اشتعل الرأس شيبًا ، امتلئ الوجه بتجاعيد الهرم ، بلغ من العمر عتيًا، لكن دماء الشباب لم يصبها من آثار الشيخوخة شيئًا ، فظلت متدفقة بعقل وقلب صاحب هذا الوصف ليغرس بذور الإرادة ، في نفوس كثيرة حطمها اليأس عندما قرر الحصول على درجة الدكتوراه في الرابعة والتسعين من عمره ودخل بذلك الصنيع موسوعة جينس العالمية.
أنه د. محمد فريد عبد الخالق أحد أعلام الحركة الإسلامية والشاهدين عليها منذ الأربعينيات ، ربما لم يذع صيته كعادة كثير من الرموز التي لا نعلم عنهم إلى حين يزورهم الموت مثلما زاره اليوم ، لكن الشهرة قد لا تغنى شيئًا ويظل الغنى في الصنيع الطيب وإن خفي عن الأنظار.
نشأ عبد الخالق نشأة ريفية بمدينة فاقوس بمحافظة الشرقية في الثلاثين من نوفمبر عام 1915 وتخرج من معهد التربية العالي عام 1936م، وجمع في دراسته العليا بين القانون والشريعة، والعلوم والرياضيات وحصل على الدكتوراه في الرابعة والتسعين من عمره في رسالة بعنوان "الاحتساب علي ذوي الجاه والسلطان".
مزج في حياته بين العلم والعمل الإسلامي حيث لقب بكاتِـم أسرار" جماعة الإخوان المسلمين التي يعتبر أحد مؤسسيها ويعتبر أحد "الآباء الرّوحيين" لشبابها .
عمل خطيبًا وشاعرًا وباحثًا ومفكرً، و جمع في دراسته العليا بين العلوم والرياضيات، والقانون والشريعة، حيث عمل بعد تخرجه مديرًا عاما لدار الكتب المصرية ودار الوثائق القومية ثم وكيلًا لوزارة الثقافة لشئونهم في السبعينات.
تولى الدكتور فريد أحد الأقسام المهمة في الجماعة وهو قسم الطلبة، ثم اختير عام 1948م عضوًا في الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين , كما كان عضوًا بمكتب الإرشاد، وسكرتيرًا لمؤسسها حسن البنا لفترة.
ومن أهم ما يوصف به هذا العلم الدور الذي لعبه في ثورة يوليو حيث كان صديقًا للرئيس الراحل "جمال عبد الناصر"، و هو الذي أبلغ المستشار "حسن الهضيبي"- المرشد العام للإخوان المسلمين وقتها- بموعد الثورة وحصل على تأييده وتأييد الإخوان للضباط الثوار.
تلقى الكثير من أحبابه وتلاميذه وإن اختلفت مواقفهم السياسية خبر نعيه اليوم بأسى شديد حيث نعاه الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، والمهندس أبو العلا ماضي -رئيس حزب الوسط -، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية.
وكعادة أي إنسان يرحل فارقنا د. فريد عبد الخالق بجسده لكن الصنيع بالطبع لم يرحل.
