تمر ذكرى مرور مائة يوم -تصل الآن إلي اليوم الرابع بعد المائة- على الانقلاب الذي عاث في الأرض فسادا لتكون حصيلته فض أكبر اعتصام سلمي عرفه العالم علي الإطلاق، وتكون ح صيلة القتل فيه هي الأضخم عدديا في القتل والجرح والاعتقال في التاريخ الحديث.
تمر مائة يوم لتزداد مصر فقرا وجوعا واحتقانا للشارع الذي ذاق طعم الحرية في عام مع أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر.
تمر مائة يوم ليحتل الاقتصاد المصري المراتب الأخيرة عالميا، وتفقد مصر سمعتها السياسية بحكم العسكر الذي انقضي زمانه مع نهاية القرن الماضي.
تمر مائة يوم لتخسر مصر برلمانا منتخبا في أشرف انتخابات عرفها العالم الحديث، من حيث النزاهة وقوة المشاركة وإيجابية الشعب الذي خرج واثقا من أن صوته سوف يكون له قيمة بعدما كان الإنسان ذاته غير ذي قيمة تذكر إلا من حيث أنه يعمل خادما لثلاثة وثلاثين أسرة كانت تتحكم في ممتلكات دولة وتديرها تبعا لمصالحها الخاصة.
تمر مائة يوم ليفقد الإنسان المصري قيمته كإنسان بعدما داسته البيادة العسكرية في شوارع وميادين مصر، ومعتقلات مصر التي اكتظت بمعتقليها، ومدارسها ومصالحها التي تحولت لمعتقلات بعد تجاوز عدد المعتقلين فيها عن الثلاثين ألف معتقل ويزيد.
تمر مائة يوم لتزداد الأسعار بصورة غير مسبوقة ويعجز المواطن البسيط عن سداد احتياجاته اليومية البسيطة والمعتادة فقط كي يستطيع الاستمرار في حياته .
تراكمت المشكلات اليومية حتى تكاد تتوقف الحياة تماما في مصر واسألوا في ذلك رواد السياحة والاقتصاد وعمال مئات المصانع التي توقفت عن العمل بسبب انسحاب الشريك الأجنبي من السوق المصرية المهددة بالانهيار.
وعلي الناحية الأخرى تنكشف للشعب حقائق لم تكن واضحة من قبل، منها المؤامرة الكبري التي تمت بليل، ليس ضد حكم الدكتور محمد مرسي الرئيس المنتخب كشخص، وإنما كانت مؤامرة صريحة تتضح معالمها يوما بعد يوم ضد كل ما هو إسلامي، وضد كل ما يمت لهوية تلك الأمة بصلة، لتصير الحرب على الإسلام اليوم بصورة سافرة في تحد بشع لمشاعر المسلمين، حرب بدأت صليبية حين أعلنها بوش في بداية اقتحامه للعراق لتنتهي في مصر بحرب صهيوأمريكية تقاد من تل أبيب والبيت الأبيض، بينما منفذوها هنا هم مجرد عرائس تتحرك من خلف أستار تتمزق رغما عنهم مع كل مسيرة ضد الانقلابيين، ومع كل معاذ ومع كل بلال ومع كل أسماء ترتقي لله، ومع دماء كل مصاب، ومع كل امرأة تعتقل، ومع كل فتاة تهان.
تمر مائة يوم ليعود تلاحم الشعب من جديد، وتتفكك أركان المؤامرة، فيزداد الاعتقال ليخرج من لم يخرج من قبل فيقف الانقلابيون في حسرة وندامة على ما قدموا في حق شعب ضللوه كثيرا بإعلامهم المدفوع الأجر مسبقا.
تمر المائة يوم لتسقط أقنعة ما كنا نتخيل يوما أن يكون خلفها تلك الوجوه الكالحة فيتطهر الصف ويصلب عوده وليأخذ الشباب مكانه المنوط به في التفكير والإبداع والقيادة بعدما اعتقلت معظم القيادات فتظهر لنا نوعية جديدة من البشر تتحدى المستحيل.
تمر المائة يوم فما وهن المؤمنون وما ضعفوا وما استكانوا، وإنما نزداد يقينا بوعد الله عز وجل ونرى في الابتلاء رحمة، فما كانت لتتآلف قلوب الناس مرة أخرى سوى بابتلاء عظيم يفيقهم ويكشف لهم السبل فلا تتفرق بهم عن سبيل الله ليصير شعارهم واحد وهدفهم واحد وشرعيتهم التي تجمعهم واحدة.
تمر المائة يوم ولن نعود إلى بيوتنا ولو صارت مائة عام، فالطريق قد عرفناه جيدا، وأبدا عنه لن نحيد، فأجيال ممن يحسبونهم اليوم أطفالا لم يعودوا أطفالا عاديين، وإنما قد صاروا بالبلوى رجالا، وصاروا هم في هذا الزمن الكبار
.