نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا لمديرة مكتبها في القاهرة فيفيان يي وعماد مكي قالا فيه إن العملية العسكرية للاحتلال في جنوب غزة تزيد من الضغوط على العلاقات مع مصر.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على مدى أسابيع تحدث مقدمو البرامج الحوارية في مصر والصحف المملوكة من الحكومة وبصوت واحد وهو أن أي احتلال«إسرائيلي» لمحور فيلادلفيا المنطقة العازلة بين مصر وغزة، سيكون بمثابة انتهاك للسيادة المصرية والأمن القومي، وسيكون ضربة جديدة للعلاقات التي أوصلتها الحرب «الإسرائيلية» على غزة لأدنى مستوياتها منذ عقود.
لكن عندما أعلن جيش الاحتلال أنه بات “يسيطر تكتيكيا” على المحور في الأسبوع الماضي، سارعت نفس الأبواق الحكومية للقول إن المنطقة الحدودية لا علاقة لها بمصر وغاب الحديث عن السيادة المصرية. وكانت هذه هي آخر إشارة عن أن القاهرة لا تزال حريصة على علاقاتها مع تل أبيب والتي ولدت تعاونا استخباراتيا وعسكريا ضد المتمردين في سيناء ومليارات الدولارات من المساعدات العسكرية الأميركية واستيرادا للغاز الطبيعي من الاحتلال. وبالنسبة لتل أبيب، ظلت مصر وعلى مدى أربعة عقود من السلام البارد حجر أساس في أمنها القومي. فقد منحها التحالف فرصة لتحسين علاقاتها مع جيرانها المسلمين وفتح الطريق أمام تطبيع العلاقات مع المزيد من دول المنطقة، بشكل أصبحت فيه إسرائيل جزءا لا يتجزأ من محور المقاومة لإيران.
إلا أن تل أبيب غامرت وأخلت بميزان العلاقة الحساس لأنها تريد، حسبما تقول، السيطرة على محور فيلادلفيا وتدمير عشرات الأنفاق تحت الحدود والتي ساعدت حماس على مواصلة الحصول على الأسلحة، وهذا مع تأكيد مصر أنها أوقفت عمليات التهريب منذ عدة سنوات.
ولهذا فقد كان دفع جيش الاحتلال بقواته في رفح جنوب غزة، خلال الأسابيع الماضية، بمثابة ضربة جديدة للعلاقات بينهما، مما أثار أسئلة حول مدى إصرار تل أبيب على السيطرة على المنطقة الحدودية ومدى ما يمكن أن تتسامح معه مصر. وقد نفد صبر مصر مع التحركات الإسرائيلية وبشكل خطير، وقد عبرت عن هذا بوضوح. فالحكومة المصرية ليست خائفة من تدفق المدنيين الهاربين على الحدود المصرية، بل وتريد أن تظهر لسكانها أنها تقف ضد الاحتلال الذي يعتبره الشعب المصري عدوا، رغم 45 عاما من معاهدة السلام.
وأعلنت مصر أنها ستدعم دعوى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية التي تتهم الاحتلال بارتكاب إبادة جماعية في غزة، وحذرت من المخاطر التي تزيدها تل أبيب على معاهدة السلام أو معاهدة كامب ديفيد في عام 1979.
ورغم شجبها منع الاحتلال دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح إلا أنها أوقفت تدفق المساعدات التي تراكمت على الحدود الفلسطينية بعد احتلال القوات «الإسرائيلية» للمعبر، ربما للضغط على تل أبيب لسحب قواتها، في ظل الغضب الشعبي على احتلال المعبر. ومع ذلك، ترددت مصر عن اتخاذ خطوات جدية ضد التحركات «الإسرائيلية»، مثل استدعاء سفيرها من تل أبيب. كما حدت سيطرتها على الإعلام من حجم الغضب الشعبي.
وكتب مقدم البرنامج المعروف، أحمد موسى في صحيفة الأهرام في 17 مايو أن مصر “مستعدة لكل السيناريوهات ولن تسمح بأي تعد على سياستها وأمنها القومي إما مباشرة أو غير مباشرة”. وعندما سيطر الاحتلال على المحور يوم الأربعاء الماضي، كان موسى على الهواء مهاجما مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي الذين قالوا إن مصر ضعيفة لأنها سمحت للاحتلال بالسيطرة على المحور، وربط هذه “الاتهامات” بجماعة الإخوان المسلمين، الحركة السياسية التي شيطنتها مصر كحركة إرهابية ومن عباءتها خرجت حماس.
وقال موسى في مقطع من تسع دقائق خصصه للموضوع وخلفه خريطة عملاقة إن “محور فيلادلفيا ليس أرضا مصرية”، وهو “أرض فلسطينية لا تمت إلينا ودعوني أظهر لكم هذا على الخارطة”.
ترجمة القدس العربي