«لم يكن أمام شباب الجامعات والمدارس سوى الخروج ضد السلطة التي ألغت دستوراً استفتي عليه الشعب، ورغم ما قامت به السلطات ضدهم من قمع، إلا أنهم صمدوا حتى استسلمت السلطة لهم وأعادت لهم دستور الشعب»… لم يكن ما سبق إلا موجزاً عن انتفاضة الطلبة عام 1935، أو ما يطلق عليها «الثورة المنسية».
قبل 78 عاماً وتحديداً يوم الثالث عشر من نوفمبر عام 1935، هب شباب الجامعة المصرية وبعض طلاب المدارس في مظاهرات للمطالبة بعودة دستور 1923 الذي تم إلغاءه لصالح دستور 1930 والذي كان قد منح الملك سلطات واسعة في الوقت الذي كان فيه دستور 23 يمنح سلطات أوسع للشعب.
وكانت شرارة المظاهرات تصريحات وزير خارجية بريطانيا آنذاك صامويل هور والذي قال فيه إن بريطانيا طلبت من مصر عدم عودة أياً من الدستوريين السابقين، ما اعتبره الطلاب تدخلاً في شئون مصر.
وفي يوم 13 نوفمبر 1935، وتزامناً مع احتفالات يوم الجهاد الوطني، تحولت الاحتفالات إلى مظاهرات تندد بالتصريحات البريطانية، وتطالب بإسقاط حكومة توفيق نسيم الذي كان قد ألغى في وقت سابق دستور 1930 دون أن يعيد دستور 23 رغم أن المصريين كانوا ينتظرون عودته بديلاً لدستور 30.
وكانت أشهر أحداث تلك التظاهرات، المواجهات التي جرت بين شباب الجامعة وبين الشرطة المصرية والإنجليزية عند كوبري عباس، حين حاول الطلبة الوصول لقلب القاهرة، وهي المواجهات التي أسفرت عن وقوع عدد من الشهداء في صفوف الطلبة.
ومع تصاعد المظاهرات ضد الحكومة، حاول «هور» التراجع عن تصريحه سبب الأزمة، إلا أن هذا لم يخفف من حدة المظاهرات والتي اتسع نطاقها الأمر الذي دعا بالأحزاب السياسية لتكوين جبهة وطنية في الأول من ديسمبر طالبت الملك بإعادة دستور 23 وهو الأمر الذي استجاب له الملك فؤاد حيث أصدر أمراً ملكياً بإعادة دستور 23 ، ثم ما لبثت أن تقدمت حكومة نسيم باستقالتها.
واليوم، وبعد مرور ما يقرب من 3 شهور من الانقلاب العسكري في مصر وتعطيل العمل بدستور استفتي عليه الشعب عام 2012، هب طلاب جامعات مصر ومدارسها، ليعلنوا رفضهم للانقلاب، مطالبين بعودة الشرعية وأولها دستورهم الذي أقرته أغلبية شعبية، حيث لم تكن الأيام الأولى للدراسة التي بدأت مطلع هذا الأسبوع إلا بداية لانتفاضة طلابية شاملة، ربما تفوق في زخمها ما قام به أسلافهم طلاب 1935، وهي الانتفاضة التي تواجهها سلطات الانقلاب بالملاحقة والاعتقال وربما مع تزايد حدة الغضب الطلابي تتزايد قسوة الرد الانقلابي للوصول لدرجة القتل، كما هو حادث في مختلف الفعاليات الرافضة للانقلاب لاسيما ما حدث أثناء فض اعتصامي رابعة والنهضة.
وإذا كانت انتفاضة طلاب 35 «ثورة منسية»، تم التعتيم عليها، فإن انتفاضة طلاب 2013، يأمل أصحابها أن تكون شرارة لثورة جديدة تستكمل ما بدأته ثورة 25 يناير، وتواجه سطوة انقلاب، أم أنها انتفاضة لن تلبث أن تصبح هي الأخرى في طي النسيان، والكتمان؟!.