شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

وفــاة الـعميد الـسيد وجدي أحد مصابي حرب أكتوبر.. تعرف على قصته

رحل عن عالمنا العميد السيد وجدي، أحد أبطال اللواء 25 مدرع بحرب أكتوبر 1973 عن عمر يناهز 75 عاما، بعد أن لازم مستشفى المعادي العسكري 50 عاما منذ إصابته بالشلل الثلاثي خلال التصدي للثغرة يوم 17 أكتوبر.
وحسب صحف محلية العميد السيد وجدي أصيب في ميدان القتال بحرب أكتوبر، عقب إصابة دبابته بصاروخ في أثناء محاولة إغلاق الثغرة التي قام بها العدو الإسرائيلي من الغرب للشرق يوم 17 أكتوبر 1973، ما أسفر عن إصابته بشلل ثلاثي انتقل على إثره إلى مستشفى المعادي وظل في المستشفى حتى تغمده الله برحمته صباح اليوم.

أصيب بـ 13 شظية في أماكن متفرقة من جسده، وأجرى العديد من العمليات الجراحية بمصر والخارج إثر تلك الإصابة بحرب أكتوبر 1973 وفقد منزله ولم يصبح له أي منزل فبقي في المستشفى منذ ذلك التوقيت حتى يوم وفاته.

وفي حوار سابق مع مجموعة 73 مؤرخين قال العميد عن كواليس إصابته:

صباح يوم 17 أكتوبر تحرك القول تحت قيادتي و كنت أنا على رأس الرتل المتحرك وكان أمامنا دبابة دورية كانت مهمتها استكشاف الطريق و المكان أمامنا فإذا رأت شيئا ما أو حدث شيء لا قدر الله لا يتأثر باقي القول أو على الأقل يأخذ الحيطة و الحذر فقمت بإرجاعها للخلف وقمت أنا بدورها وكنت متقدما عن بقية الرتل وبالتالى كانت المسافة بيني وبين فصيلتي مسافة كيلو ونصف وبين الفصيلة والسرية مسافة 3 كيلو وعندما علم قائد الكتيبة بذلك كان دائما يقول لي

( أمن نفسك يا سيد يا وجدي خلي دبابة الدورية مدفوعة قدام قلت له يا فندم العمر واحد والرب واحد مش هتيجي على دبابة الدورية و أطلع حاجة قدام تحرسني يعني )

و كانت تعليمات قائد اللواء أني على أول طريق بعد قناة السويس الطريق العرضي رقم واحد و كنت أسير متقدما عن باقي القول و أقوم بدور دبابة الدورية في استكشاف الطريق وكنت على اتصال دائم بمن خلفي وأبلغه بما أراه حتى تبقى حوالي 11 كيلو وهناك قابلت بعض الشاردين من الكتيبة 77 التي حدث بها خسائر كبيرة نتيجة الثغرة فطلبت من قائد الكتيبة عربة مشاه أخذ الجنود الشاردين وبعد مسافة قابلت مجموعة أخرى من الشاردين وكانت طريقة التعرف عليهم أني أقوم بضرب نار يمينا ويسارا ثم أقوم برفع علم ثم يأتي أحد منهم للتعرف عليه فتعرفت عليه فكان زميل لي في اللواء وكان معه من جنود احترقت دباباتهم فاستدعيت عربة البي كيه وتم رجوعهم.

و بعد مسافة أخرى اثناء سيري وجدت مجموعة من الجنود الشاردين فخاطبت القائد لإرسال عربة أخرى لأخذهم ثم تابعت سيرى وأنا في طريقي بدأت تظهر على خط الأفق دبابات كان لها خط صد نازل للمياه ومن المياه داخل لسيناء فقمت بالإبلاغ عن ما رأيته و كنت أراها على هيئة نقط و بطبيعة دراستي وتعلمي فكنت أستطيع أن أميز بين الدبابة وغيرها وكانت المسافة حوالي 5 كيلو وعندما خاطبت قائدي بذلك قال لي انتظر التعليمات، وقتها بدأت الشمس في الظهور واختبأت خلف ثنية أرضية ثم خاطبني القائد للتأكد من المسافة التي ذكرتها بأنها 5 كيلو وقال لي حدد المسافة بالضرب وذلك يعني أنني أتحرك للأمام و قمت بإصدار أمر الضرب و كنت أتابع الطلقة بالنظارة وأنا واقف على البرج من الخارج وكنت أسند على غطاء باب البرج وكانت الطلقة شديدة الانفجار.

وقد اخترت هذه الطلقة حتى أستطيع عند تفجيرها معرفة مدى إصابتها للهدف وبالتالي أستطيع تقدير المسافة جيدا وصدق توقعي انفجرت الطلقة بين النقط السوداء وذلك يعني صحة تقديري للمسافة وقمت بالتحدث في التليفون للتأكيد على المسافة إذ بالرامي يقوم بتجهيز طلقة أخرى بدون إذن مني فقمت بنكزه برجلي تعبيرا عن رفضي لتصرفه دون أخذ الإذن مني ولم أدرِِ ماذا حدث بعد ذلك، عرفت بعدها أن دانة مدفع وقعت على يساري فأصيب الجزء الأيسر مني بشظايا الدانة منهم 4 شظايا فى الرئة وشظايا أسفل الظهر كان مجموع الشظايا التي أصبت بها 13 شظية وكانت الدانة رد فعل من دبابات العدو بعد أن أطلق الرامي الطلقة الثانية وعندما أُصبِت فقدت الوعي وسقطت داخل الدبابة فوقعت على جندي وألقاني جانبا ووجد الدماء تنزف مني.

