هو ذات الطفل ذو الملابس الرثة المهلهلة، الذي غطت ملامح وجه أتربة الشوارع ، ذاك الطفل الذي يلفظه المجتمع دومًا، ربما تكون أشحت له يومًا بيدك من زجاج سيارتك وقلت له "يلا ياه امشي بعيد" أو وجدته يومً نائمًا على "فرشة المناديل" من كثرة التعب، سعيًا على قوت يومه وأخوته الصغار، أنه طفل الشارع الذي كبر واشتد عوده فحمل المولوتوف، وأخذ يلقيه عليك في تظاهرة تطالب بها يحقوك المشروعة، وفي مبادرة تكسر المألوف قامت مجموعة من الفتيات بكسر علاقة الازدراء والاشمئزاز بين المجتمع وطفل الشارع ليكون ضيف علي مائدتهم في أرقي المطاعم المشهورة!
"باب الجامعة" كان هذا المكان المرتقب لتجمع لؤه وفاطمة وصديقاتها، للخروج للتنزه وقضاء يوم في إحدي المطاعم الفاخرة، في ذات المكان كان يقف أشرف للتسول، تبادلوا أطراف الحديث معه، أخرج أشرف من جيبه بضعة جنيهات، وعرض عليهم الخروج معهم لأنه "جعان" ويحلم بوجبة "محترمة" بعد يوم من العمل .
ردت إحداهن ما رأيكم في أن نصطحبه معنا إلى المطعم، تسمر الباقين في مكانهم من جنون الفكرة وشئيًا فشيئًا أخذوا يتقبلوا الأمور وكأنهم قالوا في أنفسهم "ولم لا " وتذكروا نوايا إدخال السرور على قلب الطفل في محاولة لرسم البسمة على وجه أشرف، وكانت الخروجة.
تقول لؤه: أم أشرف تسرحه للتسول ومعه مناديل، لا ينبغي أن يعود إلى منزله إلا ومعه 60 جنيه إما لاقي سيل من الشتائم والضرب وصلت بأن والدته تحمي الملعقة على النار وتكوي بها جسده إذا لم يأتي بالمطلوب منه.
وتضيف لـ"رصد":- هو طفل ذكي جدًا "لمض" ، كان مفتقد جو العائلة، يريد أن يعرف كل شيء ويسبق سنه بكثير، قضينا يومًا جميل معه، تناولنا الطعام، وتحدثنا في السياسة ، وعن أسرته ومرض والده ، وقلنا له نريدك أن تصبح مهندس فكان رده "مش مهم ممكن اشتغل أي حاجة أهم حاجة ولادي يكون معاهم فلوس وما أخلهمش يشحتو زيي".
أنهي الفتيات يومهم وهم في غاية السعادة، لم يكن يتوقعوا أن وجود أشرف معهم سيحدث هذه التأثير الجميل في فسحتهم المعتادة، موقنين بأن الخير في داخل هؤلاء الأطفال لكن يحتاج من يخرجه ويعيد إلي هؤلاء الأطفال ثقتهم بمجتمع لا يبالي باحتقارهم والنفور منهم ليلخصوا انطباعهم عن اليوم فىي جملة "لو ده جنان ..أتجنن".
