شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

ننشر حيثيات حكم مذبحة بورسعيد

ننشر حيثيات حكم مذبحة بورسعيد
  أعلنت محكمة جنايات بورسعيد أسباب حكمها في واحده من كبري الأحداث المأساوية التي مرت بها مصر أحداث إستاد بورسعيد...

 

أعلنت محكمة جنايات بورسعيد أسباب حكمها في واحده من كبري الأحداث المأساوية التي مرت بها مصر أحداث إستاد بورسعيد التي راح ضحيتها نحو74 شابا وأصيب المئات  في أعقاب مباراة كرة القدم بين  ناديي الأهلي  والمصري وأدانت فيها المحكمة 45  متهما بعقوبات متفاوتة وبرأت 28 آخرين، حيث عاقبت 21  بالإعدام شنقا،  و المؤبد لـ 5 ، و السجن المشدد 15 عاما  لـ 10  بينهم  مدير أمن بورسعيد السابق ، ومدير شرطة المسطحات بالمحافظة،  و الذي كان مكلفا بخدمه بوابة المدرج الشرقي ،  ومسئول الإضاءة بالنادي المصري  والسجن 10 سنوات  لـ 6 والسجن 5 سنوات لمتهمان ، والحبس عام لمتهم.

 

وسطرت المحكمة برئاسة المستشار صبحي عبد المجيد،  الحيثيات في 177  ورقة استعرضت خلالها  وقائع القضية وما استندت إليه في أحكام الإدانة والبراءة.

 

واستهلت أسبابها مؤكدة  أن قضاء مصر الشامخ لم ولن يكون قضاء للثورات أو للأنظمة الحاكمة وإنما هو قضاء شعب مصر جميعه وسوف يذكر التاريخ  أن هذا القضاء هو الذي لملم أحشاء مصر خلال فترة الثورة كما حمي جيشها العظيم أبناء الوطن وحافظ علي سلامة أراضيه و تناولت الأسباب أهالي محافظة بورسعيد  ، مؤكدة أنه ما  أن علم  شعب بورسعيد الحر الأبي بالواقعة حتى هبوا علي بكرة أبيهم يجوبون الشوارع  والميادين للبحث عن هؤلاء الجناة العتاة لضبطهم وتسليمهم للعدالة لكي ينفضوا الغبار عن وجه مدينتهم المشرق الجميل ويزيلوا عن ثوبها الأبيض الناصع البياض هذه البقعة السوداء فالمجني عليهم قتلوا وأصيبوا في دقائق معدودات في مباراة يقال لها مجازا أنها كرة القدم  كما أنهم أبناؤهم وأبناء مصر جميعا وهذا العدد الرهيب من القتلى  والجرحى لم تشهده بلادنا الحبيبة منذ أعنف الغارات الحربية التي شنها العدو الصهيوني الغاشم علي بلادنا خلال حرب الاستنزاف  وها هم أهالي بورسعيد يتمكنوا من ضبط المتهم الأول،  وأبوا إلا أن يسلموه بأيديهم للعدالة كما ان ثمانية من شهود الإثبات  هم من أبناء بورسعيد الذين حضروا  من تلقاء أنفسهم  ليشهدوا مع باقي الشهود علي ما شاهدوه وما اقترفه المتهمون من جرم.

 

 الإعلام الرياضي

وتطرقت الحيثيات للحديث عن ظاهرة الاولتراس والإعلام الرياضي موضحة أنه تلاحظ في السنوات الأخيرة انتشار ظاهرة روابط تشجيع الأندية الرياضية "الأولتراس" ، والتي انتقلت إلي مصر من الملاعب الأوربية وأمريكا الجنوبية  ، موضحه في أسبابها أنه نظرا لعدم  التعامل مع تلك الظاهرة وبحث أسباب انتشارها واستثمارها في النهوض  بالرياضة المصرية بتوجيههم الوجهة الصحيحة صارت وسيلة ضغط علي الأندية وتدخلت في شئونها الإدارية  والفنية وساعدهم علي ذلك ضعف بعض مجالس إدارات الأندية وتمسكها بمقاعدها وأحيانا أخري إسناد هذه الإدارات لمن هم غير مؤهلين لذلك أصبح ضرر هذه الروابط أكثر من نفعها وساهم في ذلك إعلام رياضي  تسلل إليه علي حين غفلة من أهله من هم غير متخصصين فكل من مارس الرياضة يوما أو لم يمارسها زاول مهنة الإعلام الرياضي  دون أن يكون مؤهل علميا أو أكاديميا لممارسة هذا العمل  .

