اوضحت دراسة بريطانية عن أن نحو 5 ملايين أسرة في بريطانيا تعتمد الآن على الاقتراض أو السحب من مدخراتها السابقة لتغطية تكاليف احتياجاتها الغذائية الشهرية، ما يشير إلى أن هذه الأسر أصبحت تقترب يوما بعد آخر من حافة " الانهيار المالي"
فيما مثلت تلك النتائج المعلنة قلقا للعديد من الدوائر السياسية والاقتصادية البريطانية. فهي تكشف إلى حد كبير الآثار السلبية لسياسة التقشف الاقتصادي التي يتبناها التحالف الحاكم في المملكة المتحدة، الأمر الذي يمكن المعارضة من امتلاك وسيلة أكبر للتعبئة الشعبية ضد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون
هانس نيل محلل اقتصادي وأحد أعضاء حزب العمال المعارض يعتبر أن الأرقام، التي كشفت عنها الدراسة التي أعدتها مجموعة "ويتش" الاستهلاكية ترفع النقاب عن حجم المأزق الاقتصادي الراهن
وحسبما ذكرت الاقتصادية فان أسرة من كل خمس أسر محل البحث أكدت أن دخلها الشهري عجز عن تغطية فاتورة الغذاء في شهر نيسان (أبريل)، وهذا يعني أنهم اضطروا إلى استخدام بطاقات الائتمان، والسحب على المكشوف أو الاقتراض أو اللجوء لمدخراتهم حتى يتمكنوا من سداد الفاتورة الغذائية
ويضيف "الأمر يتجاوز الأبعاد الاقتصادية، بل له أيضا أبعاد مستقبلية مهمة، فهذه الأسر بالطبع ستقلص حجم استهلاكها الغذائي إلى أدنى مستوى، وستلجأ لتناول أنواع من الأطعمة الأقل جودة، أو الرديئة، وهذا سيعني انعكاسات على صحة المواطن البريطاني الآن ومستقبلا، ما سيرفع من تكلفة الميزانية الصحية للحكومة بدرجة أكبر، وهذا يعني عمليا أن سياسات الحكومة التقشفية غير مجدية
وتشير الدراسة إلى أن أكثر الأسر تضررا هي ما لا يتجاوز دخلها السنوي 21 ألف جنيه استرليني (123 ألف ريال سعودي سنويا)، وكذلك التي يتراوح أعمار أفرادها بين 30 و49 عاما، وأغلب الأسر في تلك الفئة العمرية لديهم أبناء. وأظهر البحث أن نحو 82 في المائة من أفراد تلك العائلات أعربوا عن قلقهم من الارتفاع المتواصل في أسعار المواد الغذائية، بينما أشار 52 في المائة منهم إلى أنهم لم يصبحوا قادرين على التكيف مع أسعار الغذاء الراهنة، معربين عن خشيتهم في الوقوع في مصيدة الديون
وكشفت مجموعة "ويتش" الاستهلاكية أن نحو 25 في المائة من العينة، التي اعتمدتها الدراسة صرحوا بأنهم لا يحيون بطريقة مريحة في ظل مستويات دخولهم الراهنة. وأن 36 في المائة يعتقد أن مستوى معيشتهم في تراجع
تعلق لـ "الاقتصادية" دكتورة الاقتصاد الجزئي في جامعة لندن مارجريت هينري على نتائج تلك الدراسة بالقول الدراسة اعتمدت على عينة من 2000 شخص من مختلف أنحاء المملكة المتحدة، ومن ثم فعدد أفراد العينة ليس بالعدد الكافي لإعطاء الملامح النهائية للعلاقة بين دخل الأسرة البريطانية وفاتورة استهلاكها الغذائي في ظل المستوى الحالي لأسعار المواد الغذائية، لكن مما لا شك فيه أنه يمكننا أن نستشف عددا من النتائج المهمة، وتضيف "المشكلة الأساسية أن الحكومة الراهنة ترمي لتقليص العجز الحالي في الميزانية العامة بخفض النفقات الحكومية، ونظريا ذلك سليم وصحيح، ولكن المشكلة أن هذا سيؤدي إلى خفض قدرة الأسرة على الإنفاق، ومن ثم سيتراجع الطلب الإجمالي في المجتمع، وستتأثر سلبا عملية الإنتاج، حيث إن المعروض من السلع لن يجد الطلب الكافي عليه، وهو ما يتجلى بوضوح في أن 31 في المائة من العينة محل الدراسة، أشاروا إلى أنهم خفضوا نفقاتهم وحصروها فقط في الأساسيات الضرورية للحياة، وهذا سيكون مؤشرا سلبيا للغاية، أضف لذلك ما أعرب عنه ثلثا العينة من قلقهم الشديد من انخفاض أسعار الفائدة الراهن على المدخرات، ما يعني أنهم سيكونون حريصين مستقبلا على كل جنيه يتم إنفاقه، ولذلك فإن الطلب الإجمالي في الاقتصاد البريطاني يمكن أن يتراجع بشدة"