شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

توقيت ضرب أمريكا لسوريا مصالح أم مبادئ؟! ـ 2 : 4

توقيت ضرب أمريكا لسوريا مصالح أم مبادئ؟! ـ 2 : 4
   و أُقدِّم  هنا مدخلا سريعا مفاده أن د.محمد مرسي رئيس جمهورية مصر حدثني في لقاء أوائلَ يونيو 2013م أنه...

 

 و أُقدِّم  هنا مدخلا سريعا مفاده أن د.محمد مرسي رئيس جمهورية مصر حدثني في لقاء أوائلَ يونيو 2013م أنه رفض 3 مرات طلب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ضرب أمريكا لسوريا؛ لأنه توقع ضرب الجيش والشعب السوري معا دون المساس ببشار ونظامه، وذلك خشية نجاح المقاومة، فيسيطرون على السلاح السوري، ويتحقق الخطر على بني صهيون، ونكون قد هدمنا الجيش السوري القوي، وأنهكنا الشعب السوري، ولم نحقق مصلحة لسوريا ولا الأمة العربية بل المصلحة العليا لإسرائيل فقط، وهذه أهم مصلحة للغرب كله.

أما الجوانب التي تؤكد أن ضرب سوريا الآن هي مصالح لهم لا مبادئ وقيم الإنسانية فمنها ما يلي:

 

1. منذ سنتين ونصف قتل جزار الأسد وشبيحته في سوريا فوق ال200ألف، وليس كما يعلن 100ألف، وجَرح قرابة المليون، وشَرَّد خارج سوريا ثلاثة ملايين، وشرَّد في الداخل سبعة ملايين، وحطم جزار الأسد كل مقومات البلد فلماذا الآن برز الملف السوري على السطح؟! هل لأجل المبادئ أم المصالح؟!

 

2.  إن حوادث القتل بالكيماوي حدثت بسوريا من قبل 63 مرة، وهي – رغم بشاعتها – أكثر رحمة للفريسة من القتل بالمنشار الكهربائى، كما رأينا مرارا، والأكثر بشاعة هو هتك عرض البنت والزوجة والأم والأخت أمام الآباء والأبناء والأزواج والإخوة، وبعد هتك العرض تقتل الفريسة وأهلها بعد تناوب الأعداد الغفيرة على المسكينة التي لم تجد عربيا شهما في النظام العربي أو الإسلامي أو الإنساني ينقذها، وكل حالة قتلت لها قصة ليست فقط مؤلمة بل مهينة للكيان الإنساني، وكلنا رأى وسمع عن سلخ الجلود وقطع الأعضاء التناسلية للرجال، وفصل الرؤوس عن الأجساد ذبحا مرة بالسكين وأخرى بالمنشار

وقد زرت – مع وفد من رابطة علماء أهل السنة – اللاجئين السوريين بالأردن في مخيم بالرمثة على الحدود مع سوريا من ناحية درعا، فقال أحد اللاجئين: قتلوا ولدي أمامي بالرصاص لأنه فقط هتف بعد صلاة الجمعة مع الكثير مستعدين للخروج سلميا بعد الصلاة، ودفنتُ ولدي، وفي الجمعة التالية خرج ولدي الثاني بعد الصلاة مع الشباب، وأمسكه شبيحة الأسد وذبحوه بالسكين أمامي كالنعاج، وقالوا نحن تكرَّمنا عليك الأسبوع الماضي فسلّمناك جثة أخيه لكنا اليوم لن نعطيك الجثة بل سنأخذه لنقطعه إربًا ونرميه في القمامة؛ لتكونوا عبرة لغيركم.

لكن الشعب السوري الأبي تحدى أهل العار والشنار والمنشار وضرب الكيماوي والنار وأكمل المشوار، ولو ذكرت شواهد محدودة فلا يكفيني سِفر كامل لهذه المخازي الرهيبة التي قام بها جزار الأسد، مما يوجب – من الأيام الأولى – تحركًا عمليًا حربيًا للجامعة والجيوش العربية، والأحلاف العسكرية وهيئة الأمم لو كانت لها مبادئ عربية أو إسلامية أو حتى إنسانية.

