شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

جاويش: محمد صلاح يغير ذكرى نكسة 1967 السيئة على طريقته الخاصة

كتب الإعلامي «أسامة جاويش» مقالاً عن عملية «العوجة» التي نفذها الجندي المصري الشهيد «محمد صلاح» وكيف ساهمت في تغيير تفاعل المصريين والعدو الإسرائيلي مع ذكرى نكسة 1967.

نص المقال:

كان الخامس من يونيو 1967 يوما حزينا على كل بيت عربي وتحديدا في مصر، دولة الاحتلال تسيطر على سيناء والجولان وجزء كبير من الأراضي الفلسطينية.
كانت ذكرى سيئة على الشعوب العربية، حتى قرر شاب مصري أن يغير هذا التاريخ وذكراه على طريقته الخاصة. دُفن محمد صلاح بمسقط رأسه في مصر بعد تنفيذه عملية العوجة التي قتل خلالها ثلاثة جنود إسرائيليين وأصاب آخرين، وسط احتفال عربي كبير وسعادة شعبية مصرية.
“أنا ثابت وسط ناس كتير خابت”، “من عز بقوم ذل بذلهم، ومن عز بالرحمن ظل عزيزا”، “اللهم كما أصلحت الصالحين أصلحني واجعلني منهم”، “اليوم يوم ميلادي العشرين، وها أنا قد بدأت عامي الجديد لا أدري أي عمر انقضى ولأي أجل سأعيش”، “الله مع فلسطين”.. كلمات كتبها شاب مصري غير مؤدلج، ملامحه هي ملامح ملايين المصريين، ابتسامته هي ابتسامة أصدقائك وجيرانك، شاب تقابله يوميا في الشوارع وفي المواصلات العامة وعلى المقاهي، ربما صادفته في ورشة للالوميتال أو النجارة، ربما كان عامل البنزينة الذي رأيته يوما فابتسم لك وابتسمت له ولم تذكره بعد ذلك.
 
ما فعله الجندي المصري «محمد صلاح» سيفتح الباب لدراسات وأبحاث ونقاشات مطولة داخل دولة الاحتلال وفي قصور السيسي للبحث عن إجابة سؤال واحد: أين أخطأ هؤلاء طيلة عشر سنوات؟ ولماذا لم يقتنع شاب مصري غير مؤدلج بتغيير العقيدة العسكرية والأمنية في مصر، رغم اتفاقات التطبيع ومليارات الدولارات وفيديوهات البلوجرز وإعادة فتح السفارات؟
شاب مصري لم يكمل تعليمه، ولكنه بموته علّم العالم أجمع أن للشعوب كلمتها وقراراتها التي تفاجئ الحكام وحلفاءهم في كل مرة.
هذا بالضبط ما أغضب كاتبا إسرائيليا ودفعه للمطالبة بإعادة تربية جنود الجيش المصري على مفهوم السلام مع إسرائيل، وفقا للكاتب، فاتفاقية كامب ديفيد هي مجرد اتفاق عدم اعتداء وليس اتفاق سلام على المستويين الرسمي والشعبي.
 
دفع الغضب الإسرائيلي نظام السيسي لاتخاذ مجموعة من الإجراءات القمعية تجاه محمد صلاح وعائلته، بدأها بمنع إقامة عزاء للجندي المصري ونشر قوات أمنية بكثافة في محيط منزله، ومنع الصحفيين من التصوير أو إجراء مقابلات مع أفراد عائلته، اعتقلوا أصدقاءه وزملاءه وبعض أقربائه.
 
دفنٌ في الخفاء، ومنع للعزاء، وتجنب للثناء على شاب قام بواجبه في حماية الحدود وفقا للرواية الرسمية، تجاهلٌ لذكر اسمه أو نشر صورته، ومنع تام للصلاة عليه أو نشر صور من جنازته، هكذا حاول النظام المصري أن يمحو أثره ويمنع ذكره، فما الذي حدث؟ صلى عليه الغائب والحاضر، صلى عليه الصغير والكبير، رفعوا صوره داخل المسجد الأقصى، وأقاموا له سرادق عزاء في مخيم جنين وفي العديد من المدن الفلسطينية. ترحّم عليه ملايين المسلمين، رفعوا صوره واسمه داخل بيت الله الحرام، أدى عنه كثيرون العمرة، ودعوا له بالرحمة.
 
أراد النظام ألا يغضب دولة الاحتلال، فأغضب ملايين المصريين والعرب والمسلمين واستفز مشاعرهم، فانفجرت مواقع التواصل الاجتماعي احتفاء بمحمد صلاح وتخليدا لذكراه.
رحل محمد صلاح وترك للنظام المصري حصار بيته ومنع عزائه، ومحاولاته البائسة في إرضاء دولة الاحتلال.


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023