أكد مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، فيليب لوثر، أن تبنّي السلطات المصرية حديثا لاستراتيجية وطنية لحقوق الإنسان وسط جلبة صاخبة، هو مجرّد “محاولة ماكرة لتبييض سجلها غير المشرّف في حقوق الإنسان”.
وكانت منظمة العفو الدولية “أمنستي” قد أصدرت تقريرا جديدا الخميس حول الأوضاع في مصر، وتحكم قطاع الأمن الوطني بحياة النشطاء عبر شبكة أسمتها أمنستي باسم “شبكة الخوف”، وهي نمط محكم من الاستدعاءات غير القانونية والاستجوابات القسرية، مع معاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة.
وأشارت المنظمة إلى إجراءات المتابعة والمراقبة المفرطة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين، لمضايقتهم وترهيبهم لإسكاتهم، وهو ما يؤدي إلى “تدمير حياتهم”.
ووثق تقرير المنظمة استخدام الأمن الوطني تلك الإجراءات للتحكم بحياة ٢١ رجلا و ٩ سيدات بين عامي ٢٠٢٠ و٢٠٢١، وأوضحت كيف دأب ضباط الأمن الوطني على تهديد النشطاء في كل استدعاء بالقبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة إذا لم يحضروا جلسات الاستجواب، فضلا عن مداهمة الضباط لمنازل من امتنع عن الحضور.
وأكد النشطاء لأمنستي أنهم يعيشون في خوف دائم من الاحتجاز على أيدي الأمن الوطني، ما يرميهم في حالة من القلق والاكتئاب، ويحرمهم من حقوق أساسية، ويعيق قدرتهم على أن يعيشوا حياة طبيعية. ونتيجة لذلك، يشعر كثيرون منهم بالخوف الشديد من التعبير عن آرائهم أو المشاركة في أنشطة سياسية، بينما اضطُر البعض إلى مغادرة البلاد.
وأوضح التقرير أن استجوابات أولئك النشطاء تدور حول أنشطتهم المتعلقة بحقوق الإنسان وآرائهم السياسية، خاصة تلك التي يُعبرون عنها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك عن أنشطة وخطط جماعات المعارضة، والحركات السياسية، ومنظمات حقوق الإنسان، كما يأمرونهم بالإبلاغ عنها.
وقال مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية فيليب لوثر؛ إن “الأسلوب الجديد الذي يستخدمه قطاع الأمن الوطني في ترهيب ومضايقة نشطاء ومحامين وعاملين في منظمات غير حكومية بشكل متواصل يدمّر حياتهم؛ فهو يحرمهم من العمل أو السفر، ويرميهم في خوف دائم من القبض عليهم.
وتكشف أسئلة وتهديدات مسؤولي قطاع الأمن الوطني عن هدف واضح، هو قمع أنشطة حقوق الإنسان والأنشطة السياسية”.
وأكدت منظمة العفو الدولية أن الإجراءات التي يتخذها قطاع الأمن الوطني، بدون أوامر قضائية أو أسس قانونية، تعدّ انتهاكا للقانون الدولي والمعايير الدولية، وكذلك لأحكام الدستور وقانون الإجراءات الجنائية.
كما كشفت المنظمة أن الشرطة تلجأ إلى استخدام المراقبة الشرطية “المتابعة”، لإلزام النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين سبق احتجازهم لمدد وصلت إلى ثلاث سنوات، على الحضور أسبوعيا أو شهريا إلى أقسام الشرطة ومكاتب الأمن الوطني واحتجازهم لساعات أو أيام، مضيفة أنه من المستحيل تحديد عدد الأشخاص الذين يتعرضون لهذا الإجراء؛ لأنه يتم في غياب أوامر من السلطات القضائية.
وبينت المنظمة أن هذا الإجراء “المتابعة” ليس له أساس قانوني ويخضع فقط لأهواء الضباط، وهو حرمان تعسفي من الحرية، وكثيرا ما يتعرض المحتجزون للتعذيب أو الضرب، فضلا عن المعاملة السيئة وإلحاق الأضرار بحقهم في العمل وحياتهم الأسرية.
وقال فيليب لوثر؛ “إن ضحايا الممارسات المُسيئة على أيدي قطاع الأمن الوطني، الذين لا يُحصى عددهم، أصبحوا عاجزين عن ممارسة حياتهم على نحو طبيعي وآمن من جراء الترهيب والتهديد بالسجن بشكل متواصل. يُعاقب هؤلاء النشطاء عقابا مُضاعفا بسبب أنشطتهم المشروعة، حيث سبق أن تعرضوا للاحتجاز التعسفي”.