تعهدت مصر بتقليص دور الجيش في الاقتصاد، ضمن بنود حزمة الإنقاذ التي اتفقت عليها مع صندوق النقد الدولي، للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، وذلك في وقت تصارع فيه البلاد أزمة نقص العملة الأجنبية وضعف الجنيه وارتفاع معدل التضخم.
صحيفة The Financial Times البريطانية قالت إن صندوق النقد الدولي كشف في بيان له أن الإصلاحات الهيكلية “الحاسمة” التي وافقت عليها القاهرة تشمل “تعزيز تكافؤ الفرص بين القطاعين العام والخاص”، بموجب وثيقة ملكية الدولة التي أقرها عبد الفتاح السيسي.
فيما أشار الصندوق إلى أن السياسات المتفق عليها ستشمل جميع الشركات المملوكة للدولة، ومنها “الشركات المملوكة للجيش”، وهو إقرار نادر من صندوق النقد الدولي بتوسيع الجيش لبصمته في الاقتصاد المصري، بعد سيطرة قائده السابق على السلطة في انقلاب عام 2013.
وتشمل الشروط المتفق عليها تحديد الحكومة للقطاعات “الاستراتيجية” التي ستعمل بها، والانسحاب تدريجياً من “القطاعات غير الاستراتيجية”، واتخاذ الخطوات اللازمة لذلك، ومنها بيع الأصول.
ولتعزيز الشفافية، يقتضي الاتفاق تقديم الكيانات المملوكة للدولة حسابات مالية إلى وزارة المالية مرتين في السنة، والكشف عن المعلومات الخاصة بأي أنشطة “شبه مالية”، وتضمن وزارة المالية بدورها الوصول المفتوح إلى هذه البيانات.
لطالما اشتكى الاقتصاديون ورجال الأعمال المصريون من أن دور الجيش في الاقتصاد يزاحم مشاركة القطاع الخاص، ويخيف المستثمرين الأجانب، لا سيما أن تجارة الجيش معفية من معظم الضرائب، ولا يُعرف الكثير عنها.
واعتمد السيسي اعتماداً كبيراً على الجيش، بوصفه الأداة الرئيسية في إعادة بناء الاقتصاد المنهار بعد الاضطرابات التي اندلعت في أعقاب ثورة 2011، ومن ثم أوكل إلى الجيش مئات من مشروعات البنية التحتية، وفُتح له الباب لتوسيع نطاق مصالحه في قطاعات مختلفة، من إنتاج المكرونة والمشروبات وحتى الأسمنت.
كان نظام السيسي قد تعهد من قبل بتقليص دور الجيش في الاقتصاد، وخصخصة الشركات المملوكة للجيش، لكن لم يُحرز أي تقدم يُذكر. ويأمل رجال الأعمال أن تؤدي ضخامة الأزمة الحالية إلى إجبار السلطات على المضي قدماً في هذا المسار.
وبناء على تضرر مصر من التداعيات العالمية للغزو الروسي لأوكرانيا، توقع صندوق النقد الدولي أن تواجه البلاد فجوة تمويلية، قدرها 17 مليار دولار، على مدى السنوات الأربع المقبلة.
وقالت إيفانا هولار، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر، إن “برنامج الإصلاح المتفق عليه مع السلطات المصرية يقوم على إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص، وهو أمر اشتدت الحاجة إليه”، و”من الأهمية بمكان أن تجري المصادقة على وثيقة ملكية الدولة [المتعلقة بتخارُج الدولة من الاقتصاد] من أعلى المستويات، بمن فيها الرئيس”.
وفي معرض الحديث عن العقبات التي قد يتعرض لها برنامج الإصلاح الاقتصادي، أشار صندوق النقد الدولي إلى أن “ضبط أوضاع المالية العامة في سياق ارتفاع تكاليف المعيشة قد يواجه معوقات سياسية واجتماعية”، ومع ذلك “لا يزال يتعين الاستمرار في التحول إلى سعر صرف مرن، وإن واجه [البنك المركزي] ضغوطاً سياسية واجتماعية للنكوص عن مساره”، “فالإصلاحات التي ترمي إلى تقليص دور الدولة قد تواجه مقاومة من أصحاب المصالح الخاصة في البلاد”.