حين خرج المصريون في ثورة في يناير 2011 منادين بالحرية والعدالة الاجتماعية، طالبوا بإلغاء حالة الطوارئ، تلك الحالة التي تعامل معها الناس باعتبارها قانوناً، حبس أنفاس المصريين وكبل أياديهم على مدار عقود ثلاث هي مدة حكم مبارك، حالة أو «قانون»، كانت تتجدد من تلقاء نفسها، وعندما ظن المصريون أن طوارئ مبارك قد ذهبت دون رجعة، جاء الانقلاب ليعيد إليهم أكثر ما تميز به عصر مبارك .. الطوارئ.. بل وأعاد للمصرين أبرز ما كانت تتميز به طوارئ مبارك … قانون في شكل حالة!!.
فمع صدور قرار الرئاسة المعينة من قبل الجيش، بمد حالة الطوارئ لشهرين آخرين بعد انتهاء المدة المحددة سلفاً، وهي شهر من تاريخ 14 أغسطس الماضي، تكون مصر قد عادت أدراجها قبل الخامس والعشرين من يناير 2011، حين كانت الطوارئ، قانون، يتعامل معه المصريون كأنه شيء عادي ومألوف، حتى أنهم لم يكن لديهم معرفة بميعاد تجديد هذه الحالة التي ارتقت لقانون، سوى في السنوات القليلة السابقة على الثورة، والتي احتشد فيها نواب المعارضة سواء من الإخوان أو التيارات اليسارية والليبرالية احتجاجاً على مد العمل بالطوارئ، إذ كان يتم هذا الاحتشاد سنوياً قبيل انتهاء الدورة البرلمانية، وتحديداً في شهر مايو، وهو الحشد الذي لم يكن يؤتي ثماره، بسبب السيطرة الطاغية لنواب الحزب الوطني «الموافقون» على المد.
مؤيدو القرار من الانقلابيين، حاولوا تبرير استمرار حالة الطوارئ، والتي كانوا يعترضون عليها بالأمس، حيث حملوا جماعة الإخوان مسئولية استمرار الطوارئ نظراً لأعمال العنف والإرهاب التي تشهدها البلاد والتي تقف وراءها الجماعة، حيث رأى حزب الوفد على لسان عصام شيحة عضو الهيئة العليا للحزب أن القرار طبيعي ويتناسب مع المرحلة الأمنية التي تمر بها البلاد خاصة في ظل الأعمال الإرهابية التي تحدث في الشارع المصري.
كما رحب حزب النور بقرار مد الطوارئ، واصفاً إياه بالحل المناسب في إطار استكمال خطوات عبور الأزمة.
إلا أن حزب الدستور، أحد الأحزاب التي ايدت الانقلاب، كان له رأي مغاير، إذ اعتبر أن هذا القرار يمثل خطوة خاطئة قد تهدد مسيرة الدولة المدنية.
وقال أحمد دراج وكيل مؤسسي الحزب إن هذت القرار مرفوض لأنه سيعيد مصر إلى الوراء، مشيراً إلى أنه كان من المفترض انتهاء شهر الطوارئ الأول ثم دراسة الأمر واتخاذ قرار بالأفضل.
وبعيداً عن الرفض والترحاب، ما تزال صور عصر مبارك المليئة بالانتهاكات عالقة بأذهان أولئك الذين تحدوا قبضته الأمنية والذين تواروا اليوم عن الأنظار بعد أن لاحقتهم تهم العمالة والخيانة والموجهة إليهم من قبل الانقلاب والانقلابيين، هذا فضلاً عن الآلاف القابعين في سجون نظام مبارك، التي أعادت فتح أبوابها من جديد لاستقبال رافضي الانقلاب العسكري.. ليصبح لسان من بداخلها ومن خارجها يقول «أهلاً بمعركة جديدة من النضال من أجل الحرية».