تدخل الحرب في أوكرانيا، الجمعة، يومها المئة، بعد العملية العسكرية التي أعلنتها روسيا ضدها، في حين تتقدم قوات الأخيرة في “لوغانسك” التي تتركز فيها المعارك، في محاولة من موسكو السيطرة بالكامل على دونباس.
وتقترب روسيا من السيطرة الكاملة على لوغانسك، وهي واحدة من منطقتين أوكرانيتين تشكلان معا ما يعرف باسم “دونباس”، التي تشهد مدينتها الاستراتيجية “سيفيرودونيتسك” تركز العمليات العسكرية الروسية.
وقال حاكم منطقة لوغانسك، سيرغي غوداي، صباح الجمعة، إن سيفيرودونيتسك العاصمة الإدارية للمنطقة، “محتلة بنسبة 80 بالمئة” من القوات الروسية، والمعارك محتدمة في الشوارع.
وكان الرئيس الأوكراني صرح الخميس، أن القوات الروسية تسيطر حاليا على “حوالى عشرين في المئة” من الأراضي الأوكرانية، أي حوالي 125 ألف كيلومتر مربع من البلاد.
وقبل الحرب، كانت القوات الروسية أو الموالية لموسكو تسيطر على 43 ألف كيلومتر مربع من أوكرانيا منذ ضم شبه جزيرة القرم والاستيلاء على ثلث دونباس في 2014.
ومنذ 24 شباط/ فبراير، تقدمت روسيا خصوصا في الشرق والجنوب على طول البحر الأسود وبحر وآزوف، وباتت تسيطر على ممر ساحلي استراتيجي يربط حدودها الغربية بشبه جزيرة القرم.
وبعد فشل هجومها الخاطف لإسقاط حكومة كييف، ركزت القوات الروسية على غزو دونباس، حيث تدور الآن حرب استنزاف.
وتعليقا على مئة يوم على الحرب، قالت وزارة الدفاع البريطانية، إن موسكو رغم مرور هذه الفترة، إلا أنها “فشلت في تحقيق أهدافها الأولية المتمثلة في الاستيلاء على كييف، ومراكز الحكومة الأوكرانية”.
لكنها أقرت بأن روسيا “تحقق نجاحا تكتيكيا في دونباس”.
وأضافت الوزارة في إفادة دورية على “تويتر”: “بالقياس على الخطة الأصلية لروسيا، لم يتم تحقيق أي من الأهداف الاستراتيجية”، لكنها قالت إن موسكو تحقق نجاحا تكتيكيا في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا وتسيطر على أكثر من 90 بالمئة من لوجانسك أوبلاست.
من جهته، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مساء الخميس: “حققنا بعض النجاح في معركة سيفيرودونتسك. لكن ما زال الأمر مبكرا جدا. هذه أصعب منطقة في الوقت الحالي”. وتحدث عن وضع مماثل في المنطقة المحيطة لا سيما في ليسيتشانسك وفي بخموت.
وحول منطقة دونباس بأكملها، قال إن الوضع “لم يتغير كثيرا خلال النهار”. وكان قد أشار قبيل ذلك إلى أن الوضع في الشرق “صعب فعلا”، موضحا: “نحن نخسر بين ستين ومئة جندي يوميا يقتلون في المعارك ونحو 500 جريح”.
من جهته، قال حاكم منطقة لوغانسك سيرغي غوداي، الجمعة: “اليوم نقاتل ونسيطر على كل متر من منطقة لوغانسك”. وأضاف: “على الرغم من كل تصريحات الروس” ما زالت “تحت العلم الأوكراني”.
وأضاف أن القوات الروسية “تدمر منذ مئة يوم كل شيء يميز منطقة لوغانسك”، مشيرا إلى أن أكثر من 400 كيلومتر من “الطرق المبنية وفق المعايير الأوروبية”دُمرت، و33 مستشفى و237 عيادة ريفية ونحو سبعين مدرسة وخمسين دار للحضانة.
واتهم القادة الأوكرانيون في الأيام الأخيرة، موسكو، بالسعي إلى جعل سيفيرودونتسك “ماريوبول جديدة”.