 

وأشارت إلى أن من الإعلاميين الرياضيين  من يتولى الدفاع عن تلك الروابط وتبني أفكارهم ، والأخر اتخذ موقفا مضادا للأول دون بحث أو تحليل  وهذه الروابط تنتمي بالقطع إلي الأندية الرياضية ذات الجماهير العريضة وقد يكون الإعلامي أحد أبناء هذا النادي أو ذاك فعندما يقدم خبرا ما يدعي الحيادية إلا أن وطريقة إذاعته أو نشره للخبر تفضح انتماؤه وزيادة الفرقة والتعصب بين الروابط بدلا من التقريب  وبث الروح الرياضية .

 

وأكدت المحكمة أنه أندس بعض من مثيري  الشغب بين هذه الروابط وحاول الأمن السيطرة عليهم  فعاملهم أحيانا بعنف فازدادوا عنفا وعندما أراد تطبيق القانون عليهم  وقام بضبطهم سارعت بعض الإدارات الرياضية باللهث خلفهم للحيلولة دون ذلك  فازدادت الأمور سوءا  وتخبطت الإدارات الرياضية في قراراتها الانضباطية نحوهم وفشلت في التعامل مع تلك الظاهرة والتي عندما استشرت في الدول المصدرة إليها  وساد الشغب بملاعبها تصدت لها بحسم وجزم واجتثت المفسدين من بينهم  وطبقت القانون إذ كلما غاب القانون عمت الفوضى  وفي الفترة الأخيرة ازداد الأمر سوءا  وبعد ثورة 25 يناير وما صاحب ذلك من انفلات أمني وأخلاقي بعد أن حاول أعداء الوطن إجهاض جهاز الأمن المصري العريق  وتوقفت  علي إثر ذلك الأنشطة الرياضية إلي أن بدأت تعود تدريجيا بقرارات قد تكون غير مدروسة العواقب وتداخلت فيها  جهات عديدة كل بحسب رؤيته ومصلحته الخاصة ودون إعلاء لمصلحة الوطن.

 

ما قبل المباراة

وسردت الأسباب تفاصيل وقائع ما دار في إستاد بورسعيد وما استندت إليه في إدانة المتهمين  وأشارت إلى أنه  عندما أعلن عن تحديد مباراة كرة القدم بين ناديي الأهلي والمصري  في الأول من فبراير العام الماضي حتى  بدأت الحرب الكلامية تشتد بين  جمهور الفريقين،  نظرا لحالة الاحتقان الشديد الدائم بينهما  فجمهور أولتراس الأهلي حضر إلي بورسعيد في بداية عام2011 ،  وأتلف بعض من مباني محطة سكك حديد بورسعيد ومحيطها ،  وأثار ذلك  حفيظة جمهور أولتراس المصري ورسخ فكرة الثأر لديهم فرد بروابطه الثلاثة  أولتراس مصراوي ، وسوبر جرين ، وجرين إيجلز بعنف  شديد وصل ذروته إلي  تهديد كل من يأتي من أولتراس  الأهلي لمشاهدة المباراة بالقتل وقامت الرابطة الأخيرة جرين إيجلز بتأليف الأغنية الشهيرة "لوجاي بورسعيد  … أكتب لأمك وصيه .. علشان هتموت أكيد .. وملكش أي دية" .

