شكل انتصار جابريئيل بوريك برئاسة تشيلي خبرا سيئا لـ«إسرائيل»، لأنه مثل نموذجا لتعميم «الكراهية العالمية لإسرائيل»، وعلامة تحذير بخصوص ما قد يحدث لاحقا في أميركا الشمالية، ما يشير إلى أن القضية الفلسطينية باتت مركزية للغاية في النظرة العالمية، وهو ما يؤكده نشاط الرئيس التشيلي الجديد.
في الوقت ذاته، تؤكد التقديرات الإسرائيلية أن الأمر لا يتعلق بالفلسطينيين فحسب، بل بمعاداة «إسرائيل» بشكل أساسي، في ضوء المواقف التي يعلنها بوريك بشأن اتهام إسرائيل بجرائم إبادة جماعية، ولعل التفسير الإسرائيلي المقبول أن موقفه هذا ينبع من وجود تجمعات سكانية تضم مئات الآلاف من العرب والفلسطينيين في تشيلي.
أمنون لورد الكاتب في صحيفة «إسرائيل اليوم»، ذكر في مقال ترجمته «عربي21» أن «فوز بوريك يعتبر خبرا سيئاً لـإسرائيل، لأن اليسار الراديكالي في أميركا الجنوبية يرى نفسه معاديا لليهود، ويعتبرونهم خداماً للإمبريالية الإسرائيلية، ومع مرور السنوات أصبحت دول أمريكا الجنوبية مناهضة لـإسرائيل، وتروج فيها شعارات أن إسرائيل تتبع سياسة الفصل العنصري تجاه الفلسطينيين، ما شكل تلاقيا في المصالح بين العنف والتطرف الأيديولوجي، من خلال دول كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا».
وأضاف أن «السياسة اليسارية الرائجة في دول أمريكا اللاتينية تجعل الطلاب اليهود يتجولون في معظم الجامعات وأنوفهم على الأرض، دون أن يجرؤوا على تحديد هويتهم كيهود، أو تنظيم أحداث وفعاليات إسرائيلية، وهناك أدلة لا حصر لها على ذلك، وقد زادت هذه الأجواء المعادية خلال حرب غزة الأخيرة، حيث انتشرت هذه الحوادث على نطاق واسع، وفي بعض الأحيان يتم تصنيف اليهود على أنهم بيض، وهي نظرة استعمارية في الموروث التاريخي هناك».
صحيح أن الأوساط السياسية الإسرائيلية منزعجة من التطورات السياسية الأخيرة في تشيلي، لكنها في الوقت ذاته تحاول تضخيم الأوضاع المعادية لليهود هناك، ربما للقيام بسياسة ابتزاز مبكرة تجاه الرئيس الفائز، من خلال المبالغة في الحديث عن معاناة اليهود، وانتشار ظاهرة معاداة السامية، وهي نتاج تمدد اليسار الراديكالي الذي ينتهج مهاجمة «إسرائيل» في كل المحافل السياسية، تمهيدا لخلق مجتمعات كراهية ضدها.
في الوقت ذاته، تعبر محافل صناعة القرار في تل أبيب أن فوز بوريك في تشيلي يشكل فرصة ذهبية أمام حركة المقاطعة العالمية BDS التي سوف ترى في هذا الفوز خط إنتاج ناجح لعملها وفعالياتها، والنظر لـ«إسرائيل» على أنها تجسيد لظاهرة سامة، وإيجاد فوارق بين اليهود وإسرائيل، وفي النهاية النظر إلى «إسرائيل» ضمن سياقات سلبية.
خلاصة التقييم الإسرائيلي لفوز بوريك في تشيلي تكمن في الدعوة للانتباه مبكرا لإمكانية تدحرج هذا الفوز، وتعميمه في دول أخرى، وعدم اقتصار ذلك على دول أميركا الجنوبية فحسب، بل وصولها في مراحل متقدمة إلى أميركا الشمالية، حيث الدعم التاريخي لدولة الاحتلال في الولايات المتحدة وكندا، ما يستوجب تعاملا سريعا لوقف هذا المسلسل الذي تعتبره معاديا لها، وسط انتشار ظواهر مثيلة له في القارة الأوروبية منذ زمن.