شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

موقع استخباري فرنسي: جنرالات السيسي يسيطرون على فنادق فاخرة خارج منظومة الضرائب

دخل جنرالات مصر إلى الاستثمار بقطاع الفنادق الراقية وتوقيع شركات دولية؛ لما يدر عليهم من أرباح خيالية، من خلال استخدام كيان شبه عام ليس له صلة بوزارة الدفاع، وهو الجهاز الوطني للإدارة والاستثمار، الذي لا يكشف اسمه الكثير عن تكوينه وأعماله، والدخول المسؤول عن مشروعات متعددة أنشأتها الحكومة في صناعة الترفيه.

نشر موقع Africa Intelligence الفرنسي،تقريرا كشف فيه تفاصيل عدد من المشروعات التي يشرف عليها لواءات من الجيش في مجال السياحة الفاخرة والتجارية، والمعفاة فنادقهم من الضرائب، كما يكشف التقرير عن مصير الفنادق التاريخية.

التقرير الذي ترجمه موقع «عربي بوست» سلط الضوء على منتجع جديد يقع بين مدينة الغردقة الساحلية والطرف الجنوبي من سيناء، ويتكون من 17 فيلا مبنية على ركائز متينة تطفو على المياه فيروزية اللون.

يقع المنتجع على جزيرة صغيرة في البحر الأحمر، وقد بات يُلقب بالفعل باسم: “جزر المالديف المصرية”.

افتُتح المكان منذ ديسمبر 2022 أمام حفنة من المسافرين الأثرياء فقط، وقد تولى تصميم هذا المكان شديد الفخامة، المسمى “جزيرة طويلة”، شركة “جي تي آند بارتنرز” JT & Partners للاستشارات المعمارية والهندسية، التي يقع مقرها في دبي، وحازت على العديد من الجوائز الدولية.

يجسِّد هذا المشروع أحدث المشروعات الطموحة للواءات المقربين من عبد الفتاح السيسي في قطاع الفنادق الفاخرة. وبعد أن أشرف هؤلاء الضباط الكبار على جميع أعمال البناء في المنطقة التي لطالما كان يُمنع البناء عليها في السابق، صاروا يتطلعون أيضاً إلى إدارتها.

وتشير وثائق مخصصة للعرض على مستثمرين من القطاع الخاص واطلع عليها موقع Africa Intelligence الفرنسي، إلى أنهم يخططون كذلك لإقامة فندق آخر بالقرب من منطقة الجمشة، شمالي الغردقة.

لتشغيل هذه المشروعات، يستخدم هؤلاء اللواءات الذين صاروا يلبسون زي رجال الأعمال كياناً شبه عام ليس له صلة بوزارة الدفاع: الجهاز الوطني للإدارة والاستثمار.

ذلك الجهاز الذي لا يكشف اسمه الكثير عن تكوينه وأعماله، والمسؤول عن مشروعات متعددة أنشأتها الحكومة في صناعة الترفيه، قد افتتح في السنوات الأخيرة بعض الفنادق الفريدة من نوعها على أراضٍ لطالما تعذَّر على أي مستثمر آخر غير الدولة الوصول إليها.

ويشمل هذا بعض الفنادق الفاخرة التي أُنشئت في وسط أكبر مدينتين جديدتين أطلق السيسي مشروعات البناء فيهما: فندق “ريجال هايتس” وفندق “كريستال إن” في العلمين الجديدة على ساحل البحر المتوسط، وكذلك فندق “سانت ريجيس الماسة”، بالقرب من حي الوزارات في العاصمة الإدارية الجديدة، قيد الإنشاء شرقي القاهرة.

قبل أن يصبح فندق “سانت ريجيس الماسة” درة التاج في مشروعات الجهاز الوطني للإدارة والاستثمار، كانت تديره في البداية هيئة الشؤون المالية للقوات المسلحة، وهي فرع من وزارة الدفاع كان يرأسها اللواء أركان حرب محمد أمين.

وقد أُطلق على هذا العقار الفخم في الأصل اسم “الماسة كابيتال”، وافتتح في عام 2017 في حفل أحياه اثنان من نجوم البوب العرب، المغني المصري تامر حسني، والمغنية اللبنانية نانسي عجرم.