 

 ورصدت الأجهزة الأمنية ببورسعيد  كل ذلك الشحن المعنوي  والاحتقان الزائد عن كل مباراة سابقة بين الفريقين والتي تنذر بعواقب وخيمة وأبلغت  المتهم الثاني والستون عصام الدين سمك مدير أمن بورسعيد السابق إلا أنه أصر علي إقامة المباراة في موعدها واجتمعت روابط أولتراس المصري الثلاث صباح يوم المباراة كل في المكان المخصص  له وبالاتفاق فيما بينهم لإعداد وسيلة تنفيذ جريمتهم الشنعاء فأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء بكافة أنواعها  ، وعصي ، وكمية من الحجارة  وشماريخ وباراشوتات وصواريخ نارية وصواعق كهربائية  كما أعدوا ولأول مرة عصي بيضاء تشع نورا أخضر عند إضاءتها لاستخدامها للتعرف علي بعضهم البعض لحظة الهجوم علي المجني عليهم بالمدرجات حال قيام المتهم توفيق ملكان صبحية،  مهندس كهرباء والإذاعة الداخلية بالإستاد بإطفاء الأنوار عقب المباراة مباشرة.

 

وأوضحت المحكمة أنه كان من بين عناصر تنفيذ جريمتهم تقسيم أنفسهم إلي مجموعات تترصد جمهور أولتراس الأهلي في الأماكن التي أيقنوا سلفا قدومهم إليها  فتوجهت المجموعة الأولي يوم المباراة  إلي محطة القطار للاعتداء عليهم  لحظة وصولهم وفشلت  هذه المجموعة في تحقيق مأربها نظرا لقيام الأمن والقوات المسلحة بتغيير خط سير وصول الجماهير  والمجموعة الثانية كانت تترصدهم عند مدخل الإستاد ونجحت في تنفيذ ما اتفقوا عليه  فما أ ن شاهدوا حافلات جماهير أولتراس الأهلي حتي بادرتهم بوابل من الحجارة  ألقوها عليهم ما أدى إلي إصابة بعض المجني عليهم  وكان من بين عناصر هذه الخطة أيضا الاستعانة ببعض المتهمين من أرباب السوابق والذين ليست لهم علاقة بكرة القدم للاشتراك معهم في قتل المجني عليهم علي أن يلتقي الجميع داخل الإستاد و الهجوم علي المجني عليهم  وقتلهم عقب انتهاء المباراة  ثم قامت  الروابط بتوزيع أنفسهم داخل الإستاد  فاستقرت رابطتي أولتراس مصراوي ، وجرين إيجلز بالمدرج الغربي بينما جلست رابطة سوبر جرين  بالمدرج البحري الشرقي حتى يتمكنوا من الإطباق علي جمهور أولتراس الأهلي ومحاصرتهم بالمدرج   الشرقي  لحظة الانقضاض عليهم عقب انتهاء المباراة .

 

دخول جماهير الأهلي

وذكرت المحكمة أنه بمجرد  أن دخل جمهور أولتراس الأهلي  من باب المدرج الشرقي ، و المعين علي خدمته  المتهم محمد محمد سعد ، ضابط شرطة ، حتى فوجئوا على غير العادة في المباريات بقيام المتهم  توفيق ملكان ، مسئول الإذاعة الداخلية بالإستاد  بقطع البث الإذاعي،  و الإعلان عن وصول  أولتراس أهلي  وكأنه يعلن عن وصول  الضحايا فبادرهم أولتراس المصري  بأعداده الغفيرة  التي تزيد عن السعة المقررة  للإستاد ، والذي تمكن من دخوله بعد  أن فتح  لهم مدير الأمن أبوابه علي مصراعيه دون الحصول علي تذاكر لحضور المباراة  ودون تفتيشهم لضبط ما يحوزوه من أسلحة وما أن أستقر المجني عليهم في أماكنهم أبصروا لافته مرفوعة بالمدرج الغربي المخصص لأولتراس المصري مدون عليها باللغة  الإنجليزية عبارة "موتكم هنا " ، ويرفعون  علم الأهلي وعليه نجمة داود وبدأت المباراة في جو مملوء بالتوتر وازداد السباب والهتافات المعادية بين جمهور الفريقين  وتلاحظ أن عبارات السباب  من جمهور النادي المصري كانت غريبة عن مثيلاتها في المباريات السابقة إذ أن كلها كانت تحمل معنى التهديد بالقتل .

