قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن “إسرائيل” فشلت في الوصول إلى أهم مخططي هجمات 7 أكتوبر، الذين اعتبروا من أهم أهداف العملية الحالية.
وأضافت الصحيفة في تقرير ، أن السماء في غزة امتلأت في يوم سابق بسحب من المنشورات التي تطالب بمعلومات عن مكان وجود كبار قادة حماس. وكان عنوان المنشور “اقتربت نهاية حماس”، ووعدت بجائزة ضخمة لمن يتقدم بمعلومات عن الذين “جلبوا الدمار والخراب على قطاع غزة”.
وعلى رأس القائمة يحيى السنوار، زعيم حماس، بمكافأة 400.000 دولار، أي ضعف الراتب الشهري في غزة بـ 1.500 مرة.
وحددت “إسرائيل” هدفها في العملية العسكرية بتدمير حماس وقتل قادتها، الذين تتهمهم بالتخطيط للهجوم في تشرين الأول/ أكتوبر، لكنها لم تحدد مكانهم بعد، رغم العملية العسكرية التي أدت لمقتل 20.000 فلسطيني ودمرت أحياء بأكملها.
وتعتبر “إسرائيل” السنوار شخصية مركزية في هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، الذي قتل فيه حوالي 1.200 شخصا وتم أخذ 240 أسيرا إلى غزة، حسب قول المسؤولين الإسرائيليين، و”هو عضو مؤسس في حركة حماس في الثمانينات من القرن الماضي، وطور سمعة في تعامله القاسي مع المشتبه بتعاملهم مع إسرائيل”.
ونقلت الصحيفة عن مخيمر أبو سعدة، الأستاذ المشارك في جامعة الأزهر بغزة ويقيم حاليا بالقاهرة، قوله عن السنوار: “هو رجل صعب وقاس”. ويعلق التقرير بأن التزام السنوار بحركته وأفكارها يعني أنه لن يذهب بسهولة.
ووصف أبو سعدة تفكير السنوار بأنه “لو قتل فسيذهب إلى الجنة، وليس مهتما حقيقة بالحياة”. و”ستكون إسرائيل مخطئة لو فكرت أنه قد يستسلم أو يرفع الراية البيضاء”.
وتبحث “إسرائيل” عن شقيق السنوار، محمد، الذي لم ير منذ بداية الحرب، مع أن الجيش الإسرائيلي نشر هذا الأسبوع فيديو لحماس يظهره وهو يقود سيارة في واحد من أنفاق غزة. وعرض المنشور الذي أسقط من الجو مكافأة 300.000 دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.
وورد في المنشورات اسم رافع سلامة، أحد قادة حماس العسكريين، ومحمد الضيف، زعيم الجناح العسكري لحركة كتائب عز الدين القسام، الذي يعتقد أنه فقد إحدى عينيه وأصيب بإصابة خطيرة في محاولة إسرائيلية سابقة لاغتياله. وعرضت إسرائيل مكافأة بـ200.000 دولار مقابل معلومات عن سلامة، و100.000 دولار عن الضيف. ويرى المحللون والمسؤولون الإسرائيليين أن أهم نصر رمزي للعملية سيكون اغتيال السنوار.
ورغم تدمير بنية حماس أو معظمها، على حد تعبير الصحيفة، فإن السنوار لا يزال يتمتع بنوع من السيطرة على عمليات الجماعة، وكان قادرا على التفاوض في عملية تبادل الأسرى مع “إسرائيل” في الشهر الماضي. وعلى خلاف قادة حماس الآخرين الذين عاشوا في الظل وحتى قبل الهجمات على “إسرائيل”، إلا أن السنوار شارك في مناسبات، وألقى خطابات زادت من مكانته وصورته بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وبحسب الصحيفة، فلن يؤدي قتله إلى تغيير عمليات حماس، بل سيؤثر على معنويات مقاتليها ويفرح الإسرائيليين.
وترى الصحيفة أن مراوغة هؤلاء القادة يحرم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من دليل يقدمه لجمهوره المحلي وجوقة دولية تطالبه بوقف إطلاق النار، ويثبت لهم أن العملية العسكرية تتقدم نحو تدمير حماس.
وفي الأيام العشرة الأخيرة، مررت الجمعية العامة بغالبيتها قرارا غير ملزم يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، كما طالبت بريطانيا وفرنسا وألمانيا بهدنة.
وأرسلت إدارة بايدن مجموعة من مسؤوليها البارزين للضغط على إسرائيل لتخفيف حدة الحرب في الأسابيع المقبلة، والتركيز على ملاحقة حماس. إلا أن نتنياهو والمسؤولين الإسرائيليين تحدثوا عن عملية طويلة ومكثفة حتى بداية العام المقبل.
ويصر الإسرائيليون على أنهم أضعفوا قدرات حماس، وقتلوا آلافا من عناصرها وقادتها البارزين، إلى جانب تدمير جزء كبير من شبكة الأنفاق التي أقامتها حماس لنقل السلاح والمقاتلين حول القطاع.
ونظرا لإرباك قادة حماس “إسرائيل” ومحاولاتها العثور عليهم، فهناك إمكانية لنجاتهم من العملية الحالية والعمل على إعادة قدرات الحركة بعد أن تصمت المدافع. وتقول الصحيفة إن إسرائيل فوتت عددا من الفرص في السنوات الأخيرة لتحييد السنوار. واعتقل في عام 1988، وقضى عشرين عاما في السجن الإسرائيلي، حيث قضى وقته يتعلم نفسية عدوه واللغة العبرية، وقرأ كثيرا، وأصبح زعيما وسط السجناء.
ويقول سفيان أبو زايدة، المسؤول السابق في الضفة الغربية والتقى مع السنوار قبل نهاية سجنه: “لا شك أنه عنيد ومفاوض صعب”.
ورفض السنوار قبول اتفاقيات أوسلو، “وقال: لا أعترف بمن انتجوا أوسلو”، وصدرت ضده عدة أحكام طويلة في السجن، لكنه خرج مع 1.026 سجينا في 2011 بصفقة الإفراج عن المجند جلعاد شاليط. ورجع إلى القطاع، وكرس نفسه لتحرير بقية السجناء، وبحسب أبو زايدة، “وعد زملاءه عندما غادر أن حريتهم هي مسؤوليته” و”7 تشرين الأول/ أكتوبر هي بالأساس عملية لتحرير السجناء”. ومنذ الهجمات، قال قادة حماس إن هذا هو الهدف المركزي لها، واستطاعت في الشهر الماضي تحرير 240 فلسطينيا مقابل 105 رهائن، ومن بين المتبقين الـ120 جنود ترغب حماس بمبادلتهم بسجناء مهمين.
وقال يوفال بريتون، المدير السابق لوحدة الاستخبارات في السجون، إن “إسرائيل” قررت الإفراج عن السنوار بدلا من غيره؛ لأنه لم يقتل إسرائيليين. وقال بريتون إنه عارض الإفراج عنه؛ لأنه شاهد قدرته للتأثير على السجناء وحتى في الخارج، و”قلت لهم: لو أفرج عنه فسيؤثر على الميدان بشكل كبير جدا، وهو خطر كبير، وسيصبح في غضون عام زعيما لحماس”، ورفض اعتراضه.
وأصبح السنوار زعيما لحماس في 2017، وفي نهاية خطاب متلفز بعد حرب 2021، تحدى “إسرائيل” باغتياله، ومشى في الشارع وحيا أصحاب المحلات وأنصاره. ولعل إنجازه الكبير كان خداع “إسرائيل” بأنه يريد تحسين حياة الغزيين وتجنب الحرب.