الجندية شرف و رجولة .. عبارة تملأ جدران العديد من الوحدات العسكرية و مراكز التدريب الخاصة بالقوات المسلحة . هذه العبارة ضرورية جدا لأن الجندي المقبل على قضاء عام أو عامان من عمره في ظل إتفاقية سلام مع العدو الرئيسي لبلاده يعلم جيدا أن هذا العام لن يضيف كثيرا لوطنه . ربما تمس هذه العبارة جزءا ما من قلبه لتثير حماسة مايفتقدها هذا الشاب لكل ما يتعلق بوطنه في عهد قتل الإنتماء داخله . هذا الجندي الذي ينظر إلى فترة تجنيده في عهد المخلوع و كأنها فترة إعتقال إجباري ينتظر أي بصيص أمل وسط النفق المظلم و قد تصور عباقرة الشئون المعنوية أن هذه العبارة تمثل هذا البصيص . أبشر يا رجل – هكذا تقول العبارة – و لا تأبه لأي إهانات قد تلقاها على يد الضباط و صف الضباط فهذه ضريبة الشرف العظيم الذي ستحمله .. شرف الجندية و انت رجل و تستحق ذلك .
لكن ما حدث أخيرا أمام نادي الحرس الجمهوري قد غير الكثير من المفاهيم , فلم تعد الجندية شرفا و إنما صارت .. قتلا . لم تعد الجندية رجولة .. و إنما أصبحت عبودية تعني تنفيذ الأوامر و لو كانت إجراما في حق المصريين . و لو وصل هذا الإجرام إلى حد قتل المصريين بدم بارد بالرصاص الحي . لم تعد الجندية تعني الدفاع عن الوطن و غنما إرهاب بني الوطن لحساب القوى الدولية لو خالفت إرادتهم رغبة هذه القوى . أصبحت تعني إغلاق الطرقات و مداخل القاهرة في وجه المؤيدين لشرعية الرئيس الشرعي المنتخب تنفيذا لأوامر من إنقلبوا على هذا الرئيس . أصبحت تعني إطلاق النار على زميل رفض إطلاق النار على المعتصمين السلميين و إعتقال آخر كأسير حرب . أصبحت الجندية في زمن عملاء أمريكا و أبطال إسرائيل تعني أشياء عديدة و لكنها بعيدة للغاية عن الشرف و الرجولة . لقد شاهد العالم كله صور الجنود الذين أطلقوا النار على المعتصمين السلميين و الضابط الذي قنص الصحفي الذي كان يصوره و القتلى الذين وصل عددهم إلى المائة و لم يعد الأمر قابلا للإخفاء و يجب مواجهته بكل ما يرسيه من حقائق . و إحدى هذه الحقائق المهمة أن القاتل كالصامت على ما حدث و هذا يعني أن مرض العبودية قد إستشرى فلو كان بهذا الجيش أحرارا مانتظروا كل هذا الوقت ليزيحوا السيسي بعدما رأوا دماء المصريين في الشارع.
إن الواجب على الشعب المصري أن يتساءل بكل جدية و بغض النظر عن موقفه من الرئيس المنتخب الدكتور مرسي عن الوسيلة التي يتم بها صنع جندي قادر على إطلاق النار على إخوانه المصريين العزل السلميين . يجب أن يتساءلوا كيف تنفق القوات المسلحة أموالهم التي دفعوها في صورة ضرائب لتدريب جنود تكون مهمتهم قتلهم إذا خرجوا ضد إنقلاب عسكري على الشرعية المنتخبة ؟ . يجب أن يتساءل المصريين كيف يتم تدمير شخصية أبنائهم و مروءتهم بهذه الصورة داخل مراكز التدريب و الوحدات العسكرية ؟ لقد وصل الأمر إلى قتل النساء و الأطفال و صار الناس يقارنون بين جنودنا و الجنود الصهاينة و هذا يعني أن الوضع خطير جدا . ثم هل يضحي أبناؤهم بهذه السنين من أعمارهم لخدمة الوطن أم لخدمة أهداف القيادات الفاسدة التي إ تخدم بدورها أهداف أعداء الوطن ؟ إن السابقة الخطيرة التي جرت و المتمثلة في إطلاق جنود مصريين النالر على مصريين مدنيين عزل تثير أسئلة خطيرة جدا يجب الإجابة عليها و تشير أيضا إلى خطورة بقاء السيطرة الأمريكية على الجيش المصري من خلال قادة تابعين لها . لقد تحول الجيش المصري الذي حاول عدة قادة سابقين المحافظة على صورته قدر الإمكان من جيش يدافع عن المصريين إلى جيش يقتل المصريين و يقمعهم .كيف يمكن لأي شاب مصري الآن أن يقبل على التجند في هذا الجيش الذ رآه يقتل إخوانه أمام عدسات الكاميرات ؟ إن الشباب لهم دور في المشاركة في عملية تحرير مصر من سيطرة العسكر حاليا بمقاطعة إدارات التجنيد حتى يتراجع الجيش عن الإنقلاب الحالي ضد ارئيس المنتخب. إن الإنتفاضة الحالية ليس الهدف منها فقط إستعادة الشرعية و لكن أيضا إستعادة جيشنا الذي سرق منا .