 

ولوحظ نزول بعض المتهمين من أولتراس المصري لمضمار الملعب  إما قفزا من أعلى أسوار  المدرج أو بكسر أبوابه بعضهم حاملا لألعاب نارية وأسلحة بيضاء والآخر يخلع ملابسه ومن بينهم المتهمين  الثالث  ، والرابع ،  والسابع  ، والتاسع،  والعاشر، والحادي، والثاني،  والثالث عشر،   والثالث ، والرابع ، والثلاثون، والثامن والثلاثون ،والتاسع والخمسون،  والذين توجهوا  إلى المدرج الشرقي  لمحاولة الاعتداء علي المجني عليهم وتمكن ضباط الأمن المركزي  من القبض عليهم وتدخل مدير الأمن بفعله الايجابي طالبا تركهم و إعادتهم مرة أخري للمدرجات بدلا  من ضبطهم وهو الأمر الذي شجع هؤلاء  وآخرين مجهولين علي تكرار ذلك عدة مرات  وكأنهم في بروفة تدريبية لهم  ولباقي المتهمين  في كيفية  تنفيذ الهجوم علي المجني عليهم  عقب انتهاء المباراة .

 

وواصلت المحكمة سرد أسبابها  مشيرة إلى أنه بين شوطي المباراة قال المتهم  مدير الإدارة العامة للبحث الجنائي  لمدير الأمن ما ورد إليه  من معلومات خطيرة  مفادها اعتزام المتهمين من جمهور أولتراس  المصري  النزول لأرض الملعب عقب انتهاء المباراة والهجوم علي  المجني عليهم إلا أن الأخير لم يتخذ ثمة  إجراءات أو تدابير أمنية للعمل علي منع هذا الاعتداء وأثناء المباراة  وفي منتصف شوطها الثاني تقريبا رفعت لافته في المدرج الشرقي المخصص لجمهور أولتراس الأهلي  مدون عليها  عبارة "بلد البالة  ما جابتش رجالة "،  للتأثير  علي جمهور النادي المصري مما زادهم  إصرارا علي  تنفيذ مخططهم الإجرامي  وقد  شوهدت هذه اللافتة مع المتهم العاشر محمد محمود البغدادي وشهرته "الماندو"،   وهو يحملها ويصيح بعبارة "اليافطة أهيه "  وقبل نهاية  المباراة بحوالي عشرة دقائق  قام  المتهم  المهندس المسئول عن الإذاعة الداخلية بالإستاد  بقطع الإذاعة وإذاعة  بيان من  ورقة محررة بخط يده  نصها كالآتي  أن مجلس إدارة  النادي المصري برئاسة الأستاذ كامل أبوعلي  يهيب بجماهير النادي المصري التزام الهدوء والتشجيع المثالي للحفاظ علي حياة الجماهير  وظهورها بالمظهر المشرف وكأن معلومة الهجوم علي المجني عليهم  قد انتقلت إلي مسامعهم وما أن  لفظت المباراة  أنفاسها الأخيرة  وأطلق الحكم صافرة  نهايتها معلنا فوز النادي المصري  حتى انطلق المتهمون من جمهور أولتراس المصري  من كل حدب وصوب لتنفيذ  أخر حلقة من حلقات مخططهم الإجرامي  وقصدهم المصمم  علي  الإطباق على المجني عليهم وقتلهم فأسرعوا في  النزول من المدرجين الغربي والشرقي إما بالقفز من أعلي الأسوار أو بتحطيم أبوابها الداخلية في اجتياح كاسح وعارم ومهيب لأرض الملعب حاملين معهم  أدوات تنفيذ جريمتهم النكراء  متجهين  بسرعة شديدة  وبأعداد غفيرة وموجات متلاحقة صوب المجني عليهم  كما حمل بعضا من المتهمين المقاعد الموجودة بأرض الملعب  لاستخدامها  في التعدي علي المجني عليهم .

