منذ انتهاء الانتخابات الرئاسية المصرية فى يونيو2012 الماضي بنجاح الدكتور محمد مرسى (ابن جماعة الإخوان المسلمين) كأول رئيس منتخب للبلاد في تاريخها حتى انطلقت مدافع الفريق الإماراتي"ضاحى خلفان" رئيس شرطة دبي على موقع التواصل الاجتماعي" تويتر" مدشّناً حملة من البذاءات والإهانات والأكاذيب ليس فقط بحق جماعة الإخوان المسلمين التي تستطيع الدفاع عن نفسها متى وكيفما شاءت بل في حق الدولة المصرية ذلك أن محمد مرسى لم يعد عضواً في جماعة الإخوان المسلمين بالمعنى التنظيمي , لكنه صار رجل دولة ورمز يمثل أكبر دولة في المنطقة.
من السذاجة والغباء أن نفترض البراءة وحسن الظن في رجل مابرح يتطاول على الدولة المصرية دون أدنى تحذير أو تعذير من قيادة الإمارات أو حاكم إمارة دبي طوال الشهور الماضية في إشارة واضحة الدلالة بالموافقة ومباركة الفعل إن لم يكن التحريض ذلك أن سجل دولة الإمارات أثناء وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير أخذ منحى معادياً لها في انحيازها لنظام مبارك ضد إرادة الشعب المصري ولم تكن الإمارات وحدها بل معظم أنظمة الخليج العربي لم ترحب الثورة المصرية وأبرزها المملكة العربية السعودية والكويت باستخدام سلاح المساعدات الاقتصادية كورقة ضغط وربما ابتزاز للحيلولة دون استقلالية القرار وإرادة الدولة المصرية ما بعد مبارك حيث أن مجمل السياسة الخليجية لم تتحرر من أسر التبعية الأمريكية.
هناك عدة مواقف كانت حاضرة بقوة في المشهد الإماراتي تجاه الثورة المصرية.. بداية تلك المواقف كانت الزيارة الغامضة لوزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد للقاهرة قبيل تنحى مبارك عن السلطة في الحادي عشر من فبراير2011وقد تردد ساعتها أن الزيارة كانت لغرض استضافة مبارك في الإمارات لكن مبارك رفض, ثم تكشّف الموقف الحقيقي للدولة الإماراتية تجاه الثورة المصرية بسبب ما قيل عن رفضها ومعظم دول الخليج لمحاكمة مبارك, فضلاً عن توجه الدبلوماسية المصرية الجديد بالتقارب والانفتاح على إيران التي تحتل ثلاثة جزر تابعة للإمارات, وتم إرجاء زيارة رئيس الوزراء الأسبق آنذاك د- عصام شرف كانت مقررة لأبى ظبي ضمن أول جولة خليجية له خلال شهر إبريل من العام2011, ناهيك عن معاناة المصريين المقيمين بالإمارات بعد نجاح الثورة المصرية , وهذا ما أكّده الكاتب والمفكر الكبير فهمي هويدى في مقاله" هم المصريين بالإمارات" في صحيفة الشروق المصرية بتاريخ 4 مارس الماضي حسب مشاهداته وسماعه من المصريين هناك الذين أكّدوا له " أنهم يعيشون أسوأ أيامهم في الغربة" وقالوا له أيضاً أن المصري في الإمارات "إما غير مرغوب فيه أو مشتبه" فالأول يُحتمل على مضض حتى يتوفر بديل عنه, والثاني يُضيق عليه ويتم التخلص منه في أول فرصة سانحة.
إن ثمة شكوك تعززها شواهد بعلاقات إماراتية إسرائيلية حيث أوردت صحيفة(هاآرتس الإسرائيلية في 18 سبتمبر 2009) معلومات خطيرة عن وجود العشرات من الجنرالات الإسرائيليين السابقين, وضباط الموساد يقومون بالتدريب الأمني وإدارة بعض الشركات في عدة دول خليجية, وقد ذكر الكاتب فهمى هويدى أيضاً في مقاله بصحيفة الشرق القطرية(11 مايو 2010) أنه سمع ذات مرة من دبلوماسي أمريكي تعبيره عن الأسف لقتل القيادي العسكري في حماس (محمود المبحوح) في دبي 19 يناير(2010) , لا لشيء سوى أن العملية أثرت سلباً على" العلاقات الوثيقة " التي تربط بين إسرائيل والإمارات العربية. الأمر الذي يدفعنا للقول بأنه لم يكن مبارك وحده كنزاً إستراتيجياً لإسرائيل لاسيما وأن الجنرال ضاحى خلفان قد أعلنها صريحة في أحد تغريداته على " تويتر" بأن الإخوان المسلمين هم العدو الأكبر وليس إسرائيل ذلك أن مبارك كان كنزاً معلناً, بينما يلعب الآخرون في السر وإلاّ فبم نفسر هروب وزير مبارك رشيد محمد رشيد للتجارة الخارجية والصناعة أثناء الثورة وبقاءه هناك حتى الآن, ثم سفر الجنرال الراحل ومدير مخابرات ونائب مبارك عمر سليمان إلى هناك قبل رحلته الغامضة الأخيرة في حياته إلى الولايات المتحدة, ثم هروب الجنرال الخاسر في انتخابات الرئاسة المصرية الفريق أحمد شفيق إلى أبى ظبي ودبى؟!! ولماذا منع الرئيس محمد مرسى الجنرال اللواء مراد موافي مدير المخابرات السابق من السفر إلى الإمارات للعمل كمستشار أمنى هناك؟!!..أعتقد أن الأيام القادمة حبلى بالكثير من المفاجآت والتفاصيل المثيرة والمفزعة في آن واحد وأن ثورات الربيع العربي كشفت الكثير من الأقنعة وحجم التحالفات السرية والمؤامرات مع سقوط كل نظام عربي , وإذا وضعنا كل تلك المعلومات و الشواهد والإشارات تحت المجهر هل نستطيع الإجابة عن عنوان المقال( من يقف وراء ضاحى خلفان؟).