ومثال آخر الدكتور عمرو حمزاوى الذى اتخذ موقفا وسطا لم يكن يتخذه عند الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وضرورة احترام إرادة الشعب والحفاظ على دماء المصريين، فلقد انتهى دوره السياسى واختزل فى مقالة مسموح بها رغم أنها تصف حكومة الانقلاب بحكومة الأمر الواقع بعيدا عن إغضاب الصاعدين لحكم مصر من فوق الدبابات! ورغم نفيه المتكرر لما قاله الباحث الدكتور خليل عنانى منذ أكثر من عام ونصف فى جريدة الشرق الأوسط فى مقالة له ملخصها "أن الليبراليين وما يسمى التيار المدنى فى مصر فى أزمة ما بين العسكرة والأسلمة فإذا خيروا لاختاروا العسكرة" وهو ما حدث بالفعل!

وهنا أناشد الأستاذ فهمى هويدى القريب إلى القلوب لأنه منصف بقربه من الحق، هل يمكن له أن يكون فى صف هؤلاء الذين تناسوا الواقع الذى توقف فيه التاريخ عند 3 يوليو وتراجعت مصر تراجعات مخيفة وخطيرة عشرات السنين، فإذا قلنا لهم لا بديل عن عودة الشرعية لبسوا مسوح الحكماء وقالوا عقارب الساعة لا تعود للوراء!! إذا ما اختص الأمر بإرادة الشعب وشرعية مؤسساته ودستوره، لكنها تعود إلى الخلف فى الحريات والكرامة الإنسانية والاقتصاد وحقوق الإنسان والتعليم والحد الأدنى للحياة الكريمة والسمعة الدولية، لا أعتقد أن الأستاذ فهمى يقصد ما قاله أو ما فهمناه نحن!! فلا ديمقراطية سنراها فى ظل انقلاب عسكرى دموى فاشى قتل المصريين كما لم يحدث فى تاريخ البلاد من قبل! ومن استهان بأرواح المصريين فى الشارع لن يسعى لاستطلاع آرائهم بنزاهة واحترام فى الصندوق!

واهم من يعتقد أن انتخابات حرة نزيهة ستتم لتعيد الشرعية التى أنهاها عسكرى بالقوة المفرطة!! واهم من ظن أن مظلة الديمقراطية الحقيقية التى فشلت قى جمع الفرقاء ستجمعهم وهى مشكوك فيها بعد العصف بالشرعية التى نتجت عن الانتخابات الحقيقية!!

الحقيقة الوحيدة التى لا يمكن لأحد أن ينكرها أن دماء المصريين لن تضييع هباء ولن ينجح الانقلاب العسكرى ولن يهنأ أحدا ممن استباحوا حرمات المصريين وحقهم فى الحياة بأى مكسب نتج عن هذا الانقلاب! ولن يكتب مستقبل مصر سوى قدر الله لهذا الشعب بأيدى أبنائه المخلصين بعد أكبر عملية فرز وتجنيب كلفت هذا الشعب الأبى الواعى ثمنا باهظا من أرواح أبنائه المحبين رغم القهر والفقر!

حق الوقت يقول إن الشرعية والعودة إليها هى أوسع مظلة تجمع المصريين احتراما لإرادتهم وقصاصا لشهدائهم وتطهيرا لمؤسساتهم، وغير ذلك هو العبث بعينه مع تقديرى الكامل واحتراماتى للأستاذ فهمى هويدى، والله على ما أقول شهيد .

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023