ملامح تخطت الستين في جسد شاب عشريني السن، وجوه وردية بدت أقرب للذبول يجلس إحداهم يسترجع بذاكرته أحلام زهرية نسجها مع صيحات التهليل بنجاحهم في ثورتهم على المخلوع في ميدان التحرير في 18 فبرايل 2011، أحلام روادته بالحرية والعدالة، طموح بانقشاع الظلم، وزوال القهر، وأمل في وطن يحترمه ويزكي قدراته، تطلع لشوارع نظيفة وشعب متكاتف، ولكن؛ سرعان ما تبخرت هذه الأحلام بعد 3 أعوام علي الثورة ليكتشف أن الخيوط التي نسجها، كانت خيوط عنكبوت وإن أوهن الخيوط لخيط العنكبوت.
هذا حال غالبية الشباب المصري، ليس ممن يؤيد شرعية الرئيس محمد مرسي ويسمي ما حدث في 3 يوليو بالانقلاب العسكري فقط، بل لسان حال مؤيدي تظاهرات 30 يونيو والذين اعتبروها موجة تصحيحة لثورة 25 يناير!
وفي هذا التقرير تحاول "رصد" نقل نبض الشباب ورؤيتهم للمستقبل وآمالهم وطموحاتهم في ظل الانقلاب العسكري.
بداية يقول طارق(27) عام : " كنت أنظر لأبني الصغير بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير وأنا سعيد لأنه حان الوقت بأن يحصل علي تعليم أفضل مما تلقيته ومستقبل أحسن حالاً مني لكني أنظر إليه وأريد أن أبكي".
وحين سألت علياء (23 )عن نظرتها للمستقبل وطموحها بعد التخرج بادرتني متعجبة عن أي طموح اتحدث! ، فعلياء لا تدري للمستقبل معالم ولا لتصرفها معه طريق خالي من الأشواك، فطريق المظاهرات بالنسبة لها يؤدي إلي الاستشهاد أو الاعتقال وهو الطريق الذي لن تتخلي فيه عن حق أصداقئها ومعارفها ممن استشهدوا بدم بارد من قاتليهم لكنها تري الاستشهاد أمر ممكن أما الاعتقال فصعب عليها تحمله.
من زاوية أخري تري أن الجلوس "في حالها" والبحث عن الوظيفة والدخول في مشروع زواج خيار أكثر سوءً لما به من ذل و مهانة وظلم، ضياع للحقوق بحسب قولها.
وتقول علياء:" شتان بين هذا الشعور والشعور بعد ثورة 25 فقد كانت الفرحة لا تسعني وكنت أري ذلك نهاية للذل والخيانة والاعتقالات ..الآن لا يوجد آمان، و لا إنسانية، لا أشعر أن هذا الوطن وطني ولا هذا الشعب أهلي..بعد ثورة يناير كنت أشعر إني أحب كل الناس، أم الآن أتجول بالشوارع وأري كل من يؤيد "السيسي" غرقان بدم أصحابي".
أما محمد نصر، ثالثة هندسة جامعة المنوفية، يقول:" أنا طموحي كان بعد تنحي مبارك هو إني أكون عالم، وعملت بحث وبدأت علي أول الطريق ولكن منذ الانقلاب "توقف الزمن بالنسبة لكل أبحاثي" لعدة أسباب منها الحظر والاعتقال ومنها أننا ظللنا تحت حكم العسكر 60 سنة وترتيبنا العلمي علي مستوي العالم لا يذكر ، وإذا كان عندي أمل سيكون من المستحيل تحقيقه الآن.
وبطرح نفس السؤال علي هبة فاروق – فتاة عشيرينة – اكتفت بهذه الجملة ولم تستكمل الحديث "عاوزة أخر برا البلد".
أما هالة حافظ (24) عام، و إحدي المؤيدات لتظاهرات 30 يونيو ضد الرئيس مرسي تري أنها مثلها كباقي الشباب تمتلك طموح كبير جدًا تتمني تحقيقة وتتمني تحسن الأوضاع لكنها لاتري تتدهور أحوال البلد على كافة المستويات .
وتقول هالة "لدي أصحاب كتير سافروا في الدول العربية الكويت والإمارات وصديقة سافرت السويد وحققت طموحها في مدة وجيزة جدًا في الوقت الذي لا أستطيع فيه تحقيق أي شىء، فالمناخ الذي أعيش فيه لا يساعد علي الإبداع أو أو الابتكار أو العمل".
واستطردت هالة :"المناخ سام سواء إعلامي أو سياسي أو إقتصادي أو علمي، مناخ لوث افكارنا، مناخ صعٌب علينا أشياء كثيرة، ليست نظرة تشاؤمية لكنه الواقع، وأتمنى لمصر كل خير وتقدم وإن كنت متوقعه إنها ستظل كما هي إن لم تكن أسوء!"
وفي محاولة للبحث عن رأي إيجابي يقدم بصيص من أمل في ظل لوحة قاتمة لم أجد سوي ما قالته خديجة 27 عام :" حلمي أكسر الانقلاب حتي استطيع أحلم لحياتي و لنفسي لأني فعلا لا استطيع أحلم بأي تقدم على المستوى الخاص و العام في ظل الانقلاب و رجوع الظلم و القمع مرة أخري".