كتب-أسامة جاويش:
في 14 من شهر تشرين الأول (أكتوبر) الجاري أجرى بوريس جونسون رئيس الحكومة البريطانية اتصالا هاتفيا بعبد الفتاح السيسي بخصوص دعوة الأخير إلى حضور قمة المناخ 26 والتي ستنعقد في أسكتلندا في 31 من الشهر الجاري.
جونسون أعرب للسيسي عن سعادته بترشيح مصر لاستضافة قمة المناخ 27 العام المقبل، كما تبادل معه وجهات النظر حول كثير من الملفات كان أبرزها ما يتعلق بالدفاع والأمن القومي في المنطقة وخاصة الملف الليبي وضرورة انسحاب القوات الأجنبية من ليبيا وإجراء انتخابات ديمقراطية نهاية العام الجاري.
رئيس الوزراء البريطاني اتفق مع السيسي أن يعملا بكل جدية من أجل إنجاح قمة المناخ 26 والتي سيشارك فيها الآلاف لمدة أسبوعين وسط تظاهرات حاشدة وانتقادات كثيرة لسياسات الدول المشاركة في تلك القمة فيما يتعلق بالقصور الشديد في مواجهة مخاطر التغير المناخي وارتفاع نسبة انباعاثات الكربون بشكل ملحوظ.
الديكتاتورية هي أخطر ملوث في العالم
ببساطة هذه هي الرسالة التي يجب أن يعرفها الزعماء المشاركين في قمة المناخ السادسة والعشرين، عندما يلتقون الجنرال عبد الفتاح السيسي وأيديه ملوثة بدماء المصريين، يجب أن يحذروا من التقاط الصور بجانبه، فهم بتلك الطريقة يمنحون الجنرال العسكري شرعية دولية تساعده في الاستمرار فيما يفعله من انتهاكات مروعة لحقوق الانسان في مصر واعتقال للمعارضين وقتل خارج اطار القانون.
بالتأكيد لا يمكن أن نتجاهل مخاطر التغيير المناخي الذي بات خطرا حقيقيا يهدد العالم، ولذلك يعول الكثيرون في العالم على قمة المناخ القادمة في الخروج بقرارات واستراتيجيات حقيقية قابلة للتنفيذ لمواجهة ارتفاع معدلات التلوث وزيادة ابنعاثات الكربون بشكل ملحوظ في العديد من مدن العالم لا سيما الدول النامية التي لا تملك الموارد المالية أو الإاردة السياسية والوعي المجتمعي للتعاطي مع مشكلة عالمية مثل التغيير المناخي.
ولكن على العالم أن يعلم وهو يناقش تلك التغييرات المناخية والمخاطر المصاحبة لها، أن هناك آلاف المصريين قابعون في السجون المصرية التي أنشأها نظام السيسي، للأسف لم ير أي شخص منهم ضوء الشمس لسنوات طويلة، ولم يخرج من زنزانته الانفراديه للتريض أو استنشاق هواء نقي، كنوع من الإمعان في القمع والتنكيل بالمعارضين داخل السجون المصرية.
في تقريرها بتاريخ 25 كانون الثاني (يناير) 2021 والذي حمل عنوان “ما تموتوا ولا تولعوا؟ الإهمال والحرمان من الرعاية في السجون المصرية”، قالت منظمة العفو الدولية: “إن مسؤولي السجون في مصر يعرِّضون سجناء الرأي وغيرهم من المحتجزين بدواعٍ سياسية للتعذيب ولظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية، ويحرمونهم عمداً من الرعاية الصحية عقاباً على معارضتهم ما تسبب في وقوع وفيات أثناء الاحتجاز، وألحق أضراراً لا يمكن علاجها بصحة السجناء”.
إلى القادة المشاركين في قمة المناخ 26، سيحدثكم عبد الفتاح السيسي عن ما يسمى رؤية مصر 2030 بخصوص تقليل نسبة التلوث في مصر بنسبة 15%، سيعدكم بزيادة المساحات الخضراء في مصر بحلول عام 2024، سيحكي لكم عن مبادرة أطلقها بعنوان زراعة مليون شجرة، وسيقص عليكم بطولاته هو ونظامه في التحول إلى وسائل المواصلات التي تعمل بالكهرباء لتقليل نسبة انبعاث الكربون في مصر، ولكنه لن يخبركم عن مجزرة الأشجار التي يرتكبها نظامه منذ سنوات بحق مئات الآلاف من الأشجار والمتنزهات في محافظات مصر المختلفة، لن يخبركم السيسي أن سياساته البيئية السلبية قد قلصت نصيب المواطن المصري من المساحات الخضراء في البلاد إلى متر مربع واحد في أن المعدل العالمي ألا يقل نصيب الفرد من المساحات الخضراء عن 15%.
الأهم من التقاط الصور بجوار هذا الديكتاتور العسكري والمصافحات الدبلوماسية معه، أن يسأله أحدكم عن عدد المعتقلين السياسيين في مصر، أو ربما كان من المهم أن تسألوه عن تكدس المساجين داخل الزنزانة الواحدة بما لا يسمح لهم بالجلوس أو النوم أو التنفس بشكل طبيعي، ربما كان من المهم أيضا أن تسألوه عن اتهامات المنظمات الحقوقية لنظامه بالإهمال الطبي المتعمد للعديد من المعتقلين الذين ثبتت إصابتهم بوباء كورونا داخل السجون المصرية ومنهم من مات بداخل السن دون أن يتلقى العلاج المطلوب.
إن كانت قضية التغير المناخي تحتاج إلى علماء ومتخصصين فهناك في سجون السيسي عدد ليس بالقليل من أساتذة الجامعات والعلماء، وإن كان الأمر يحتاج إلى جهود الباحثين والأكاديميين فاسألوه عن باتريك جورج زكي، وإن كان الأمر يحتاج إلى حراك النشطاء ومنظمات المجتمع المدني فاسألوه عن علاء عبد الفتاح وأحمد عماشة وآلاف غيرهم لا زالوا داخل السجون المصرية.
السيسي بسياساته الديكتاتورية القمعية تجاه المعارضين في مصر يعتبر أخطر بكثير على هذا العالم من التغير المناخي وانباعاثات الكربون، فالجنرال العسكري المصري لن ينتظر أضرار التغيير المناخي ليفتك بالبشر، فهو يقوم بالتخلص من الإنسان المصري بشكل سريع وفعال اسمه الديكتاتورية وانتهاكات حقوق الإنسان.