وقد كشفت علامة الماسة التجارية، التي كان يترأسها حينها العقيد وليد سامي سلامة، في هذه الفعالية عن مشروعها الفندقي الثاني، بعد مشروع فندق “الماسة مدينة نصر” الواقع في ضاحية مدينة نصر شرقي القاهرة.

نُقل الإشراف على فندق “سانت ريجيس الماسة” من هيئة الشؤون المالية للقوات المسلحة إلى الجهاز الوطني للإدارة والاستثمار، وبذلك خرجت إدارتها من أيدي وزارة الدفاع، لتأمين عقد مربح للغاية مع مجموعة فنادق “ماريوت الدولية”. وجرى توقيع العقد في 14 يناير 2020 بحضور العقيد وليد سامي سلامة، واللواء أمين في غرفة الاجتماعات بفندق الريتز كارلتون في دبي.

أصبح سامي سلامة، في الوقت نفسه، الرئيس التنفيذي للجهاز الوطني للإدارة والاستثمار المُنشأ حديثاً، وكان أمين قد ترقى في عام 2019 ليصبح مستشار السيسي للشؤون المالية. وقد وقّع الرجلان في ذلك اليوم عقد إدارة فندق “الماسة كابيتال” مع ليام براون، المدير الجديد لمنطقة أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط في شركة ماريوت الدولية. وأصبح الفندق يحمل، بدايةً من مارس 2021، اسم “سانت ريجيس الماسة”، وبذلك أضاف اسمه إلى العلامة التجارية لأشهر شركة لإدارة الفنادق في العالم.

فتحت هذه الشراكة أبواب توليد الأرباح لفندق سانت ريجيس الماسة، بعد أن كان للخسارة قبل ذلك. وبحلول عام 2022، تمكن الفندق من تحقيق هامش ربح بلغت نسبته 30%، وذهب النصيب الأكبر من هذه الأرباح إلى الجهاز الوطني للإدارة والاستثمار.

إذ تشير مصادر Africa Intelligence إلى أن العقد الموقع في دبي يعطي الجهاز حصة تبلغ نحو 80% من الأرباح، أما الباقي فيذهب إلى مجموعة ماريوت. وقد رفضت مجموعة الفنادق الأمريكية في اتصال مع Africa Intelligence تحديد رقم معين لهذه الأرباح، كما امتنعت عن التعليق على محتوى الصفقة.

نسبة قليلة من هذه الزيادة المذهلة في أرباح فندق “سانت ريجيس الماسة” ترجع إلى زيادة الإشغال الفعلي بالفندق، فالواقع أن متوسط معدل إشغال الغرف (البالغ عددها 434 غرفة) لا يزال لم يتجاوز 20%. لكن الجهاز الوطني للإدارة والاستثمار راهن في أرباحه على القمم والفعاليات الكثيرة التي تقام في الفندق بتمويل من الأموال العامة، وتنظم هناك بأوامر مباشرة من مكتب الرئاسة، الذي يستقر فيه الآن اللواء محمد أمين، الذي كان أحد الحاضرين لتوقيع الشراكة مع ماريوت في دبي.

وكانت أشهر اجتماعات القمة التي عقدت في الفندق، المؤتمر الاقتصادي المصري 2022، الذي أقيم في المدة من 23 إلى 25 أكتوبر 2022، وجمع طائفة كبيرة من الوزراء والاقتصاديين والسفراء والسياسيين في قاعات اجتماعات الفندق وصالاته.

تُدر هذه الفعاليات الحكومية المحلية والدولية ما يقرب من نصف الأرباح السنوية للفندق. ويُتوقع أن تزداد هذه الأرباح بمجرد أن يكتمل إنشاء الوزارات ومقرات السفارات والمؤسسات الدولية في العاصمة الإدارية الجديدة.

