يتناثر شرر أزمة العلاقات بين مصر والسعودية على مواقع التواصل والنوافذ الإعلامية، بينما يظل مكتوما داخل المؤسسات الرسمية وتقف العديد من الأسباب وراء الخلاف المتصاعد بين النظامين المصري والسعودي، والذي برزت ملامحه خلال الأيام الأخيرة في المعركة المتصاعدة إعلاميا.
وقال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية د. عصام عبد الشافي إن الخلاف البارز على الساحة الإعلامية يرتبط بالتقارب المصري ـ الإماراتي، بدرجة أكبر من تقارب النظام في مصر مع النظام السعودي، ومع تغير الأوزان النسبية خلال العامين الماضيين، وصعود محمد بن سلمان، وتصوراته الذاتية عن قيادته للمنطقة.
وأوضح عبد الشافي في حواره مع شبكة رصد أن هذا التصور انعكس في التمثيل منخفض المستوى من جانب الإمارات في القمم الصينية التي عقدت في الرياض، وغياب السعودية عن اللقاء التشاوري الذي حضره السيسي في أبو ظبي.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى رغبة السعودية في تشديد الضغوط على النظام المصري في الحصول على استحواذات وحصص في قطاعات استراتيجية لفرض الهيمنة والسيطرة على الأوضاع في مصر، وهو ما كشفت عنه منشورات عدد من الإعلاميين السعوديين حول جذور أزمة العسكر وسيطرته على الأوضاع في مصر،وهو ما يتناقض مع مواقفهم السابقة الداعمة للأنظمة العسكرية في ظل مبارك وبعد انقلاب 2013.
وأكد عبدالشافي أن دور السعودية في إطار مشروطيات صندوق النقد الدولي، يجعلها من بين الدول الوصية على النظام في مصر، والمطلوب منها الضغط عليه لتنفيذ هذه الشروط والتي من بينها تعزيز دور القطاع الخاص، مضيفا” “أي اتجاه للتخارج من القطاعات الاقتصادية والاستراتيجية من جانب النظام العسكري في مصر، لن تصب في صالح القطاع الخاص المصري، بل في صالح الصناديق السيادية الخليجية، وفي مقدمتها الصندوق السعودي، هنا تكون المحصلة النهائية في صالح السعودية وأدواتها”.
وحول ارتباط هذه الأزمة بموقف النظام في مصر من تيران وصنافير التي قام ببيعها للسعودية في أبريل 2016، قال أستاذ العلوم السياسية إن النظام يستخدمها بين الحين والآخر كورقة للمساومة والابتزاز للحصول على مزيد من الدعم السعودي.
وشدد عبدالشافي على أن تذبذب موقف النظام المصري في يعض القضايا الإقليمية تعتبره السعودية تهديداً استراتيجياً لأمنها، وهو الملف الإيراني والملف اليمني الذي تؤثر فيه إيران، حيث راهنت السعودية كثيراً على دور نظام السيسي، ولكنه لم يحقق لها ما سعت إليه من أهداف أو يلبي طموحاتها في هذه الملفات.
وفي وقت سابق، انتقد الأكاديمي السعودي “تركي الحمد” ما وصفها بـ”هيمنة الجيش المتصاعدة” على مفاصل الحكم في مصر، على حساب مؤسسات المجتمع الأخرى؛ ما أدى إلى وقوعها أسيرة لصندوق النقد الدولي.
وعدد “الحمد” عبر حسابه في “تويتر” 3 أسباب أدت إلى تردي الأوضاع في مصر ووقوعها أسيرة للمساعدات الدولية، ومثّلت ما أسماه بداية “الصعود إلى الهاوية”.
والأسباب الثلاثة، هي “هيمنة الجيش المتصاعدة على الدولة وخاصة الاقتصاد”، و”البيروقراطية المصرية الهرِمة المقاومة للتغيير”، و”الثقافة الشعبية المستسلمة والمستكينة والمنتظرة لكل ما يأتي من فوق (أعلى) مع غياب شبه تام لحس المبادرة المجتمعية المستقلة”.
وردا على هذه التصريحات شن الإعلامي المقرب من السلطات “نشأت الديهي”، هجومًا حادا على “الحمد” قائلا له: “أنت مالك ومال مصر، هناك مجموعة من المغرضين من دول الخليج ليس لهم علاقة بدولهم الرسمية، موجودين في الكويت والسعودية والإمارات”.
وأضاف: “بقول لتركي الحمد وأمثاله، عيب، أنا لا أرد عليك بالمنطق، لأنك لا تمتلك أي منطق.. من أنت كي تتكلم عن تاريخ مصر.. مصر باقية، هذه الدولة خلقت لتبقى”.
يأتي هذه التراشق في ظل أزمة اقتصادية حادة تشهدها مصر وانهيار قيمة الجنيه لمستويات غير مسبوقة، وسط انتقادات حادة للنظام وسياسته في مواجهة الأزمة.
واعتبر الأكاديمي السعودي والكاتب “خالد الدخيل”، الأحد، أن الأزمة الراهنة في مصر تعود أسبابها لسيطرة الجيش على مفاصل الدولة، وأنها لم تغادر عباءة العسكر منذ 1952.