أصدرت مصلحة الجمارك تعديلات على النظام المعمول به في منظومة التسجيل المسبق للشحنات وطالبت بموافقة وزارة الصناعة على أي عملية استيراد، في قرار له تأثيره على قطاعات عديدة.
وقررت الجمارك عدم منح الرقم التعريفي لاستيراد السلع للمستوردين إلا بموافقة وزارة الصناعة، في قرار يعني عدم السماح باستيراد السلع إلا بموافقة وزارة الصناعة، حتى يتم التأكد من أن المنتج المطلوب استيراده ليس له بديل محلي.
فاتورة الاستيراد، وفقا لوزير المالية محمد معيط، 5 يوليو الماضي، ارتفعت بعد حرب روسيا وأوكرانيا 24 فبراير الماضي، لـ9.5 مليار دولار شهريا من 5 مليارات دولار قبل الحرب، وذلك لزيادة أسعار سلع أساسية بينها الطاقة والقمح، وكلفة الشحن والاستيراد.
السوق المحلية شهدت ارتفاع العديد من السلع الأساسية وصل إلى 50 بالمئة ببعضها، منذ مارس الماضي، نتيجة أزمة الاعتمادات المستندية وزيادة سعر الدولار مقابل الجنيه، ما جعل المعدل السنوي للتضخم الأساسي يسجل نسبة 15.6 بالمئة في يوليو الماضي، في بلد حظه من التصدير أقل من الاستيراد الذي يبلغ سنويا نحو 78 مليار دولار.
ومع تفاقم الضغوط على الحكومة المصرية لتوفير العملات الأجنبية التي تغولت قيمتها على قيمة العملة المحلية وخاصة الدولار الذي بلغ في البنوك الحكومية نحو 19.13 جنيها، ووصل لأكثر من 20.50 جنيها بالسوق الموازية، اضطرت لاتخاذ قرارات لتقليل عمليات الاستيراد وتعزيز رصيدها من العملة الصعبة، ووقف تدهور الجنيه.
ولذا فإن قرار الجمارك عدم منح الرقم التعريفي لاستيراد السلع للمستوردين إلا بموافقة وزارة الصناعة، ليس القرار الأول إذ سبقته قرارات أخرى تضع قيودا على الاستيراد، وهو الأمر الذي أتى بنتائج عكسية ببعض القطاعات مسببا بعض العجز بالسلع المستوردة وارتفاع أسعارها وأسعار بدائلها.
في فبراير الماضي، اتخذت الحكومة إجراء استثنائيا بوقف التعامل بمستندات التحصيل بكافة عمليات الاستيراد واستبدالها بالاعتمادات المستندية، ووضع المستوردين 120 بالمئة من قيمة وارداتهم بالبنوك المحلية بالجنيه، مقابل توفيرها العملات الأجنبية اللازمة للاستيراد.
في أبريل الماضي، قررت البنوك المصرية منع قبول إيداعات النقد الأجنبي غير معلومة المصدر أو التي حصل عليها من شركات الصرافة، في عمليات الاستيراد، ما جعل المستورد عاجزا عن توفير العملات الصعبة من السوق السوداء رغم أنها بأعلى من سعر البنوك.
وكان على المستورد التعامل مع جهات رسمية منها هيئة التنمية الصناعية، وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات، ومصلحتي الجمارك والضرائب، والإدارات المحلية شديدة التعقيد، انضمت البنوك الحكومية إلى الجهات الحكومية التي تفرض إجراءات بيروقراطية يشتكي منها المستوردون.
وفي أبريل الماضي، وفي ظل ما تعانيه مصر من أزمات مالية وقلة وفرة العملات الأجنبية، قررت هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، منع دخول منتجات قرابة 1000 مصنع وعلامة تجارية عالمية للبلاد، ما أضر بقطاع من المستوردين.
رفع سعر الدولار الجمركي، كان إحدى القرارات الحكومية المتتابعة والتي زادت من قيود عمليات الاستيراد، إذ حددت مصلحة الجمارك المصرية سعر الدولار الجمركي 22 مارس الماضي عند 16 جنيها، قبل أن ترفعه إلى 17 جنيها في مايو الماضي.
ليسجل سعر الدولار الجمركي 18.63 جنيه للتعاملات مطلع يونيو الماضي، لتصدر وزارة المالية الخميس الماضي، آخر قراراتها برفعه للمرة الرابعة في 5 شهور، إلى 19.19 جنيه.
