قالت صحيفة «الجارديان» البريطانية، الثلاثاء، إنه لم يعد أمام الغرب في أفغانستان خيارات سوى الانخراط في الواقع الجديد.
وعلقت «الجارديان» في افتتاحيتها على أن الخروج الأميركي من أفغانستان يعتبر فشلا استراتيجيا ذريعا قلل من قدرة الغرب على التأثير على الأحداث، قائلة: «في الوقت الذي تغادر فيه طائرات الإجلاء الأخيرة من كابول وراقبها اليائسون الذين تركوا في الخلف ويواجهون المخاطر، فعلينا مواجهة تداعيات الفشل الاستراتيجي الدائمة».
وذكرت أن الأميركيين كانوا يحبون الحديث أثناء محادثات الدوحة عن تسوية سياسية يقررها ويملكها الأفغان. وتحولت «العملية» إلى عرض نصر لحركة طالبان، فما سيخرج الآن من العملية هو بقيادة ومن ملك طالبان. ونتيجة للأخطاء التي ارتكبتها لم يعد أمام الولايات المتحدة وبريطانيا أي خيار سوى الانخراط في الواقع الجديد.
وتم اتخاذ عدد من المحاولات المتأخرة للقيام بهذا من موقع القوة المفترض. فبعد أن أنهت القوات الأميركية انسحابها من أفغانستان نهاية الأسبوع تبنى رئيس الوزراء بوريس جونسون نبرة تحذير قوية «لو أراد النظام الجديد في كابول الإعتراف الدبلوماسي أو رفع الحظر عن مليارات الدولارات التي جمدت حاليا، فعليهم التأكد من إنشاء ممرات آمنة لمن يرغبون بمغادرة البلاد واحترام حقوق المرأة والبنات ومنع أفغانستان من التحول لحاضنة إرهاب عالمي».
ومن الواضح أن طالبان تريد تجنب التحول لمنبوذة دوليا كما حدث في التسعينات وستكون محتاجة بشدة للمال. وقد علق البنك الدولي وصندوق النقد الدولي المساعدات للأفغان منذ سيطرة طالبان، في وقت تم فيه تجميد الأصول المالية للبنك المركزي الأفغاني في أمريكا. ولكن مفهوم أن الغرب سيظل يحتفظ بالأوراق في وقت بدأت فيه الصين وروسيا بالضغط من أجل متابعة مصالحهما، هو تعلل بالأماني.
وترى الصحيفة أن الأزمة الإنسانية التي ستتكشف أمام ناظرينا ستحدد من منظور لعب ورقة الدبلوماسية الصعبة. فقد كشف بنهاية الأسبوع أن جهود الإجلاء من مطار كابول خلفت وراءها أعدادا كبيرة عرضة وأكبر مما قدرت الحكومة البريطانية. ولا توجد هناك خطة حول ما يجب على من تركوا عملهم الآن، كما ولم يتم التوصل بعد لخطوط مع الدول المجاورة يذهب إليها هؤلاء. وكشف وزير الخارجية دومينيك راب عن فشل كان واضحا في عدم اتصاله بنظيره الباكستاني إلا بعد أسبوع من سقوط كابول.
وفي يوم الإثنين بدأ وزير الخارجية الألماني هايكو ماس جولة في الدول المجاورة لأفغانستان على أمل أن يؤمن اتفاقا حول اللاجئين والذي كان يجب التفاوض عليه قبل أشهر. وبحسب بيان مشترك للولايات المتحدة وبريطانيا ووقعت عليه 90 دولة أخرى، فقد قدمت طالبان تأكيدات بأنها ستسمح للرعايا الأجانب ومن يحمل من المواطنين تأشيرات سفر بالمغادرة. وهذا يتناقض مع التقارير التي تحدثت عن مداهمات البيوت واستفزاز من عملوا مع القوات الغربية.
وفي غياب أوراق النفوذ الأمريكية والغربية فالأمل هو أن تؤدي حسابات طالبان وخدمة الذات إلى خدمة المصالح الغربية. وفي الوقت الحالي فزيادة أسعار الطعام والجفاف في معظم البلاد والمشردين في بلادهم ومعظمهم من الأطفال والنساء ستزيد من المعاناة مع دخول الخريف وفصل الشتاء. ولن يتم توزيع المواد الإنسانية للمحتاجين الأفغان بدون مستوى من التنسيق والتعاون مع النظام الجديد في كابول.
ودعا الكرملين يوم الإثنين الولايات المتحدة إلى الإفراج عن الاحتياطات الأفغانية لأسباب إنسانية. ودعا وزير الخارجية الصيني وانغ يي نظيره الأميركي للتواصل مع طالبان و«إرشادها بنشاط». ولكن الفشل بربط الانسحاب بالظروف على الأرض فإن الغرب لم يعد يسيطر على مسار الأحداث. وبالعلاقة مع نظام طالبان الذي نصبته بطريقة غير مقصودة فلم يعد أمامها أي خيار.