اتهمت منظمات مجتمع مدني النظام المصري، بمنعها من المشاركة في الدورة ٢٧ لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP27، المقرر انعقاده في القاهرة نهاية العام الجاري، بحسب صحيفة الجارديان البريطانية.
وقالت الصحيفة، إن مجموعة من منظمات المجتمع المدني المصرية منعت من المشاركة في القمة بسبب إجراءات تسجيل سرية قامت بإخراج الجماعات الناقدة للحكومة المصرية.
وأضافت أن وزارات البيئة والخارجية والتضامن الإجتماعي قامت سرا باختيار وفحص المنظمات غير الحكومية التي سيمسح لها بتقديم طلب تسجيل ولمرة واحدة وحضور القمة، وهي عملية منفصلة عن وضعية المراقب الرسمي والتي أغلقت العام الماضي.
وتعطي المنظمات التي يسمح لها بالمشاركة بعد ذلك طلبات تفصيلية من المؤسسة الرسمية التابعة للأمم المتحدة والتي تشرف على القمة، وهي اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. ولم يعلن عن عملية تقديم الطلبات ولا معيار الاختلاف ولم يتم إبلاغ منظمات المجتمع المدني عن إمكانية التقدم بطلبات للحضور عبر الوزارات أو كيفية تقديم الطلبات، فقد تم استبعادها بالضرورة.
وقال أحمد عبد الله من الهيئة المصرية للحقوق والحريات وهي واحدة من خمس منظمات مجتمع مدني لم تستطع التسجيل للحضور: “لا يمكنك السماح لحكومة أن تفرض على الأمم المتحدة من يحضر أو لا يحضر من المنظمات غير الحكومية، وبالتأكيد ليس الحكومة المصرية”. و”تتوقع من الأمم المتحدة اتخاذ مزيد من التدابير عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع مصر والتأكد أن للمنظمات المستقلة فرصا متساوية لتقديم الطلبات ومن ثم فحص الوضع، ولكنهم لا يتخذون التدابير الإضافية، ويتعاملون مع مصر وكأنها السويد”. والنتيجة هي أن “الأمم المتحدة تتعاون مع الحكومة المصرية لتبييض صورة النظام”.
وقالت الصحيفة إن جهود السلطات المصرية لفحص المنظمات البارزة وذات السجل الناقد لحكمها، وبالذات في مجال حقوق الإنسان، تأتي وسط مظاهر القلق للتعامل مع المحتجين ومنظمات المجتمع المدني في قمة المناخ التي ستعقد في شرم الشيخ في نوفمبر. ويخشى المراقبون من السماح للدولة المضيفة بالحد من الاحتجاجات ومشاركة منظمات المجتمع المدني.
ونقلت الجارديان عن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ أن الدولة المضيفة لديها الصلاحية للسماح بمشاركة المنظمات ولو لمرة واحدة ولكن لا توجد هناك سياسة مكتوبة بشأن التسجيل لمرة واحدة.
وقال المتحدث باسم اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ: نصحنا الحكومة المصرية بأنه قد تطلب من مكتب “كوب توفير دخول ولمرة واحدة لكيانات مخصوصة، وبسبب الوقت والمصادر المتوفرة فلن نكون قادرين على فحص أو النظر في هذه المنظمات. ولو لم نسهل العملية لهذه القائمة المقترحة فإن مشاركة منظمات المجتمع المدني من البلد المضيف ستكون محدودة.
وقال عبد الله إن الحكومة المصرية تأمل باستخدام “COP27” لتقديم صورة مختلفة عن مصر، ويتم إبعاد الناس عن صورة المدن المليئة بالتلوث والفقر والقمع. وجزء من هذه الصورة هي إبعاد الأصوات الناقدة بحيث لا يبقى في شرم الشيخ سوى الأصوات التي تمدح الحكومة.
وأضاف أن هذا “يشكل سابقة لو سمحنا بمرور هذا بدون ردة فعل قوية، بمعنى أن هذه الممارسة ستصبح أمرا عاديا وهو خطير ليس لمصر فقط”.
ومنذ وصوله إلى السلطة بانقلاب عسكري عام 2013 تحرك عبد الفتاح السيسي لخنق المنظمات غير الحكومية. وتفرض الحكومة عليها شروطا للتسجيل حتى يسمح لها بالعمل ويحظر عليها تلقي الدعم الخارجي للحد من عملياتها. وتعرضت المنظمات التي تسجل عمليات التعذيب والتغييب القسري للملاحقة ومداهمة مكاتبها وجمدت أرصدتها ومنع العاملون فيها من السفر أو تم إغلاق المكاتب بالقوة.
وواجهت الهيئة المصرية للحقوق والحريات والمنظمات التي منعت من التسجيل في “COP27” سنوات من الترهيب والاستفزازات، وتضم المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومعهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومركز المساعدة القانونية للمرأة المصرية وجمعية حرية التفكير والتعبير.
وقال عبد الله إن الهيئة المصرية للحقوق والحريات تقدمت بطلب للمشاركة في قمة “COP27” ليس لتمثيل المواطنين المصريين ولكن لتقديم المساعدة القانونية لأي شخص اعتقل بسبب احتجاجه. وأوضح: “عدم السماح للهيئة المصرية للحقوق والحريات بالحضور يجرد المشاركين من حمايتنا، أي الحماية من المنظمة الرقابية التي تستطيع تقديم الدعم الحقيقي لهم”.
وقال صابر عثمان، الذي حصلت منظمته “مؤسسة مناخ الأرض للتنمية” على تصريح بالمشاركة من خلال علاقته مع الحكومة المصرية ومشاريع المنظمة إنه يتفق مع موقف الحكومة التدقيق في المنظمات غير الحكومية “دعني أقول لك الحقيقة، لم ترتكب الحكومة المصرية خطأ”، مضيفا أن 35 منظمة غير حكومية حصلت على تصاريح بعد توصيات من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ.
وقال صابر إنه تقدم لوزارة البيئة للحصول على صفة مراقب في القمة، مع أنه لم يمض على نشوء منظمته سوى عدة أشهر وكانت “العملية سلسة بالنسبة لنا” و”لو وضعت نفسي في موقع الحكومة فهناك 46.000 منظمة غير حكومية في مصر”، وهو نفس الرقم الذي تستشهد به الحكومة دائما و”لو أعلنت الحكومة فستجد 46.000 طلب وسيكون الأمر صعبا وفوضى”.
ويرى دعاة العدالة للمناخ أنه ما كان ينبغي السماح لمصر باستضافة “COP27” وهي تواصل اعتقال عشرات الآلاف من سجناء الضمير، ومنهم الناشط البريطاني- المصري علاء عبد الفتاح الذي أعلن إضرابا عن الطعام منذ أربعة أشهر. وأخبر عبد الفتاح الذي سجن بتهم إرهابية لأنه استخدم منصات التواصل الإجتماعي، عائلته التي زارته قبل فترة أنه سيموت في السجن.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية المصرية إن الوزارة قدمت قائمة من 56 منظمة غير حكومية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ كي يسمح لها بالتسجيل مرة واحدة.
وقال: “تم إعداد قائمة التوصيات المقدمة لرئاسة كوب القادمة بناء على مجموعة من المعايير بما فيها علاقة نشاطات المنظمات غير الحكومية بالتغيرات المناخية وقضايا البيئة، الوضعية القانونية للكيان، التجربة السابقة في تنفيذ والمساهمة في معالجة التغيرات المناخية، بما فيها التعاون مع الأجهزة التنفيذية المعنية ومدى ومستوى تأثيرها في المجال المحلي والوطني والإقليمي”.