قالت صحيفة “جيروزالم بوست” العبرية، إن عشرات الجرافات والروافع والشاحنات المصرية التي دخلت قطاع غزة قبل أيام دفعت بعض الفلسطينيين إلى التساؤل عن ما إذا كانت مصر تخطط لاستعادة القطاع الساحلي الذي كانت تحكمه ما بين 1948 و1967.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها، أن قرار مصر إرسال معدات الإنشاء والمهندسين إلى قطاع غزة، جاء في سياق تعهد القاهرة بالمساهمة في جهود إعادة الإعمار هناك بعد جولة القتال الأخيرة بين “إسرائيل” و”حماس”، حيث تعهد السيسي بالمساهمة بخمسمائة مليون دولار.
وبحسب ما صرحت به مصادر فلسطينية للصحيفة، فإن وجود فرق الإنشاءات المصرية في قطاع غزة يعني أن “حماس” والفصائل الفلسطينية لن تكون قادرة على استئناف الهجمات الصاروخية على الأراضي المحتلة.
وقال أحد هذه المصادر: “سوف يكون صعباً علي حماس البدء بجولة أخرى من القتال مع إسرائيل عندما يكون عدد كبير من المصريين متواجداً داخل قطاع غزة. وإذا ما بدأت حماس أو الجهاد الإسلامي بإطلاق الصواريخ على إسرائيل بينما تعمل فرق الإنشاءات المصرية داخل قطاع غزة، فسوف تتورط المجموعتان في مشكلة مع مصر”.
وحسبما تقوله تلك المصادر للصحيفة، فقد حذر المصريون زعيم “حماس” يحيى السنوار من مغبة البدء بجولة جديدة من القتال بينما تستمر القاهرة في جهودها للمساعدة في إعادة بناء قطاع غزة.
وأثناء حرب 1948 أنشأت الجامعة العربية “حكومة عموم فلسطين” لكي تحكم قطاع غزة الواقع تحت السيطرة المصرية، وأصدرت للفلسطينيين الذين يعيشون في القطاع جوازات سفر “عموم فلسطين”، ولم تمنحهم مصر الجنسية. وبعد حل حكومة عموم فلسطين في 1959 فقد استمرت مصر في السيطرة على القطاع حتى عام 1967.
إلا أن المصريين لم يضموا قطاع غزة واختاروا الاستمرار في إدارته عبر حاكم عسكري.
ونقلت الصحيفة عن صحفي مخضرم يقيم في غزة قوله: “هناك الكثير من الشائعات التي تقول إن المصريين يخططون للعودة إلى قطاع غزة. والكثيرون هنا مقتنعون بأن أعمال الإنشاءات التي تتبناها مصر ما هي سوى جزء من خطة لتمهيد الطريق لتواجد مصري أمني دائم داخل قطاع غزة”.
ويرى بعض المحللين السياسيين الفلسطينيين أن زيارة رئيس المخابرات، عباس كامل، إلى قطاع غزة تؤشر على أن مصر تنوي لعب دور رئيسي داخل القطاع الساحلي بشكل خاص وفي الساحة الفلسطينية بشكل عام.
وقال أحد المحللين في تصريح لجيروزاليم بوست: “لا أعتقد أن مصر ترغب في العودة إلى الأيام التي كانت تدير فيها قطاع غزة. إلا أن قرار السيسي المساهمة في جهود إعادة الإعمار تثبت أنه يريد أن يكون مشاركاً بقوة في كل ما يتعلق بقطاع غزة”. وقال المحلل إن العلاقات بين مصر و”حماس” تحسنت خلال السنوات القليلة الماضية.
وكانت العلاقات بين مصر و”حماس” قد تأزمت عندما جاء السيسي إلى السلطة في 2013 بعد أن أطاح بالرئيس محمد مرسي وحظر جماعة الإخوان المسلمين. وفي عام 2015، صنفت محكمة مصرية حركة حماس، منظمة إرهابية.
وحتى بضع سنوات سبقت، كانت وسائل إعلام الدولة في مصر تتهم حركة حماس بمساعدة من يهاجمون قوات الأمن المصرية في سيناء. إلا أن “حماس” نفت هذه التهم بشدة وقالت إنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية لأي من البلدان العربية.
وفي تصريح لجيروزاليم بوست قال مسؤول فلسطيني في رام الله إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يقدر الجهود التي تقوم بها مصر لتهدئة الوضع والمساعدة في جهود إعادة الإعمار في قطاع غزة، ولكنه رفض ما يقال عن احتمال عودة السيطرة المصرية على قطاع غزة.
وقال المسؤول: “يعمل المصريون من أجل تحقيق المصالحة الوطنية وإعادة توحيد الضفة الغربية مع قطاع غزة. ولهذا السبب فقد دعوا ممثلين عن الفصائل الفلسطينية إلى القاهرة. يدعم المصريون إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية”.