عقب الزيارات المكوكية الإسرائيلية إلى عدد من دول الخليج العربي، من الواضح أن مسلسل العلاقات العسكرية والأمنية الثنائية آخذ بالاتساع، من خلال الصفقات التسلحية، والتنسيق الاستخباري، وصولا إلى التواجد الإسرائيلي المباشر في القواعد العسكرية المقامة هناك، سواء كانت عبر الأساطيل الأميركية، أو قوات إسرائيلية رسمية.
آخر هذه الترتيبات العسكرية الثنائية تمثلت بزيارة قائد جيش الاحتلال أفيف كوخافي إلى البحرين، حيث التقى بنظيره البحريني ذياب بن صقر النعيمي، استمرارا لزيارة رئيسه وزير الحرب بيني غانتس، وتوقيعه أول اتفاقية عسكرية مع المنامة، ورافقه خلال الزيارة غير المعلنة، مسؤولون عسكريون إسرائيليون، بينهم رئيس هيئة الاستراتيجية والدائرة الثالثة، تال كالمان، ورئيس لواء العلاقات الخارجية، آفي دوفرين، ورئيس الدراسات في شعبة الاستخبارات العسكرية، عميت ساعار.
وفي وقت لاحق، التقى كوخافي في مقر الأسطول الخامس الأميركي بنظيره القطري، سالم بن حمد بن عقيل، ورئيس مجلس الوزراء القطري خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني، وناقشوا مسألة انضمام قطر إلى حلف في المنطقة لمواجهة التهديدات الإيرانية، وبحثوا التعاون العسكري بينهم، في ظل التحديات الأخيرة في المنطقة، والحرب الأوكرانية – الروسية، خصوصًا المسيرات التي تصل إسرائيل، وإمكانية نصب رادارات متطورة إسرائيلية في قطر للإنذار المبكر.
روعي شارون وغيلي كوهين مراسلا هيئة البث الإذاعي والتلفزيوني-كان، كشفا أن “رئيس الوزراء نفتالي بينيت اقترح خلال زياراته إلى دول الخليج إقامة حلف عسكري في المنطقة أشبه ما يكون بحلف الناتو الغربي، على أن يكون خاصا فقط بدول الخليج العربي، لمواجهة التهديدات العسكرية التي تتعرض لها، على أن يضم هذا الحلف هذه الدول الخليجية ومعها إسرائيل”.
وأضافا أن “بينيت أجرى محادثات لتشكيل هذا التحالف الذي يجمع دول الخليج العربي لمواجهة التهديد الإيراني، لكن التحول الكبير في مثل هذا التحالف سيتمثل في انضمام قطر إليه، لأنه سيكون أمرًا كبيرًا للغاية، مع العلم أن هذا البحث تخلل زيارة نفتالي بينيت في شباط/ فبراير إلى البحرين التي تخللها لقاؤه مع قائد الأسطول الأميركي الخامس الأدميرال براد كوبر، فضلا عن كبار مسؤولي المملكة، بمن فيهم نائب وزير الخارجية عبد الله بن أحمد آل خليفة التي أعلن فيها أن الموساد موجود في البحرين في إطار التعاون الأمني والاستخباراتي مع إسرائيل”.
وذكر إيمانويل فابيان مراسل موقع تايمز أوف إسرائيل، في تقرير ترجمته “عربي21” أن “كوخافي التقى نظيره القطري خلال زيارته للبحرين، رغم علاقاتهما المحدودة، وناقشا تعاونهما العسكري في ضوء التطورات الأخيرة، وبحثا إمكانية انضمام قطر إلى تحالف إقليمي ضد التهديد الإيراني، وتحديدا فيما يتعلق بتهديد الطائرات بدون طيار، وناقشا إمكانية وضع رادارات إسرائيلية متقدمة في الدولة الخليجية، خاصة بالإنذار المبكر ضد الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية”.
وأضاف أن “مسؤولين عسكريين إسرائيليين أطلقوا على هجمات الطائرات بدون طيار الإيرانية في السنوات الأخيرة، اسم “إرهاب الطائرات بدون طيار”، وفي الشهر الماضي عرضت إسرائيل على حلفائها الإقليميين تطوير اتفاقية دفاع مشتركة للحماية من تهديد الطائرات المسيرة، حيث عقد الاجتماع بين قادة الجيوش في مقر القيادة المركزية للأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، والقوات البحرية المشتركة المتمركزة في البحرين”.
وتزامن الكشف الإسرائيلي مع إعلان الولايات المتحدة مؤخرا عن اعتبار قطر حليفًا وثيقًا لها، كواحدة من 17 من الحلفاء الرئيسيين من خارج الناتو، مما يمنحها مزايا خاصة في مجال التجارة الدفاعية والتعاون الأمني.
ومن الواضح أننا أمام تطور عسكري لافت في المنطقة، يسعى لدمج إسرائيل فيها، من خلال حلف عسكري غير مسبوق، الأمر الذي من شأنه أن يزيد حدة التوترات في دول الخليج من جهة، ويشجع القوى المعادية لها، خاصة إيران وحلفاءها وأذرعها، التي قد تزيد هجماتها، لا سيما الحوثيين، مما سيفسح المجال أمام إسرائيل لاختراق المنطقة من أوسع أبوابها العسكرية.
في الوقت ذاته، تتزامن الدعوة الإسرائيلية لتشكيل الحلف العسكري الجديد في المنطقة، مع الحرب الأوكرانية الروسية، الأمر الذي قد يتسبب باندلاع جبهة توتر جديدة حول العالم، ويمنح الاحتلال مشروعية لاختراق المنطقة، بموافقة قادتها، لمواجهة أخطار موهومة ممثلة بإيران.