نشرت صحيفة الجارديان البريطانية، مقالا افتتاحيا، انتقد منح رئيس الحكومة الجديدة بالاحتلال بنيامين نتنياهو، اليمين المتطرف، صلاحية التحكم بالشرطة داخل المناطق المحتلة.
واعتبر مقال الصحيفة، أن نتنياهو يلعب بالنار بسبب ذلك، مشيرا إلى أن الأمر يمثل تهديدا إسرائيليا من الداخل، بسبب اليمين المتطرف في الحكومة المقبلة، إذ أدت الأزمة في الأرض المقدسة إلى درجة الغليان، حيث تسفك الدماء في الجانبين.
وجاء في نص المقال :
لقد عبر تور وينيزلاند، مبعوث الأمم المتحدة للسلام، عن رأيه صراحة بلا مواربة عندما تحدث أمام مجلس الأمن هذا الأسبوع. فارتفاع عدد القتلى في الضفة الغربية، وهو الأسوأ من عام 2006، يعكر المياه. لقد قتل منذ شهر يناير مائة وأربعون فلسطينياً داخل هذه المنطقة، كلهم تقريباً على أيدي القوات الإسرائيلية. وأما الهجمات الفلسطينية التي تستهدف الإسرائيليين فخلفت ثلاثين قتيلا.
قبل ذلك بأيام كان وينيزلاند قد أصيب بالذعر بسبب إطلاق النار على رجل فلسطيني أعزل أثناء شجار مع ضابط في شرطة الحدود الإسرائيلية.
أثبت الشريط المرعب لعملية القتل أنه كان محقاً في الإصابة بالذعر. ولكن بدلاً من تعزير الضابط على إعدامه الرجل الفلسطيني على الملأ، فإن إيتمار بن غفير وزير الأمن الوطني المعين الذي ينتمي إلى حزب القوة اليهودي اليميني المتطرف، أشاد به بوصفه بطلاً .
تعتبر الكتلة الصهيونية الدينية، التي يقودها السيد بن غفير ومعه بتسالئيل سموتريتش، الذي يؤمن بالتفوق العرقي اليهودي، ثالث أكبر مجموعة داخل الكنيست، حيث إنها كانت أكبر الفائزين في انتخابات الشهر الماضي، بما فيها من عنصريين، بينما كان الخاسرون هم من الديمقراطية الإسرائيلية والفلسطينيين. كان محقاً ياكوف كاتز، رئيس تحرير صحيفة الجيروزاليم بوست، حين وصف السيد بن غفير بأنه “النسخة الإسرائيلية الحديثة من الأمريكي الذي يؤمن بتفوق العرق الأبيض والأوروبي الفاشي.” فالسيد بن غفير، الذي كان قد أدين بالتحريض العنصري ودعم الإرهاب، علاقاته متوترة مع الأقلية العربية في إسرائيل، وهو الذي تعهد مراراً وتكراراً بترحيل البدو والمواطنين الإسرائيليين من الفلسطينيين إلى الدول العربية المجاورة، ولهذا فإنه قد يكون ثمة ما هو أسوأ بانتظارهم.
إن السبب المباشر لوجود هؤلاء المتطرفين العنيفين داخل الحكومة الإسرائيلية هو بنيامين نتنياهو. فنظراً إلى أنه يحاكم بتهم الفساد –وهي تهم ينفيها السيد نتنياهو– فإنه بدا على استعداد لدفع أي ثمن لإنهاء القضية المرفوعة ضده.
فمقابل الاعتداء على النظام القضائي في إسرائيل من خلال تشريعات يدفع بها حلفاؤه في اليمين الديني المتطرف، يبدو أن السيد نتنياهو يعيد تركيب الحكومة لصالحهم – وبالذات تسليمهم صلاحيات غير محدودة تقريباً داخل المناطق المحتلة. فهو يسعى إلى ركوب الموجة الراديكالية التي ترتفع داخل المجتمع اليهودي الإسرائيلي.
فما يقرب من ستين بالمائة من الناخبين يعتبرون أنفسهم الآن يمينيين – بعد أن كانت النسبة في عام 2019 ستة وأربعين بالمائة، علماً بأن نسبة تأييد اليمين بين جيل الشباب من الإسرائيليين تصل إلى سبعين بالمائة. وينبغي أن تُقلق هذه التوجهات إسرائيل. فمنذ عام 1967، منح البلد نفسه إنكاراً معقولاً بشأن الاحتلال غير القانوني المتكرس في الضفة الغربية من خلال الزعم بأن المنطقة تخضع لإدارة نظام قانوني عسكري غير سياسي يحترم القانون الدولي.
وكانت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تقول إن ذلك كان حلاً مؤقتاً إلى حين التوصل إلى صفقة دائمة مع الفلسطينيين. إلا أن تسليم حزب السيد سموتريتش مقاليد الأمور يهدد بهتك أستار هذه الخديعة، بما يؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي ما هو سوى شكل من أشكال الأبارتايد (الفصل العنصري).
يبدو أن السيد نتنياهو يراهن على أن العالم سوف يرمش أولاً. وبينما يقف أصدقاؤه في الخليج إلى جانبه، تقول إدارة الرئيس بايدن إنها سوف تحكم على الحكومة الجديدة من خلال ما تنتهجه من سياسات وليس من خلال من يقودها من شخصيات.
إلا أن اليمين المتطرف يدق طبوله بالطريقة التي يختارها هو. فالسيد سموتريتش يؤيد ضم الضفة الغربية وتوسيع المستوطنات وهدم بيوت الفلسطينيين. بينما يخطط بن غفير لترتيب زيارة تحريضية إلى الحرم الشريف، مقر ثالث أقدس المساجد في الإسلام، وذلك بحجة أن اليهود الإسرائيليين يناضلون في سبيل الحصول على حقوقهم الدينية.
إذا ما ترجمت هذه الكلمات إلى أفعال فإنها لن تكون الانتفاضة الفلسطينية منا ببعيد. هذا تفكير قاتم، ولكن يبدو أنه المآل الذي تتجه إليه التطورات المؤسفة في السياسة الإسرائيلية.