وهي القرارات التي قوبلت جميعها بمخاوف المستوردين من ارتباك السوق، وتضرر استيراد الخامات والسلع الحيوية، إذ حذر عضو شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية متي بشاي، الخميس، من استمرار ارتفاع سعر الدولار الجمركي وتوقف الاعتمادات المستندية الخاصة بالمستوردين.
وأكد في تصريحات صحفية، أنهما تسببا في ارتفاعات كبيرة للسلع المستوردة خاصة تامة الصنع، مشيرا إلى أن جميع البضائع الموجودة بالأسواق الآن مستوردة منذ بداية العام، ولم تدخل بضائع جديدة بالأسواق منذ مارس الماضي إلا بكميات قليلة جدا، وهناك توقف لاستيراد البضائع تامة الصنع بشكل شبه تام.
لكن القرار الجديد، لاقى جدلا بين مثمن له، ومؤكد أن فيه مميزات للمستوردين، وأنه يأتي بهدف تقليل الاستيراد وبالتالي تقليل الضغط على الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية في السوق المحلي، خاصة مع انهيار سعر العملة المحلية مقابل الدولار.
وعلى الجانب الآخر انتقد البعض القرار واعتبروه قيدا جديدا على الاستيراد ينضم للقيود السابقة، ويزيد من تفاقم الأسعار بالسوق المحلية بعد الارتفاع المحتمل لأسعار مكونات الإنتاج والمواد الخام.
ورأى مراقبون أنه يضر بالإنتاج المحلي ويهدد المصانع التي تستورد الخامات وقطع الغيار والمنتجات التكميلية، بالإغلاق، إلى جانب الإضرار بالمستهلك المصري خاصة وأن القيود على استيراد السلع الهامة يؤدي إلى شحها ثم ارتفاع أسعارها بالسوق المحلي.
وهنا يقول السياسي المصري مجدي حمدان موسى، إن “فرض قيود على عمليات الاستيراد من الخارج مؤثر بشكل كبير، والهدف منه تقليل الفجوة بين الإيرادات والمدفوعات، وأن تم معادلة الحزام التجاري”.
وتستورد مصر نحو 60% من احتياجاتها بحسب، عضو شعبة المستوردين متى بشاي، الذي أكد مرارا في تصريحات صحفية وجود نقص في البضائع لا يقل عن 40 بالمئة في الأسواق بسبب أزمة الاستيراد، وارتفاع الأسعار إلى 60 و70 بالمئة لبعض السلع المستوردة، نتيجة شح العرض وزيادة تكاليف الاستيراد.
وكشف اندلاع الحرب الروسية الأمريكية 24 فبراير الماضي، الكثير من أوضاع الاقتصاد المصري الصعبة، واضطرت الحكومة لخفض عملتها في مارس الماضي، بنحو 17 بالمئة ليتراجع الجنيه من نحو 15.5 إلى 19.13 جنيها اليوم الاثنين، مقابل نحو 20.50 جنيها بالسوق السوداء.
كما فجرت تلك المواجهات العسكرية العديد من الأزمات الاقتصادية بالبلاد، خاصة وأنه صاحبها هروب 20 مليار دولار من الأموال الساخنة من مصر، وارتفاع فاتورة استيراد السلع الاستراتيجية مثل القمح والذرة وزيت الطعام إلى جانب الوقود، مع تفاقم ضغوط خدمة الديون الخارجية، ما زاد الضغط على الاحتياطي النقدي للبلاد.
ومطلع الشهر الجاري، ضربت أزمة جديدة سوق الغذاء المصري، وطالت قطاع الدواجن وبيض المائدة ومست ملايين المصريين، مع ارتفاع سعر طن الأعلاف إلى 13 ألف جنيه في مستوى قياسي غير مسبوق، وسط حديث عن عجز في استيراد مكونات الأعلاف مع نقص العملات الأجنبية، ما أدى لتفاقم فجائي بأسعار “الذرة” و”فول الصويا”.
وقفزت أسعار خامات تصنيع الأعلاف، حيث ارتفعت أسعار الذرة الصفراء لأكثر من 2000، مسجلة 9200 جنيه للطن مقابل 7150 جنيها نهاية تموز/ يوليو الماضي، فيما زاد سعر طن كسب الصويا بنحو 1000 جنيه للطن، ليصل إلى 13 ألف جنيه مقابل 12 ألف جنيه.