بعد فترة عاد لي الوعي فوجدت الجندي يصرخ وقال إن تاب 19 مصاب تاب 19 مصاب ( الرمز الكودي لي ) ويوجد عندنا شيء اسمه الحرملة وهو عبارة عن حبل يلتف حول المصاب بطريقة معينة يتم بها تحريك المصاب لأعلى من خلال فتحة البرج كنت وقتها فى وعيي و لكني أتألم من شدة الإصابة فكنت أتألم بشدة أثناء تحريكي ومن شدة الألم كنت أفقد الوعي وفقدت القدرة على النطق بعد الإصابة و كنت أقوم بالإشارة للمسعف لكي يقوم بحقن رجلي المصاب بدلا من ذراعي.

تقريبا من حوالي 7 سنوات قابلت فاروق وكان أكمل دراسته الجامعية وحصل على دكتوراة و أصبح وكيل وزارة الزراعة فكان مهندسا زراعيا و كانت أول مرة أراه بعد الحرب، وخرجنا لتناول الفطار معا، كنا وقتها فى شهر رمضان الكريم وحضرنا ختام المصحف الشريف فى مسجد الحسين بالقاهرة و بادرني بالسؤال: هل تفتكر ماذا حدث بعد الإصابة؟ فأجبته أن آخر ما أتذكره إشارتي لكم على ذراعي المصاب ومن شدة الألم فقدت الوعي ولم أشعر بشيء بعد ذلك، فحكى لي ما حدث بعد ذلك وقال إننا اعتقدنا أنك توفيت، و قمت بتقبيلك وتوجهيك اتجاه القبلة ودعوت لك بالرحمة وتركت على رأسك علم مصر حتى إذا وصلت فرق الإخلاء ورأت العلم المصري عليك تعرف أنك مصرث و تقوم بإخلائك من المكان وإحضارك معهم هنا، أتذكر أن عند قدوم فرق الإخلاء التابعة للجيش المصري وجدوني على قيد الحياة أعاني من شدة الآلام و أخذوني إلى المستشفى بالسويس.

و هناك سمعت الدكتور يقول لهم يجب سفره لمستشفى القوات المسلحة بالمعادي وأخذ مني اللوحة الميدانية من يدي وقتها كنت غير مستوعب تماما لما يدور حولي إلى أن تم نقلي إلى مستشفى القوات المسلحة بالمعادي وكان أول لقاء لي مع والدي كان في عيد الفطر وفرحت جدا برؤيته، وهنا أتذكر موقفا طريفا لا أنساه أبدا أنه عندما تم نقلي إلى مستشفى القوات المسلحة بالمعادي كنت فاقد الوعي وعندما عاد لي الوعي اعتقدت أنى داخل إسرائيل وليس مصر فقد رأيت الدكتور الذي كان يتعامل مع حالتي لديه شارب ولحية وكان برتبة مقدم، فطبعا من المعروف أن القوات المسلحة المصرية تمنع إطلاق اللحية داخل الجيش لأى رتبة مهما كانت، لكن إسرائيل تسمح بذلك، وكانت هناك طبيبة مسئولة عن العلاج الطبيعى لحالتي كانت ملامحها ملامح أوروبية وليست ملامح شرقية وكنت وقتها مازلت غير قادر على النطق.

و كان الطبيب المتابع لحالتي يتابعني كل فترة وكان دائما يقول لي: ( اصحَ يا بطل بلدك عايزاك) فكنت أفهم من ذلك أنهم يريدون استجوابي وأخذ معلومات مني عن الجيش المصري فكنت أنام ولا أجيب بأي شيء على كلامه ولكن عندما رأيت والدي فرحت جدا وتأكدت أنني بمصر وليس إسرائيل، بعدها بيومين تقريبا رأيت والدتي، أما أخي كان ضمن قوات الجيش الثاني، وهو قائد كتيبة بالإنابة تم تكريمه.

و بعد وقف إطلاق النار عرف أخباري من ضابط بالمخابرات وأني مصاب ثم جاء لزيارتي بعد أن سُمح لهم بالنزول وأتذكر جيدا ما قاله لي عند زيارتي داخل المستشفى ( أنت هتعيش مش هتموت، فاهم ولا أضرب نفسي بالنار قدامك؟ ) فكنت أرد عليه بتحريك رأسي بمعنى أنىي متفق مع كلامه.

ومن وقتها وأنا حياتي كلها داخل المستشفى، وسافرت للخارج 3 مرات للعلاج مرة إلى إنجلترا ومرة إلى فرنسا وآخر مرة سافرت أمريكا فأصبحت حياتي بعد الإصابة داخل المستشفى، ليس لي منزل أذهب إليه، و الآن مطلوب إجراء عمليات أخرى، لكني أرفض ذلك ليس خوفا على حياتي فحياتي قد وهبتها لمصر وترابها وأعاني من نزيف مستمر وأخرج يوم السبت فقط إذا كانت حالتي تسمح بذلك لمقابلة الأصدقاء القدامى وتقضية بعض الوقت معهم طول اليوم وأرجع للمستشفى بعد ذلك.

و أنا لا اعتبر نفسي بطلا فأنا أرى ما قمت به فى حرب أكتوبر هو واجب وليس بطولة فأى شخص كان مكاني كان لابد أن يقوم بما قمت به، فعندما تقدمت لدخول الكلية الحربية قمت بالإمضاء على العقيدة العسكرية المصرية التي شعارها النصر أو الشهادة.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023