متحدث جماعة الإخوان المسلمين أسامة سليمان في حوار خاص لشبكة رصد:
لا فرق بين نظامي مبارك والسيسي
دور الإخوان في ثورة يناير كان حاسما
ما حدث في يناير جولة من عدة جولات ثورية
أخطأنا بترك ميدان التحرير بعد تنحي مبارك
ملف المعتقلين أولى أولويات الإخوان
إن لم تنتبه الأجهزة السيادية فالقادم سيكون ضدهم
يقول المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين المهندس أسامة سليمان، إن ثورة 25 يناير جولة من عدة جولات ثورية لن تتوقف حتى تكتمل ونشهد ثمارها، مشيرا إلى أن ترك الميدان في أعقاب التنحي دون محاكمة نظام مبارك أبقى الحية ورأسها تعمل في الخفاء فيما عرف بـ اللهو الخفي والطرف الثالث.
ويضيف «سليمان» في حوار خاص مع شبكة رصد في ذكرى تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك، أنه لا يوجد فرق بين نظامي السيسي ومبارك، مؤكدا على أولوية ملف المعتقلين على طاولة الجماعة في الوقت الحالي. وفيما يلي نص الحوار:
كيف ترى جماعة الإخوان ثورة يناير بعد مرور 11 عاما؟
ما حدث في ثورة يناير جولة من عدة جولات ثورية لن تتوقف حتى تكتمل ونشهد ثمارها في تحقيق ما ثار الشعب المصري عليه. وتاريخ الثورات على مستوى العالم يشهد بذلك سواء الثورة الفرنسية التي استمرت ١٠ سنوات أو غيرها من الثورات الأوروبية التي انتهت بإيجاد المجتمع الأوروبي الذي نشهده بوضوح في زيادة مساحات الحرية واحترام حقوق الإنسان والفصل بين السلطات.
هل أخطأ الإخوان في تعاملهم مع الثورة؟
لا شك أن الإخوان المسلمين لهم ما أصابوا فيه وهو كثير وكذلك ما أخطأوا فيه، لكن نبل مقصدهم وطهارة أيديهم وحب وطنهم يبقى لهم، ومن غير المقبول أن ينكره أي مراقب محايد، والتقدم خطوة أو التأخر ولو خطوتين هو موقف تتخذه الجماعة وتتحمل ما يترتب عليه، والضابط الوحيد في التقدم أو التأخر هو مصلحة الوطن لا مصلحة من يهينونه و يستعبدون مواطنيه.
هل شارك الإخوان في أول يوم لثورة 25 يناير؟
كان الإخوان على حذر من أن تتهم الثورة بأنها إخوانية وليست شعبية كما يحدث الآن من محاولة فرض ثنائية الإخوان والعسكر على المشهد برمته، خصوصاً بعد انقلاب يوليو، لذا أوعزت الجماعة لشبابها ورموزها حرية المشاركة حتى يبدو وكأنه غير منظم لأن الثورة كانت في شرارتها الأولى، ولا يفوتني القول إن جماعة الإخوان مؤسسة كبيرة وقراراتها منضبطة بأطر المؤسسات الكبرى.
كيف كان دور جماعة الإخوان في أيام حاسمة مثل موقعة الجمل ويوم التنحي والتفاوض مع نظام مبارك؟
دور الجماعة كشريك أصيل مع كل القوى الوطنية الثورية يعلمه القاصي والداني، ولا نمتن على أحد بقدر ما يجب أن نقول بأن السعي لإنجاح الثورة وإنقاذ مصر كان شاغلهم الأول، لذا رآهم الجميع ومع كل القوى الوطنية في محطات فاصلة من تاريخ الثورة يجودون بكل شيء؛ حبا في الوطن وسعيا لخلاص الشعب من براثن الاستبداد والاستعباد طيلة عقود من الزمن، لذا رأينا ملحمة الصمود جلية في ميدان التحرير أيقونة الثورة.
هل الثورة كانت مؤامرة من أجهزة في الدولة لمنع توريث جمال مبارك، كما يدعي البعض؟
لا شك أن ٣٠ سنة حكم أورثت الكثير ممن لهم خصومة أو مأرب مع نظام مبارك وابنه على مستوى الأفراد والمؤسسات والدول ووجدوا في نجاح الثورة فرصة لهم للتخلص منه، لكن ثورة يناير من خلال النظر لمنطلقاتها ومساراتها ونجاحاتها تؤكد أن هذا النظام بأجهزته تفاجأ بل وانهار سريعا أمام المد الثوري الشعبي مما جعل هذا النظام يجيش كل مقدراته للعمل على استيعابها أولا ثم العمل على تفتيت كياناتها ورموزها تباعا.
برأيك.. ما الأخطاء التي حولت دفة الثورة وجعلتها تنقلب على عقبيها؟
لاشك أن ترك الميدان في أعقاب التنحي دون محاكمة نظام مبارك أبقى الحية ورأسها تعمل في الخفاء فيما عرف بـ اللهو الخفي والطرف الثالث، كما أن فقدان الثقة بين شركاء الثورة ووقوعهم في فخ التخوين بين بعضهم البعض فقط لاختلافهم في أولويات المرحلة وكيفية التعامل معها، وهذا الفخ نسجه وأعدته أجهزة اعتادت التلاعب بالعقول، والسماح للمجلس العسكري أن يقود المرحلة الانتقالية ويطيل زمنها.