 

القتل بوحشية

ونوهت المحكمة أنه بعد اجتياز الحاجز الأمني الممزق أوصاله  بأرض الملعب وقبل صعودهم للمدرج الشرقي  أمطروا المجني عليهم بوابل من الحجارة والألعاب النارية فبثوا في نفوسهم الفزع والهلع  من هذا الهجوم الغاشم الكاسح عليهم ومعظمهم من الشباب  صغار السن عزل حضروا لمشاهدة مباراة كرة القدم لا لدخول معركة حربية  ومن  شدة وهول  المفاجأة  أسرع المجني عليهم بالهروب من اعتداء المتهمين إلي الممر المؤدي للسلم  الذي ينتهي بباب الخروج  و  كانوا كالمستجيرين بالرمضاء من النار  ، إذ فوجئوا بالمتهم محمد سعد الضابط المعين علي خدمته  قد أحكم غلقه قبل نهاية المباراة  بخمسة  دقائق وانصرف من  مكان خدمته وظلوا يندفعون الواحد تلو الآخر  في اتجاه باب المدرج حتى تكدس الممر الضيق بالمئات وانحشروا جميعهم بين الباب المغلق والسلم وفتحة الممر المؤدية إلي المدرج  ،  والمتهمين يوالون قذفهم بالحجارة والتعدي عليهم بالعصي والصواعق  الكهربائية  وأسلحتهم البيضاء وبلغ فحش  المتهمين  الإجرامي  بأن قاموا  بإطلاق الألعاب النارية وبكثافة شديدة عليهم حتى بدت  فتحته وكأنها ينبعث منها حمم بركانية  مما أدي إلي سقوط المجني عليهم صرعي وقتلي  بالاختناق نتيجة إعاقة  حركة الصدر التنفسية  وبلغ العنف  مداه بأن قام  المتهم التاسع والأربعون حسن محمد المجدي  بالتعدي علي المجني عليهم داخل سلم الممر أحيائهم وأمواتهم  في أجسادهم  بمطواة قاصدا وباقي المتهمين قتلهم .

 

 وأضافت الأسباب  أنه من حاول من المجني عليهم المحشورين داخل الممر النجاة بنفسه أخذ جاهدا رفع جسده إلي أعلي لعله يجد نسمة هواء نقية يستنشقها تعيد إلي رئتيه نبض الحياة فإذا به يجد نفسه يقف فوق جثث أصدقائه القتلى  وقد وصف ذلك المشهد المأساوي  شاهد الإثبات  الأول لدي سماع أقواله  ومن شدة التكدس والتدافع  سقط الباب الحديدي  أمامهم  فسقطوا عليه  فوق بعضهم قتلي ومصابين  ولم  يؤثر هذا المشهد الرهيب في نفوس وقلوب المتهمين ،  والتي أصبحت كالحجارة وبلغت الخسة  والدناءة بهم بأن أمسك  المتهم الأول السيد محمد رفعت الدنف بقالب طوب وظل يهوي به علي رأس ووجه أحد المجني عليهم  وهو ملقى   أرضا حتى نزف الدماء بغزاره  قاصدا وباقي المتهمين  قتله  ولم يكفوا عن استمرار قذفهم للمجني عليهم بالحجارة إلا بعد تدخل القوات المسلحة وانطلق المتهمون حاملين أسلحتهم البيضاء  كالوحوش الضارية خلف المجني عليهم  وتمكنوا  من إجبارهم  علي  نزع ملابسهم  والاستيلاء علي متعلقاتهم الشخصية  و الاعتداء علي المجني عليهم  بالعصي والشوم والقطع الخشبية  بلا شفقة في مواضع قاتلة  علي رؤؤسهم  حتى  اختلطت دمائهم  الذكية النقية بأرض المدرج الأسمنتية  ومن حاول من المجني عليهم الفرار بالصعود إلى أعلي المدرج   فكان قتلهم أشد بشاعة  وخسة.