وقد بلغت الأرباح التي حصدها الفندق عن تنظيم المؤتمر السنوي التاسع والعشرين للبنك الإفريقي للتصدير والاستيراد (أفريكسيمبانك)، الذي عُقد هناك في الفترة من 15 إلى 18 يونيو 2022، أكثر من مليون دولار أمريكي. وتولى البنك المركزي المصري -الذي لا يزال يعاني عجزاً خطيراً في العملة الأجنبية- تغطية حصة من هذا المبلغ.

ولا تقتصر محفظة استثمار الجهاز الوطني للإدارة والاستثمار من الفنادق على فندق سانت ريجيس الماسة، وفندق الماسة مدينة نصر. بل تحتوي كذلك على فنادق تريومف، التي تشتمل على سلسلة من 3 فنادق فاخرة في القاهرة ومرسى مطروح، وقد انضمت إلى الجهاز مطلع 2020.

ويشغل منصب المدير العام لفنادق تريومف اللواء شريف صلاح الدين، المشهور بأنه صديق مقرب من السيسي، فهما يعرفان بعضهما منذ سنوات الدراسة بالأكاديمية العسكرية، وهو يتولى الآن منصب رئيس مجلس إدارة الجهاز الوطني للإدارة والاستثمار.

وكان اللواء شريف صلاح الدين قد تعرض لانتقادات في سبتمبر 2019 بعد أن اتهمه محمد علي، الممثل والمقاول الذي شارك في أعمال بناء أحد فنادق تريومف، علانية بأنه جنى أرباحاً بطرق مخالفة للقانون أثناء بناء العقار. وقد أثارت تلك التسريبات غضباً شعبياً واسع النطاق وقتها لِما كشفت عنه من تضخم ثروات بعض الأفراد في حاشية رئيس الدولة.

ومع ذلك، لم تسفر هذه الأحداث عن أي تغيير في نموذج العمل المتبع في تلك الفنادق. بل استمرت فنادق تريومف في الحصول على ميزات تفضيلية -مثل سانت ريجيس الماسة- في الوصول إلى العقود مع الأجهزة والهيئات الحكومية. ومن أحدث الأمثلة على ذلك، أن فندق “تريومف لاكشري” هو الشريك الرسمي لاستضافة معرض الأمن السيبراني القادم، الذي ينظم في العاصمة المصرية في مايو 2023، تحت رعاية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

تقترن هذه الممارسات التنافسية غير العادلة بمزايا ضريبية لهذه الفنادق. فعلى سبيل المثال، أُعفيت شركات الفنادق التابعة للواءات من ضريبة القيمة المضافة التي فرضت منذ إقرار الإصلاحات الاقتصادية عام 2016، ومن الضرائب على الممتلكات، وهو ما يسري كذلك على جميع الشركات المرتبطة بجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، فرع المشروعات المدنية التابع للجيش. وقد مكَّن هذا الوضع التفضيلي الذراع الفندقية التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية من الازدهار منذ عام 2014، وكانت سلسلة فنادق “توليب”، ذات المستوى الأقل من الفنادق المذكورة سابقاً، قد أومأت ببعض التطلع إلى بلوغ طموحات الجهاز الوطني للإدارة والاستثمار.

قبل أن تصبح مجموعة توليب شركةً ناجحة يتبعها وحدها 20 عقاراً، كانت قد بدأت بفندق واحد فقط في عام 2014، أنشأته القوات المسلحة المصرية، على واجهة بحرية بالإسكندرية. وكانت مجموعة فنادق لوفر الفرنسية العملاقة، قد مُنحت في عام 2013 عقد إدارة، لتأسيس أول علامة تجارية تحمل اسم “رويال توليب” في الشرق الأوسط، لكن العقد لم يُجدَّد بعد ذلك. وفي عام 2014، تحولت “رويال توليب” إلى “توليب”، وسُلمت إدارتها الحصرية إلى جهاز مشروعات الخدمة الوطنية.

