وقال فريد بلحاج، نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أشار إلى مخاوف منظمته الخاصة بشأن سوريا ولبنان واليمن، وهي دول تعاني حكوماتها واقتصاداتها من الضعف بالفعل وتعتمد أيضًا بشكل كبير على استيراد القمح من الخارج.
فقد أكد جون راين، كبير مستشاري العناية الجيوسياسية بالمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن، أن “الناس سيكونون تحت ضغط اقتصادي حقيقي. لكنني لست مقتنعًا بأن ذلك سيؤدي إلى نوع من الصدمة الهائلة التي رأيناها في المرة الماضية [خلال الربيع العربي].”
وتابع راين حديثه قائلا إن السبب الرئيسي هو أن معظم دول المنطقة “في وضع سياسي مختلف تماما الآن”. فحكومات [الشرق الأوسط] إما أن تكون مسيطرة بشكل أكبر وأحزاب المعارضة لديها محظورة، أو أن هناك نظامًا سياسيًا يتمتع بقدر أكبر من المرونة، نتيجة السنوات العشر الماضية.”
لذلك فبرغم من أنه قد تكون هناك مظاهرات ونزاعات بفعل ضغوط الأسعار، إلا أن راين يعتقد أن هذه المظاهرات من المرجح أن تسرع العمليات السياسية الجارية بالفعل أكثر من بدء عمليات جديدة تمامًا.
فإن الاحتجاجات بدأت بالفعل، حيث تجمع مئات المتظاهرين الأسبوع الماضي في جنوب العراق في وسط مدينة الناصرية احتجاجا على ارتفاع أسعار الخبز وزيت الطهي، إضافة إلى سلع أخرى. ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا، ارتفعت أسعار المنتجات المستوردة من هناك في العراق بنسبة تصل إلى 50٪.
وخلال هذا الأسبوع نزل إلى الشوارع آلاف السودانيين للاحتجاج على الحكم العسكري المستمر، لكن أيضا على ارتفاع سعر الخبز بنحو 50٪.
وجاءت الزيادات في كلا البلدين نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا، التي تعد قوة زراعية وأحد أهم منتجي القمح في العالم، فضلاً عن كونها أكبر مصدر لزيوت البذور. ويذهب حوالي نصف القمح الأوكراني إلى الشرق الأوسط. كما تعد روسيا، التي غزت جارتها، أكبر مصدر للقمح في العالم.
ويقول محللو السوق إن الإمدادات من كلا البلدين في خطر بسبب الحرب وأن عدم الاستقرار يتسبب في ارتفاع أسعار القمح بشكل عام. وقد ارتفعت الأسعار بالفعل خلال الشهر الماضي فقط بنسبة 50 ٪ لتقترب من أعلى مستوى لها خلال 14 عامًا. وقد بدأت هذه الزيادات الآن في التأثير بشكل كبير على دول الشرق الأوسط.
في الماضي، كان ارتفاع أسعار الخبز محركا للتغيير السياسي في المنطقة.
فمصر، على سبيل المثال، لديها تاريخ من “مظاهرات الخبز”. ففي عام 1977، وبعد الإصلاحات الاقتصادية التي شهدت خفض الدعم الحكومي وارتفاع أسعار السلع الغذائية، كانت هناك مظاهرات عنيفة في جميع أنحاء البلاد أسفرت عن 70 حالة وفاة على الأقل.
وفي عام 2011، أثناء ثورات “الربيع العربي”، كان أحد الشعارات الشعبية في المظاهرات التي أطاحت بنظام الرئيس المصري محمد حسني مبارك: “عيش، حرية، عدالة اجتماعية”.
وقد وجد الباحثون الذين درسوا أسباب احتجاجات الربيع العربي في عام 2011، والتي غيرت المشهد السياسي في المنطقة، أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانعدام الأمن الغذائي، والذي يرجع إلى تغير المناخ غالبًا، قد لعب دورًا في تحريك الشارع إلى جانب شعور الشعوب بالإحباط من قادتهم المستبدين.
واستمرت الظاهرة: ففي عام 2019، أُطيح بالرئيس السوداني عمر البشير من السلطة بسبب الاحتجاجات التي بدأت عندما تضاعفت أسعار الخبز ثلاث مرات.