فهذا الميناء الاستراتيجي الواقع على بحر آزوف واحتلته القوات الروسية منذ منتصف أيار/ مايو بعد استسلام أكثر من ألفي مقاتل أوكراني كانوا قد تحصنوا في مجمع صناعة الصلب في آزوفستال، دُمر جزء كبير منه في القصف الروسي إلى حد كبير.
وما زال الضغط الروسي كبيرا أيضا على دونيتسك وسلوفيانسك المنطقة الأخرى في دونباس التي تبعد حوالى 80 كلم غرب سيفيرودونيتسك. ويعاني سكان المنطقة نقصا الغاز والمياه والكهرباء خصوصا.
وتنتظر أوكرانيا تسلم أنظمة إطلاق صواريخ أقوى وعد بها الرئيس الأميركي جو بايدن على أمل أن يغير ذلك ميزان القوى على الأرض.
وأكدت روسيا الخميس، أنها أوقفت تدفق “المرتزقة” الأجانب الراغبين في القتال إلى جانب جيش كييف بعدما ألحقت خسائر فادحة به في الأسابيع الأخيرة.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن عدد المقاتلين الأجانب “انخفض إلى النصف تقريبا” من 6600 إلى 3500، موضحة أن “عددا كبيرا” منهم يفضل مغادرة “البلاد” في أسرع وقت ممكن.
وقُصفت خطوط السكك الحديدية في منطقة لفيف (غربا) حيث تصل الأسلحة التي يتم إرسالها إلى أوكرانيا من الدول الغربية، وهي مساعدات دانتها موسكو.
وفي الجنوب يشعر الأوكرانيون بالقلق من احتمال ضم المناطق التي احتلتها القوات الروسية بينما تحدثت موسكو عن تنظيم استفتاءات اعتبارا من تموز/ يوليو.
وقالت القيادة الأوكرانية للمنطقة الجنوبية مساء الخميس، إن القصف الروسي في ميكولايف بالقرب من أوديسا، أدى إلى سقوط قتيل واحد على الأقل وجرح عدد من المدنيين.
المساعدات الغربية
وعلى الصعيد الدبلوماسي، وافقت دول الاتحاد الأوروبي الخميس، على حزمة سادسة من العقوبات ضد موسكو، بما في ذلك فرض حظر، مع استثناءات، على مشتريات النفط. لكنها تراجعت عن إدراج رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية البطريرك كيريل على لائحتها السوداء بضغط من المجر.
ويفترض أن يحصل نص الاتفاق على موافقة مكتوبة من كل من الدول الأعضاء لنشره الجمعة، في الجريدة الرسمية للاتحاد من أجل دخول الإجراءات حيز التنفيذ، حسبما ذكرت الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الأوروبي.
وقال نائب رئيس الوزراء للطاقة الكسندر نوفاك، إن “المستهلكين الأوروبيين سيكونون أول من يعاني من هذا القرار”. وأضح أنه “لن ترتفع أسعار النفط فحسب، بل سترتفع أيضا أسعار المنتجات النفطية”، مؤكدا “لا أستبعد حدوث عجز كبير في المنتجات البترولية في الاتحاد الأوروبي”.
في الولايات المتحدة، أعلنت إدارة بايدن عقوبات جديدة تستهدف مجموعة من الأثرياء القريبين من السلطة أو أفراد من “النخبة” في موسكو، بمن فيهم المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا.
وقال زيلينسكي مساء الخميس “إنني ممتن للرئيس بايدن ولجميع أصدقائنا الأميركيين ولشعب الولايات المتحدة لدعمهم”.
من جهته، صرح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ الخميس أن الدول الغربية يجب ان تستعد “لحرب استنزاف” على “أمد طويل”.
وكان ستولتنبرغ صرح الأربعاء في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن أن الحرب في اوكرانيا “يمكن أن تنتهي غدا اذا أوقفت روسيا عدوانها”.
وأضاف: “لكننا لا نرى أي بوادر في هذا الاتجاه في هذه المرحلة”.
ورأى بلينكن من جهته أن الحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا ستستمر “لأشهر عدة” أخرى.