وقد شهد جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، مثل الجهاز الوطني للإدارة والاستثمار، توسعاً في أعماله الفندقية في السنوات الأخيرة. ففي فبراير الماضي، اشترت توليب فندقَ ستيلا في شرم الشيخ من شركة “الإسكندنافية للاستثمار والتنمية السياحية”، وهي شركة تابعة لشركة رِمكو لإنشاء القرى السياحية، مقابل 700 مليون جنيه مصري (نحو 23 مليون دولار يوم توقيع العقد). وكانت مجموعة توليب قد افتتحت في عام 2021 فندقاً جديداً على أطراف القاهرة الجديدة، شرق العاصمة، ولديها فندقان آخران في مدينة الجلالة، الواقعة على تلال العين السخنة، داخل مجمع حضري أقامه رئيس الدولة. وللشركة مجمع ضخم آخر قيد الإنشاء بالقرب من العلمين الجديدة، التي أنشأ فيها الجهاز الوطني للإدارة والاستثمار فندقين آخرين.

هذا النمو الهائل في إنشاء الفنادق وإدارتها جزءٌ من توسع سيطرة الجيش على الاقتصاد. لكن الجيش قد يضطر إلى التراجع بعض الشيء عن استثماراته في قطاع الضيافة الفندقية. فقد أدت أزمة الديون المصرية، التي تفاقمت بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، بالقوى الخليجية وصندوق النقد الدولي، إلى مطالبة القاهرة بتقليص مشروعات القوات المسلحة في هذا القطاع، وفي قطاع الأعمال المدنية عموماً. ومن المقرر أن تبدأ الحكومة في خطة لخصخصة 32 شركة مملوكة للدولة في الأسابيع القليلة المقبلة.

هذه الخطة التي طال انتظارها تشمل بعض الفنادق. وتخطط “الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق” (إيجوث)، التابعة للشركة القابضة للسياحة والفنادق والتجارة، إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال العام، لتقديم بعض أكبر أصولها قيمة. ويشمل ذلك فندق “كتراكت” العريق في أسوان، الذي استضاف من قبل الكاتبة الإنجليزية أجاثا كريستي والرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران؛ وفندق “مينا هاوس”، الذي كان الخديوي إسماعيل يتخذه نزلاً للصيد، عند سفح الهرم الأكبر بالجيزة.

وفي المجمل، ستعرض الشركة القابضة للسياحة والفنادق على مستثمري القطاع الخاص حصة أقلية في سبعة فنادق تاريخية، لم تُحدد كلها بعد. لكن العملية قد تكون أقل انفتاحاً مما تبدو عليه. فقد أشار مصدر مقرب من الصفقة، إلى أن المناقشات السرية جارية لمنح هذه الأسهم للجهاز الوطني للإدارة والاستثمار. ويلخص بعض المراقبين المطلعين على خبايا الموجة القادمة من الخصخصة، الأمر بالقول: “إنها تؤخذ من اليد اليمنى، لتُباع إلى اليسرى”.

كذلك فإن شهية اللواءات للاستثمار في الفنادق ترجع إلى الزيادة المطردة في عائدات قطاع السياحة في مصر. وزيادة العوائد في هذا القطاع أمر نادر وسط هيمنة للفشل الاقتصادي على البلاد. ففي السنة المالية (2021-2022)، حقق قطاع السياحة 10.7 مليار دولار، ليقترب بذلك من أعلى عوائد بلغتها السياحة بالبلاد خلال موسم 2010 الذي وصلت عوائده إلى 14 مليار دولار. ويخطط وزير السياحة أحمد عيسى لمضاعفة هذه الإيرادات 3 مرات بافتتاح آلاف من الغرف الفندقية الجديدة.

ويخطط عيسى، الذي كان يعمل بالقطاع المصرفي في السابق، لإنشاء ما يقرب من 1500 غرفة بالقرب من أهرامات الجيزة، حيث يجري إنشاء المتحف المصري الكبير.

وفي ظل هذه التطورات، بدأت شركات الفنادق المرموقة في التحرك، ومنها مجموعة “ماريوت الدولية” وعملاق الفنادق الهندي “مجموعة أوبروي”، وإنها بالتأكيد ليست إلا مسألة وقت قبل أن ينضم الجهاز العسكري إلى السباق. ففي قلب خطة التطوير تلك توجد قطعة أرض كبرى تقع بين الأهرامات والمتحف القادم، كانت موقعاً لنادي رماية سابق للجيش، ولا تزال ملكيتها في يديه.

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023