 

وأكدت أن المتهمين تتبعوا المجني عليهم وأطبقوا عليهم  والتفوا حولهم بعد أن أدخلوهم في شباكهم  وظلوا يتوسلون إليهم بتركهم   و اخذوا يعتدون عليهم  ويحملون بعضهم  بعد تكتيفهم  من أرجلهم  وأيديهم  ورفعهم إلي أعلي ملقين إياهم الواحد بعد الآخر من أعلي  السور  الذي يبلغ ارتفاعه 11 متر  حتى  أن المجني عليه  أحمد وجيه عبد الصادق،  حاول الخلاص بنفسه من بين أيديهم  فأسرع المتهم السادس والخمسون وشهرته "عظيمه"  أثناء  وجود المتهمين 4 و7 و53 و59 61 أعلى  مسرح الجريمة  بتكتيفه وخنقه بلف الكوفية  التي كان المجني عليه يرتديها حول رقبته  وتمكنوا  من رفعه إلى أعلى ، وإلقائه من أعلى السور الحديدي .

 

 وتوالت المحكمة  في  سرد  وقائع  أخرى ، وأشارت  أنها قد تزامنت  مع قيام  المتهم مهندس الإذاعة الداخلية بالإستاد "توفيق صبيحة "،   بالإسراع  في إطفاء أنوار الإستاد بالمخالفة للقواعد المتبعة في ذلك  وقالت المحكمة أن عدالة السماء  كانت للمتهمين بالمرصاد  موضحة انه بجانب تعرف الشهود علي المتهمين  فان الفنار الخاص بإرشاد السفن والرابض في مياه البحر أمام الإستاد  كانت تأتي أنواره  مع الأنوار الخارجية المجاورة للإستاد  ليكشف وجوه المتهمين  واستعرضت  المحكمة الإصابات التي أودت بحياة المجني عليهم وإصابة البعض الأخر  ومنها  الانسكابات الدموية الناشئة عن المصادمة من  جسم صلب  والزرقة في الشفتين والأظافر واحتقان الينين  وغيرها  من المظاهر الدالة علي الوفاة بالاختناق ، وإعاقة حركات الصدر التنفسية  فضلا عن الإصابات الأخرى ، وغيرها من  الخسائر المادية التي بلغت قيمتها 89 ألف و767 جنيها .

 

مدير الأمن 

وأوضحت المحكمة في حيثياتها أنه نظرا لما تقدم فهي تطمئن إلى إدانة  المتهمين  بجريمة القتل العمد مؤكدة أنها لم تجد  لهم وبحق سبيلا للرأفة  لغدرهم  بالمجني عليهم  دون مبرر ولم يردهم أنهم  عزل  ولم يرحموا ضعفهم  وصغر أعمارهم  ، كما أن الأوراق  لم تظهر بها شبهة دارئه  للقصاص  لذلك كان جزاؤهم الإعدام  قصاصا ذلك بجانب توافر عناصر الجرائم الأخرى وهي السرقة والبلطجة وحيازة مواد  مما تعتبر في حكم المفرقعات  وأسلحة بيضاء  والتي عاقبت المحكمة باقي المتهمين عليها كلا حسب ما نسب إليه من اتهام.

 

وبالإشارة  لأسباب حكمها بإدانة مدير الأمن وآخرين  قالت  المحكمة :" أن الثابت بالأوراق  أن مدير الأمن السابق  أصر علي إقامة المباراة رغم  علمه اليقيني  بخطورة إقامتها مما توافر لديه  من معلومات أبلغ بها ".