3.  يجب أن يكون ردع الظالم مع أول استغاثة كما كان العرب في الجاهلية يدينون بقول الشاعر قريط بن أنيف:

قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم        قاموا إليه زرافات ووحدانا

   لا يسألون أخاهم حين يندبهم         في النائبات على ما قال برهانا

والأمر يشبه في إغاثة الملهوف ونجدة الضعيف مثل المصاب في حادث يحتاج إلى طبيب لوقف النزيف المنهمر فورًا،  فليس من المعقول أن يترك الطبيبُ المصابَ ينزف  حتى يموت ثم يأتي الطبيب ليكتب شهادة الوفاة، أو قبل الموت ليكون مشلولا مدى الحياة!!!

والسؤال الهام جدا لماذا فجأة انتفض الأطباء النبلاء في أمريكا وبريطانيا وفرنسا والأحلاف لضرب سوريا؟

هل هذا شهامة لإنقاذ الغلابة المستضعفين في سوريا؟ فلماذا كانت الشهامة في إجازة طوال سنتين ونصف؟!!! فلو كانت المسألة متعلقة بالمبادئ لدى أمريكا أو بريطانيا والحلفاء أو ما يسمى بالمجتمع الدولي لتحرك ضمير العالم منذ صرخات الأطفال والنساء والشباب والعجزة منذ شهر مارس 2011م لكن أصحاب المبادئ والقيم لا يصابون بحالة من تخدير الوعي الأخلاقي، ثم تحدث لهم إفاقة مفاجئة فينتصرون للغلابة، ربما جاءوا – في زعمهم – لكتابة شهادة الوفاة للثورة السورية بكل نبوغها وتضحياتها.

 

4- هل الكارثة في القتل بالكيماوي أنه كبير عدديا هذه المرة؟ والجواب لا يمكن طبعا، لأن هناك أياما سوداء وليالي ظلماء قُتل فيها أكثر من ألف وخمسمائة، وأقسم لي أحد العلماء السوريين فقال: والله، لقد كانوا يقولون في القنوات قُتل في قريتنا خمسون، وبيدي مع جيراني دفنَّا في اليوم نفسه ثلاثمائة، ودفنّا بعض الشهداء في أماكنهم لأن الشبيحة كانوا يتربّصون بنا، وما الفرق بين أن تقتل ألفا دفعة واحدة أو على ثلاثة أيام متفرقة؟! العرب تقول: تعددت الأسباب والموت واحد.

 

5- هل يئست الجامعة العربية من تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك منذ بدئها، ومنظمة التعاون الإسلامي منذ تأسيسها، والأنطمة العربية من الحلول السياسية أو العسكرية في سوريا فقدمت شكوى لمجلس الأمن وهيئة الأمم فسارعوا لنجدة أهلنا المظلومين في سوريا؟ طبعا لا، فأمريكا وحلفاؤها هذه المرة لا تنتظر قرار هيئة الأمم ولا مجلس الأمن والبند السابع ولا العاشر، وإنما الأمر يبدو من خلال تحليلي القادم هو خطة أمريكية لأجل مصالحها مع الصهاينة لا الغلابة في سوريا.

 

6- هل يفترق الإنسان في مصر عن سوريا؟! وفيهما عن فلسطين أو العراق أو أفغانستان أو بورما أو السودان أو الصومال أو …. ؟! فلماذا لم يتحرك المجتمع الدولي وأمريكا وحلفاؤها نحو ردع الانقلابيين بمصر الذين قتلوا في الأسبوع نفسه على الأقل 5000 وأصيب 15000 بطريقة بشعة جدا فيها قتل وحرق للجثث وتجريف لها ضمن القمامة، و…. ؟! ولماذا لم يتحرك هذا الضمير المخدر إلى اليوم، مع أن الأعداد أكثر وطريقة القتل أبشع، فما الفرق بين قتلى مصر وسوريا عند أصحاب المبادئ الإنسانية؟!!!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة

 


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023