لا أعلم لماذا اختار مصطفى حجازى الملقب بـ"المستشار السياسى للرئيس" أن يشبه الفريق السيسى بالجنرال الأمريكى إيزنهاور، ويقارن -فى حوار مع صحيفة (التليجراف) البريطانية أمس الأول الجمعة- بين ما يفعله الفريق السيسى حاليا بعد الانقلاب العسكرى، وبين الجنرال والرئيس الأمريكى دوايت إيزنهاور، قائلا: إن "السيسى قد يصبح إيزنهاور مصر فى النهاية"؟!.
هل لأن السيسى عزل الرئيس المنتخب محمد مرسى، مثلما فعل إيزنهاور وخلع رئيس الوزراء الإيرانى المنتخب محمد مصدق عام 1953 بعملية استخبارية مشتركة بين مخابرات أمريكا وبريطانيا (عملية أجاكس)؟، أم لأن (المكارثية) – وهى اتجاه سياسى إقصائى رجعى لمعارضى السلطة من القوى السياسية الأخرى- انتشرت فى عهد إيزنهاور، كما تنتشر حاليا بعد الانقلاب مكارثية أو فوبيا معادية لكل ما هو إسلامى،تبارك إقصاء واعتقال وقتل الإسلاميين؟ أم لأن إيزنهاور أجبر إسرائيل وبريطانيا وفرنسا على إنهاء عدوانهم على مصر 1956، ليس حبا فى مصر بالطبع وإنما لمنع الاتحاد السوفيتى من انتهاز الفرصة ومد نفوذه لمنطقة الشرق الأوسط، وكان مشروعه (مبدأ إيزنهاور) يهدف إلى حلول أمريكا وملئها الفراغ الاستعمارى فى المنطقة العربية بدلا من إنجلترا وفرنسا؟!.
ما أعرفه – حسب تدوينة كتبها المحامى عصام سلطان قبل اعتقاله وسجنه ـ أن مصطفى حجازى كان يدّعى أنه مع ثورة 25 يناير، وأنه قدم ورقة لـ"مجموعة التوافق" التى كانت تجتمع بمقر حزب الوسط بالقصر العينى منهم: عبد الغفار شكر وأحمد بهاء شعبان وأمين اسكندر وهانى عنان وجورج إسحق وسيد عبد الستار ومحمد السعيد إدريس حول التغيير فى مصر تحت عنوان (البديل الآمن) لحل أزمة مصر.
هذه الورقة – التى كتبها حجازى- انطلقت من ثلاثة أسباب رئيسية؛ قال: إنها وراء أزمة مصر.. فما هى؟ قال: (السبب الأول) هو حكم العسكر! و(السبب الثانى) هو رجال الدين الرسميين مسلمين ومسيحيين الذين يسيرون فى ركب العسكر!، و(السبب الثالث) هو النخبة المتغربة، وكان يقصد تحديدا الدكتور البرادعى.. فماذا حدث بعد هذا؟!
فى أعقاب الانقلاب العسكرى رحب مصطفى حجازى بتعيينه مستشارا سياسيا للرئيس المؤقت الذى جاء به الانقلاب، مع أن هذا الانقلاب أعاد حكم العسكر!، كما أن قرار السيسى بالانقلاب جاء بمباركة رجال الدين الرسميين، الشيخ الطيب والبابا تواضروس!، كما عين البرادعى (المتغرب) نائبا للرئيس وتعاون معه حجازى،بينما رحب باعتقال وسجن زملائه فى حزب الوسط الذين فتحوا له الباب لدخول الحياة السياسية ولم يكن معروفا لأحد من قبل!!.
المسألة لا تحتاج إلى تفسير لتقلب مواقف الدكتور حجازى، وأكتفى هنا بما كتبه عصام سلطان قبل اعتقاله،وهو يسمع تصريحات مصطفى حجازى بعد تعيينه ضمن سلطة الانقلاب، حيث يقول سلطان: "فوجئت اليوم بمصطفى وهو يتكلم.. بنفس الطريقة.. وبذات الأسلوب.. الذى كان يتكلم به معنا.. ولكن على الوش التانى(!).. إن مصطفى لم يعد إلى بيته من ساعة الانقلاب.. مصطفى الآن فى الوحل".
قبل هذا خرج مصطفى حجازى ليقول على تويتر: إن مصر تواجه "حرب استنزاف" جديدة بدأت منذ 12 فبراير2011؛ اليوم الذى تلى تنحى مبارك، عن منصبه؟! وأن الحرب تُخاض مع عدو "منا وفينا"؟!، وكأنه يقول ضمنا أنه ضد ثورة 25 يناير، وأن الثوار كلهم هم العدو بعد الانقلاب!!
"المكارثية" أو (لغة الإقصاء) ظهرت بوضوح فى هذا الحوار الذى أجراه مصطفى حجازى مع (تليجراف) عندما اعتبر أن المصالحة التى يتصورها مع معارضى الانقلاب خصوصا الإخوان، هى بعزلهم سياسيا وحرمانهم من الحياة السياسية، وظهرت من قبل فى حواره مع قناة (سى إن إن) عندما اعتبر عزل الرئيس المنتخب محمد مرسى بالانقلاب العسكرى "أسلوب ديمقراطى خلاق"!!، ووصف اعتقال مرشد جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع بأنه "انتصار" لمنطق القانون، وقوله "إن الإسلام السياسى ينبغى أن ينظر إليه كأيديولوجية فاشلة"!!.
أما أغرب ما سمعته على لسان حجازى -المفترض أنه يقدم نصائح سياسية لسلطة الانقلاب تسير عليها، وكان عداؤه لحكم العسكر هو مبرر قبوله ضمن القوى الثورية التى ظهرت قبل ثورة 25 يناير- فهو تبريره لترشيح الفريق السيسى رئيسا لمصر وقوله: "لو لم تظهر القيادة الصحيحة بمرور الوقت حتى إجراء الانتخابات الرئاسية فربما يضطلع هو (السيسى) للقيام بهذا الدور"!؟.