لماذا يكره السيسي ثورة يناير ويحذر منها في جميع المناسبات؟
بحكم أن السيسي ابن جهاز المخابرات الحربية، وأن ثـورة يـنايـر فاجأت كل أجهزة مخابرات العالم بما فيها المؤسسة العسكرية ومخابراتها وأجهزته الأمنية فقد أحرجتهم وقوضت إمكانياتهم وكسرت طوق الهالة التي صنعوها لأنفسهم ما تـرك في نـفوسهم كرهـا شخصيا لا ينسونه، لأنهم جعلوا من أجهزة الدولة التي يفترض أنها تعمل لصالح الدولة أجهزة تابعة للحاكم ونظامه وتأتمر بأمره.
فسقوط مبارك هو سقوط لهم وخلعه هو خلع لهم، ما أوصلهم لدرجة العداوة المطلقة للثورة والثوار وكل مكوناتها، ومع أن الثورة هي السبب غير المباشر التي أتت به على رأس السلطة إلا أنه يكرهها لأن الثورة يمكن أن تكون ضده في أي وقت يتاح للشعب أن يثور عليه.
علم السيسي أن تحقيق أهداف ثورة يناير مطلب شعبي يزداد يوماً بعد يوم، وقطار تجاوز العديد من محطاته، ولم يتبق فيها سوى أن تتحول مصر لدولة مدنية أو يدخلها نظام السيسي في فوضى إذا أصر على بقائه في السلطة تماما مثل ما فعل نظام بشار الأسد في سوريا.
ما هي أولويات جماعة الإخوان في الوقت الحالي؟
أبرز الأولويات هي الاهتمام بملف حقوق الإنسان وعلى رأسه الإفراج عن كافة المعتقلين من كافة الاتجاهات دون استثناء، والوقوف ضـد استراتيجية النظام في تفتيت الـصف الثوري والشعبي الذي نجح مرحليا في تحقيقها إلى حد ما، بالعمل على تقوية كل أشكال التعاون مع القوى الوطنية من أجل إنقاذ مصر من كل أشكال الحكم الشمولي التي تعمل ضد مصالح الوطن العليا لعقود أخرى، وتعيد للشعب كامل حريته المسلوبة وكرامته.
وأيضا كشف الحقائق للتاريخ والشعب ومواجهة من يزوره والعمل مع كل مصري وطني على استعادة المصريين ثقتهم بأنفسهم وأنهم يستطيعون تحقيق أملهم وتبديد الخوف الذي سعى نظام السيسي لزرعه طيلة ٨ سنوات ونصف هي عمر الانقلاب العسكري.
برأيك هل مصر معرضة لانتفاضة أخرى أم أنه مازال احتمالا بعيدا؟
مصر شعبا ومؤسسات تعلم أن ما حدث في ٣ يوليو انقلاب عسكري دموي، بقيادة وزير الدفاع الذي استبعد عن عمد كل القيادات المدنية والعسكرية من أجل أن يصعد وحده ويبقى حاكما و متحكما في مصر.
وبالتالي فمهما حاول السيسي وأعوانه طمس معالم الانقلاب سواء محليا او إقليميا او دوليا فلن ينطلي على الشعب المصري ونخبته المدنية والعسكرية في آن واحد، وأن شرعية من يحكم يقررها الشعب وحده.
كما أن مرور أكثر من ١٠ سنوات من القمع والحرمان على الثورة تكفي الشعب أن يقرر مصيره ويطالب بدولة مدنية تسع الجميع في حق العيش بحرية وكرامة لا قمع فيها وتتداول السلطة بالآليات المتعارف عليها وليس بالانقلابات واستخدام العنف غير المبرر .
الانتفاضات هي لحظة مصيرية لا يمكن تحديد توقيتها ولا كيفيتها لكن يمكن التنبؤ بها من خلال رصد للواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والأمني والذي يتشابه إلى حد كبير مع ما قبل يناير ٢٠١١ إن لم يكن أشد وأسوأ.
وما هي رسالتك للمؤسسات السيادية والأمنية في مصر؟
إن لم تنتبه المؤسسات السيادية في مصر خصوصا المؤسسة العسكرية للمؤشرات السلبية والمتعددة سواء من انتهاك حقوق الإنسان والتنكيل بالمعارضين لسياساته واعتقالهم، أو باتباع استراتيجية التفتيت والانقسام المجتمعي، أو باستسهال التغول العسكري والأمني في مجالات الحياة المدنية وعلى رأسها الاقتصادي واحتكار كوادرهم لوظائف القيادات العليا فالقادم حتما سيكون ضدهم.
كل ما سبق ينذر بخطورة الأوضاع في مصر وأنها على صفيح ساخن، وأن المسكنات لم تعد تجدي نفعا في عدم التحول لدولة مدنية يكون الشعب فيها مصدر السلطات.