يتوافق خبراء الاحتلال على أن معبر رفح أصبح ورقة مساومة عبرية مهمة مع مصر، وليس حماس فقط، في ضوء أنه سيظل تحت سيطرة الاحتلال في الوقت الحاضر رغم الانزعاج المصري المرتبط بمحور فيلادلفيا، ورغم التعقيد المتزايد للعلاقات الإسرائيلية المصرية، فإن القاهرة تدرك أنه يجب عليها لعب دور هام في تشكيل الواقع في غزة في اليوم التالي، وفق ما يتطلع إليه الاحتلال، دون أن يعني ذلك تحقق ما يريد فعلا.
أمير بار شالوم الخبير العسكري في موقع “زمن إسرائيل” العبري، ذكر أن “تطورات الحرب الجارية في غزة تضيف مزيدا من التعقيد المتزايد في علاقات تل أبيب والقاهرة، عقب “وعد” منسوب للأخيرة بأنه في حال توقيع صفقة تبادل مع حماس، فإنها تتعهد بالبدء فورًا في بناء حاجز تحت الأرض على طول طريق فيلادلفيا لمنع تهريب الأسلحة، في ضوء الكشف عن إغلاق مصر حتى الآن لأكثر من 70% من الأنفاق على حدود غزة”.
وأضاف في مقال أن “تقديرات الاحتلال تزعم الحاجة المصرية لإنشاء حاجز يمنع تهريب الأسلحة لغزة، لكن العملية تحتاج لمزيد من الوقت والعمل من قبل جميع الأطراف، مع العلم أن مسألة تمويل بناء الجدار طرحت أكثر من مرة في المحادثات، وسط استعداد أطراف دولية لتمويله، خاصة دول الخليج والسعودية والولايات المتحدة، دون أن يكشف جيش الاحتلال حتى الآن عن كيفية انتشاره في هذه المنطقة، سواء انتشار إجمالي على طول المحور بالكامل، أو قوات ديناميكية ستعمل على طوله دون تواجد دائم”.
وأشار إلى أنه “في هذه الأثناء يبقى معبر رفح في أيدي الاحتلال رغم عدم ارتياح المصريين لذلك، لكن الاحتلال ينظر إليه بأنه ورقة مساومة مهمة، تمهيدا للمفاوضات حول الواقع الأمني الجديد على الحدود، مع العلم أن الأوساط الأمريكية رصدت تطورا مفاده أن الحرب في غزة أدت لتآكل العلاقات بين القاهرة وتل أبيب بشكل كبير، صحيح أن اتفاق السلام لا يزال مستقرا، لكن أحداثا بارزة زادت بشكل كبير من التوتر بينهما”.
وأوضح أن “أهم هذه الأحداث تلك المظاهرات الحاشدة التي شهدتها مصر في الأيام الأولى من الحرب عندما برزت المطالبة الإسرائيلية بإجلاء اللاجئين من غزة مؤقتا لأراضيها، حيث أراد النظام إيصال مدى غضب الشارع من التلميحات الإسرائيلية حول أنفاق التهريب التي تم اكتشافها بين غزة ومصر، ونتيجة لذلك أعلن المصريون أنهم لن يوافقوا على أي وجود إسرائيلي على طول محور فيلادلفيا”.
وأضاف أن “الحدث الثاني أعقب السيطرة الإسرائيلية على معبر رفح بداية مايو، مما دفع المصريين لوقف إدخال المساعدات الإنسانية لغزة عبر المعبر لعدم إضفاء الشرعية على وجود الاحتلال فيه، وصولا للحدث الثالث المتمثل بالإعلان عن انضمام مصر لدعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة لاهاي ضد قادة الاحتلال، ورابعاً تتوج التوتر بما قيل إنه تحريف في مسودة مقترح وقف إطلاق النار، مما أثار انتقادات أمريكية للقاهرة”.
أمام الاستعراض الإسرائيلي لتدهور العلاقات مع مصر، تبرز السياسة الأمريكية الداعية لكبح جماح ذلك، ودعوتهما للتعاون لصالح مصالحهما المشتركة، وممارسة ضغط أمريكي عليهما لاتخاذ إجراءات تخدم إنجاز وقف لإطلاق النار في غزة، بزعم أن استمرار الحرب لا يخدم مصلحتهما، بل يزيد توتر علاقاتهما، وكل ذلك يشير إلى أن المصريين يدركون أنه في اليوم التالي للحرب، سيكون عليهم أن يلعبوا دورًا مهمًا في تشكيل الواقع في غزة، على اعتبار أنها مصلحة وطنية مصرية أولاً وقبل كل شيء، وليس استجابة لضغوط الاحتلال.