جماعة الإخوان التي حلها قضاء الانقلاب، ، عمرها 85 عاما (1928م )، عاشت منها تحت مقاصل الحظر 51 عاما، وعاشت بدون حظر 34 عاما، وفي سنوات الحرية لاقت من التضييق والتنصت والتجسس وحرق المقرات مثلما لاقته خلال حظرها، وما جرى من اعتداءات على تلك الجماعة خلال حكم رئيس منها خير شاهد..
أي أنها عاشت طوال عمرها تحت الضغط والمطاردة والظلم.. مرشدها الأول ( الشيخ حسن البنا) لقي ربه شهيدا على يد حكومة إبراهيم عبد الهادي وبدعم من الملك فاروق، بعد الزج بأفراد الجماعة في السجون؛ عقابا للجماعة على جهادها لتحرير فلسطين، حتى كادت تحررها من الصهاينة، ومرشدوها السبعة بعد البنا تعرضوا للسجن المؤبد في عهد عبد الناصر، ومحاكمات عسكرية في عهد مبارك، ومرشدها الحالي (د. بديع) قتلوا نجله وكسروا سنة من أسنانه، وأهانوه ثم ألقوا به مع المرشد السابق عليه (مهدي عاكف) في غياهب السجون، مع الآلاف من قادة الجماعة.
هي تاريخ طويل من التضحيات والجهاد في سبيل دين الله سبحانه وتعالى، ولو كانت تسعى لدنيا أو مال أو مكاسب لوافقت أنظمة الحكم المتعاقبة من عهد فاروق حتى العهد الانقلابي الحالي على ما عرضوه من صفقات دنيوية، لكنها فضلت السجن والشنق على المساومة على وطنها ودينها ومبادئها… لم تعط الدنية في وطنيتها ولا شرعيتها ولا دينها!.
قل لي بربك.. جماعة تقاسي الأهوال على مدى خمسة وثمانين عاما، وسقط منها عشرات الشهداء على أعواد مشانق الطغاة، وآلاف الشهداء برصاص الانقلاب، وسجن منها على مدى التاريخ مئات الآلاف وهم خيرة أبناء مصر، وشتت أسر، وخربت بيوت، وصودرت أموال.. هل تلك جماعة كل غايتها الحكم أو المنافع… أي عقل هذا يصدق أن شخصا يضحي بحياته من أجل أن يحكم أو يحقق منافع؟ لا شك أن هناك غاية أكبر وهدفا أسمى، هو تحرير مصر من سلطان الأجنبي الغربي الصهيوني، وتحرير شعب مصر من الطغاة الجبابرة الذين يحكمونه بالحديد والنار .. لكن البلهاء لا يدركون.
جماعة الإخوان التي عاشت معظم عمرها محظورة، موجودة اليوم في غالبية قرى ونجوع وشوارع مصر، وفي كل بيت تقريبا.. موجودة في أكثر من ثمانين دولة وفق تصريحات مسئوليها.. عاشت خلف القضبان، وعلقت على المشانق، وسفك دماؤها في الشوارع والميادين، وما زالت تشق طريقها في كنف الله وبكل ثبات، وخرجت من كل المحن أصلب عودا وأكثر تماسكا وأوسع انتشارا، بينما ذهب سماسرة الاستعمار وجلادوها إلى مزبلة التاريخ.