 

 وأضافت أن المتهم أخذته  العزة بالإثم دون مقتضي لا لشئ إلا ليثبت لقياداته  أن محل  ثقتهم  وكان نتيجة قراره الخاطئ  ما حدث ،  كما أنه   من الثابت بمطالعة أمر الخدمة  الذي أصدره لتأمين المباراة  أنه لم ينفذ  إلا علي الورق فقط  إذ لو قام بتنفيذ  ما جاء  ببنوده  كتفتيش الجماهير لما وقعت الكارثة   فضلا  عن عدم تدخله بإصدار أوامر  لمرؤوسيه  وقواته  بالعمل علي  التصدي لما حدث من هجوم أو التقليل منه ، بينما  قام الضابط المكلف بالخدمة علي باب الإستاد  بغلقه وتركه مكان خدمته  محتفظا  بمفتاح  الباب  معه ولم يتركه لأحد الضباط   ورغم علمه بالأحداث  لم يبادر بالإسراع بالعودة إلي مكان خدمته  بل اختبئ تحت احد المظلات تاركا المجني عليهم محشورين  خلف الباب  بينما قام المتهم المسئول عن الكهرباء بإطفاء الإضاءة في الإستاد ، مخالفا بذلك تعليمات الإضاءة التي توجب  عدم إطفاء الأنوار إلا بعد التأكد من  خلو الإستاد من الجماهير  ورغم مشاهدته للأحداث فعل ذلك .

 

 وانتهت المحكمة إلي أن المتهمين الثلاثة ساهموا بأفعالهم في ارتكاب الجريمة وشرحت ما استندت إليه في نصوص القانون المصري والألماني والانجلو أمريكي حيث التكييف القانوني لأفعال المتهمين.

 

حيثيات البراءة

واستعرضت المحكمة أسباب   ما استندت إليه ببراءة 28 متهما  حيث أكدت أنه من استقراء  وقائع الدعوي  تبين  أن أدله الثبوت التي ساقتها النيابة العامة  بالنسبة للمتهمين من الأول حتى  التاسع عشر  جاءت قاصرة  لما شابها من شك وغموض حيث  خلت المشاهد المصورة لإحداث المباراة من  ظهور أيا من هؤلاء المتهمين علي مسرح الحادث كما لم  يوجد شاهد علي المتهمين  وبالنسبة للمتهمين من العشرين ، وحتى السادس والعشرين "ضباط شرطة"  فقد جاءت الأوراق خالية  من دليل تطمئن المحكمة لإدانتهم به .

 

وأشارت المحكمة أن دليلها  في ذلك  أن هؤلاء المتهمين ابلغوا  مدير الأمن  بحالة  الاحتقان الشديد والشحن المعنوي  الزائد بين المتهمين والمجني عليهم وما تم رصده علي المواقع الاليكترونية  من معلومات حول ذلك إلا أن الأخير إصر علي إقامة المباراة ، أما بالنسبة للمتهمين الأخيرين   فخلت أوراق القضية من  دليل إدانة لهما  كما أن كلاهما ليس له دور في تأمين المباراة.

 

وأوضحت المحكمة في أسبابها  الرد علي الدفوع المقدمة  من دفاع المتهمين  ، والذي كان أبرزها  الدفع المبدأي ببطلان القبض والتفتيش لعدم وجود المتهمين في حالة تلبس  فالمحكمة تري أن ما أجراه مأمور الضبط  القضائي  من ضبط المتهمين والجريمة  ما زالت مستعرة  وجثث المجني عليهم متناثرة  في مسرح الحادث  ، وفي محيطه والتوقيت الذي أجري فيه قد وقع صحيحا ،  وأما عن الدفع ببطلان إجراءات  تفريغ  محتوي كاميرات المراقبة الموجودة بغرفه التحكم فمردود عليه أن الثابت  بالأوراق أن المحكمة انتدبت لجنة  فنية ثلاثية مختصة لإجراء مضاهاة فنية علي الاسطوانات المدمجة  المقدمة  من النيابة العامة  وعما إذا كانت مأخوذة عن "الهارديسك"  الموجود بغرفة التحكم بإستاد بورسعيد  وانتقلت اللجنة إلي الإستاد  ، وانتدبت المحكمة عضو اليمين  بها  لأداء هذه المهمة  وخلص تقرير اللجنة إلى أن جميع الاسطوانات المقدمة من النيابة مطابقة لما هو موجود بغرفة التحكم.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023