قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية إنه في عهد عبد الفتاح السيسي، توسع دور القوات المسلحة على حساب القطاع الخاص بشكل كبير، وذلك في سبيل الحفاظ على سيطرته السياسية في البلاد، ولأنه يعتبر أن هذه هي الطريقة الأكثر فاعلية لبناء مصر الحديثة.
وتابعت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمه موقع عربي21 بأن الجيش يمتلك مئات الكيانات والوكالات التي تمس الحياة اليومية لملايين المصريين، من محطات الوقود، لسلاسل الوجبات السريعة، ومزارع السمك، ومصانع الإسمنت، والهيئات التي تشرف على المشاريع والبناء، إلى جانب 1500 كشك “موم آند بوب”، بعضها يحمل لافتات عسكرية.
ولفتت إلى أن الدور الكبير الذي يؤديه الجيش في الاقتصاد يضغط على القطاع الخاص في العديد من القطاعات لا سيما الصناعية، ما يشكل أزمة اقتصادية، الأمر الذي يثير قلق داعمي مصر، بحسب الاقتصاديين، مثل صندوق النقد الدولي، ودول الخليج العربي، الذين يضغطون على السيسي لتحقيق تكافؤ الفرص.
ويدفع صندوق النقد مصر لتخفيف بصمة الجيش على الاقتصاد، وتخفيف الإعفاءات الضريبية على شركات الجيش، وذلك كجزء من خطة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار لإنقاذ البلاد من التخلف عن سداد ديونها.
ونقلت عن أشخاص مطلعين، أن رعاة السيسي الإقليميين، في السعودية والإمارات، يحثونه على توفير مساحة للشركات الخاصة، وأنهم يحجمون عن الاستثمار في مصر حتى الآن، لحين اتضاح الصورة.
وتابع المحللون بحسب تقرير الصحيفة بأن السيسي أظهر قليلا من إشارات التراجع، ويراهن على أن الدائنين سيواصلون دعم مصر، لأنهم لا يريدون لأكبر بلد عربي من ناحية عدد السكان أن يفشل، ولا أحد يريد أن يرى ثورة جديدة مثل عام 2011.
ونقلت عن المحلل في مركز كارنيجي للشرق الأوسط، يزيد صايغ، بأنه من غير المرجح أن يقلل السيسي نفوذ اقتصاد الجيش، لأنه يعتقد أن نظام القيادة على المستوى المركزي هو الوحيد القادر على إنجاز الأعمال العامة بسرعة.
وتابع بأن السيسي مقتنع بأن الجيش هو الأفضل بالنسبة له، لذا يضعه في المقدمة بطريقة لم يفعلها أي زعيم آخر.
وكان السيسي أخبر صندوق النقد الدولي في فبراير الماضي، بأن مصر تتطلع إلى إدخال إصلاحات لتنمية دور القطاع الخاص في الاقتصاد.
ووفقا لمؤشر S&P Global Egypt الذي يستطلع آراء 450 شركة تعمل في الصناعة، والإنشاءات، والبيع بالتجزئة، والخدمات، فإن القطاع الخاص في تراجع منذ أكثر من عامين.
وأشار إلى أن هنالك مشاريع خسرت أو أفلست، بسبب استثمارات الجيش في قطاعات معينة، ووقف الإعانات الخاصة بالمشاريع الخاصة، ما جعل منافسة شركات الجيش أمرا صعبا.
ووعدت الحكومة المصرية ببيع حصص في الشركة الوطنية للبترول، وكذلك الشركة الوطنية لتعبئة مياه الشرب، والزيت، لكن الوعود المتسمرة منذ سنتين لم تنفذ.
ونقلت الصحيفة عن شخص مطلع على خطط البيع بأن الجيش أدار الشركة دون أوراق حكومية، ولا أذونات ملكية، ولا تراخيص.
وتابعت بأنه من خلال السيطرة المركزية على الاقتصاد، يضمن السيسي قدرته على توجيه الأموال في مصر، ودعم البناء في البلاد، وإنشاء الطرق، والجسور، والمدن الجديدة، بما في ذلك العاصمة الجديدة.
وفي السنوات الأخيرة ، بدأ الجيش في الانتقال إلى أماكن البيع بالتجزئة مثل محطة وقود Chill Out على الطرق السريعة.
ونقل عن اقتصاديين قولهم إن صندوق النقد الدولي يكافح لمعرفة أين يبدأ دور الجيش في الاقتصاد، وأين ينتهي؟!
ويضيف صايغ، بأن الشركات التابعة للجيش المسجلة رسميا هي 80 شركة فقط، وأن نوادي الضباط، والمنتجعات، وفروع الأشغال العامة، كلها غير مسجلة رغم أنها تدر إيرادات كبيرة.
ولم يكن الجيش بمنأى عن الأزمة الاقتصادية. حيث توقف التعاون بين الجيش والمقاولين الخاصين وانخفضت قيمة الجنيه المصري إلى النصف تقريبًا العام الماضي، وفرضت السلطات قيودًا على الاستيراد في محاولة للحفاظ على العملة الأجنبية، وفقًا لأصحاب الأعمال الخاصة.
ومع ذلك، فإن الشركات التابعة للجيش تتمتع بميزة الالتفاف على الضرائب والجمارك، والحصول على أراض مجانية بموجب مرسوم رئاسي.
ويختم التقرير نقلا عن محللين سياسيين، بأنه حتى لو أراد السيسي تقليص سلطة الجيش، فقد يواجه مقاومة كبيرة من داخل المؤسسة العسكرية، ويقول رجال أعمال مصريون إن عائلات ضباط الجيش رفيعي الرتب جمعوا ثروة كبيرة من خلال مزاياهم في عالم الأعمال، وسيكرهون التخلي عن ذلك.