رياح الخماسين الإنقلابية بدأت تهب على تونس ، وكما كانت البداية فى مصر من خلال تحركات النخبة العلمانية والليبراليين الجدد داخليا من خلال تسفيه وتشويه أى إنجازات وبمساعدة آلة إعلامية تقوم بشيطنة التيار الإسلامى وتخص الاخوان المسلمين وبمساعدة ميليشيات البلطجية التى صنعها النظام السابق لتثبيت اركانه ، وخارجيا من خلال عرض هذه النخبة لنفسها على الغرب كبديل مطيع بل وجاهز لتقديم خدمات مسبقة تؤدى لاستقرار مصالح الغرب والذى لايعنيه إلا استقرار مصالحه فى المنطقة حتى لايتأثر طفله المدلل القابع فى وسط المنطقة .
إن الوضع التونسى رغم أنه كان الأقرب لتطبيق النموذج التركى العلماسلامى إلا أن النخب العلمانية لن ترضى عن تكرار التجربة لأن المسحة الإسلامية فى ذاتها إشكالية كبرى لديهم إذ أنها تدغدغ مشاعر العامة وتقوض ماتصبو اليه هذه النخب من محو هذه الهوية بالكلية .
ان حركة النهضة التونسية حاولت مرارا قولا وعملا أن تبعث برسائلها شرقا وغربا ، داخليا وخارجيا مؤكدة على التزامها العلماسلامية وفى بعض الأحيان بحذف النصف الثانى من المصطلح ، متخذة فى ذلك خطى كثيرة من تهميش القوى الإسلامية التى انتهجت المسار السياسى بل ومبعدة إياها عن الساحة ، ومناصبة العداء الصريح للقوى التى لاترى المسار السياسى مطلقا وترفض مصطلح الديمقراطية شكلاً وموضوعا .
أن سيناريو التمرد المدعوم أمريكيا وإماراتياً سيكون مختلفاً فى الحالة التونسية ؛ فتونس البلد الصغير يكفيه اغتيالين سياسيين أو ثلاثة على الأكثر مع قلاقل مع بعض التيارات الإسلامية لتظل فى الحالة الهلامية لللا دولة ، ثم سيتطور الأمر إلى ليبيا المتأججة أصلاً وهكذا حتى نعود للشتاء أو للصقيع العربى .
إن نجاح الإنقلاب الدموى فى مصر هو أول مؤشرات عودة عقارب الساعة للوراء لتتوقف عند شتاء قارس قد يستمر عقوداً كثيرة وقد لاينقشع بربيع إلا بعد مئات السنوات ، ولكن إسقاط الإنقلاب يجعلها لاتعدو خماسين بإذن الله لتشرق شمس الربيع وتتفتح أزهاره ولكنها ستكون شمس ربيع الحرية على المنطقة كلها ؛ وهذا ما يقض مضاجع حكام عرب
يحاولون جاهدين مقاومة هذا التحول الموسمى ، ويساندهم فى ذلك العم سام الذى يضغط بكل قوة حتى تتوقف الحياة فى المنطقة عند حالة الصقيع ولو تطلب منه ذلك استمطار السماء شتاءاً قارساً ، ورياح محملة بأمثال البرادعى وأمثاله ؛ فتجربة الفوضى الخلاقة التى رأها الغرب متماهية مع الربيع العربى وظن أنها التجربة المطلوبة للتغير بالمحافظة على مصالحه واستقرارها قد أتت بما لاتشتهى سفنه من تصدر للتيار الإسلامى .
لذا فالتعويل على الحراك الغربى هو الوهن بعينه ؛ إنما بعد فضل الله تعالى نجد أن الحشود الهادرة هى العنصر الأساسى والأصيل لانقشاع هذا الإنقلاب الذى بات فى حكم الميت إكلينيكا وهو فى انتظار الطبيب ليرفع عنه جهاز التنفس الصناعى ، وهذا يضع رقاب الإنقلابيين فى مهب رياح الثورة
مما سيجعلهم فى الأيام القليلة القادمة يقومون بأعمال متهورة وأخطاء كثيرة ، وهذا ماسيجعل الأسياد فى الغرب يفكرون فى تغيير الوجوه سريعا ، فيجب ألا ينخدع الثوار بمثل هذه المناورات ، فالميدان الميدان ياشباب الصحوة .
وأخيراً رسالة لشرفاء تونس : هل تعلمتم من أخطاء اخوانكم فى مصر ، أدركوا المرحلة الفارقة .
ورسالة لكل العرب : الربيع قادم رغم الشتاء الطويل والبداية من إنتهاء خماسين انقلاب مصر .