إلى أكوام من الركام، تحولت أبراج وأبنية سكنية كبيرة في قطاع غزة، بفعل قصف الاحتلال العنيف والمستمر.
ويقول خبراء إن الاحتلال يسعى إلى كسب المعركة سريعا، وكسر إرادة المقاومة، فيما عدها خبير قانوني بـ”جرائم حرب”.
ودمر جيش الاحتلال، خلال الـ24 ساعة الماضية، 3 أبراج سكنية في قطاع غزة، بعد استهدافها بعدد من الصواريخ.
وكان آخر تلك الأبراج، برج “الشروق” الذي يتكون من 14 طابقا، ويقع في شارع عمر المختار، وسط مدينة غزة.
ويضم برج “الشروق” المستهدف، شققا سكنية، وعددا من مكاتب الشركات والمؤسسات الصحفية العاملة في غزة.
وفجر الأربعاء، دمرت طائرات الاحتلال أجزاء كبيرة من برج “الجوهرة” في شارع الجلاء وسط مدينة غزة.
ويتكون برج “الجوهرة” المكون من 9 طوابق، وأدى قصفه إلى أضرار كبيرة في المنشآت القريبة منه، والذي يضم شققا سكنية وعددا من المكاتب.
ومساء الثلاثاء كذلك، دمرت الطائرات الحربية الاحتلالية برج “هنادي”، غرب مدينة غزة، وسوّته كاملاً بالأرض.
وردت فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها كتائب “القسام” و”سرايا القدس” على استهداف الأبراج السكنية في غزة، بقصف مدينة تل أبيب بعشرات القذائف الصاروخية، مما أدى إلى حدوث أضرار ووقوع إصابات لدى الاحتلال.
** رفع فاتورة المعركة
ويرى مراقبون أن “سياسة” استهداف الأبراج، تسعى الاحتلال من خلالها إلى ضرب الحاضنة الشعبية للمقاومة الفلسطينية، ورفع فاتورة المعركة، وحسمها سريعا.
وليست السياسة الاحتلالية تلك، جديدة برأي متابعين، بل كانت الأبراج في غزة ضمن الأهداف الاحتلالية خلال مختلف الحروب السابقة على القطاع.
وقال العميد رفيق أبو هاني، الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية إن “الاحتلال توغل في الدم الفلسطيني منذ بدء احتلالها عام 1948، ولا يبالي بأي شيء، مقابل صمت دولي غير مسبوق”.
وأردف أن “مسألة قصف الأبراج ليست أمرا جديدا، بل إن عقيدة الاحتلال العسكرية مبنية على العدوان، وكان مشهد قصف الأبراج حاضرا عام 2014، في رسالة لكسر إرادة الشعب الفلسطيني في غزة”.
ولفت إلى أن “الاحتلال يحاول إخماد النار عبر قصف الأبراج وكسر إرادة المقاومة عبر الضغط على المدنيين، وإرهاق وإضعاف الجبهة الداخلية للضغط على المقاومة لتعلن الاستسلام”.
وأشار أن الاحتلال تحاول “كسر إرادة المقاومة عبر القتل والتدمير”.
لكن أبو هاني استدرك بالقول إن الاحتلال “لن يحسم المعركة بهذه الطريقة، والمقاومة حددت أهدافها منذ البداية بوقف انتهاكات الاحتلال في القدس”.
** الضغط على المقاومة
ويرى الكاتب والمحلل السياسي عمر جعارة، أن استهداف الاحتلال للأبراج والبنايات المدنية بغزة، ينطوي على تحقيق عدة أهداف.
واعتبر أن “أول الأهداف هو الضغط على المقاومة عبر تأليب المدنيين، وخلق شريحة متضررة من العمل المقاوم، وطبقة معادية له”.
وبين أن الهدف الثاني هو “الادعاء أن الأبراج تضم قطاعات لها علاقة بدعم المقاومة، من ناحية وسائل الإعلام وغيرها”.
وأضاف “أما الهدف الثالث فهو الادعاء أن الأبراج تخفي تحتها منصات صواريخ أو قواعد تابعة للمقاومة، لتبرير قصفها، برغم يقينها عدم وجود ذلك”.
وأشار جعارة أن “توجه الاحتلال للأهداف المدنية يثبت أنه لا يملك بنك أهداف للقواعد الصاروخية والعسكرية، وهو من أكبر الأدلة على فشل الاحتلال في مقارعة المقاومة”.
وشدد المحلل السياسي أن “قصف الأبراج مؤشر أن الاحتلال معنية بوقف إطلاق النار، لكنها لا تريد الخروج من المعركة إلا باليد العليا، وبصفة المنتصر”.
**جريمة حرب
بدوره، اعتبر أستاذ القانون الدولي حنا عيسى، أن “قصف الأبراج جريمة حرب واضحة في اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949”.
وقال : “ما يتم في غزة جريمة تقع في نص المادة الخامسة من ميثاق روما، وانتهاك لقواعد القانون الدولي الإنساني الذي وجد لحماية السكان الواقعين تحت الاحتلال وممتلكاتهم”.
ورأى عيسى، أن “استهداف الأبراج يمثل جريمة مركّبة من 4 أشكال، فهي جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية، وهي إبادة جماعية وعدوان”.
ولفت إلى أن الاحتلال تسعى، من خلال ذلك، إلى “ترهيب وتخويف المواطنين الآمنين وقتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، بصورة تتجلى فيها همجيتها”.
ومتفقا مع عيسى، اعتبر شعوان جبارين، مدير مؤسسة الحق (مقرها رام الله)، أن “استهداف الأبراج السكنية جريمة حرب لا يمكن تبريرها، خاصة أن الاحتلال أعلنت وبقرار رسمي أنها ستستهدفها”.
وتابع:”منطق الانتقام او الاقتصاص من السكان هو جريمة حرب، خاصة أن البنايات مدنية ومعروفة في استخداماتها ودورها”.
ولفت جبارين إلى أن “الاحتلال قد تحاول تبرير القصف بالضرورات الأمنية أو العسكرية، لكن كل ذلك سيكون حديثا فارغا لا مضمون له”.
وبين أن “استهداف الأبراج في غزة جزء من القضية المرفوعة إلى المحكمة الجنائية الدولية ضمن جرائم الحرب المتعلقة بحرب عام 2014 ضد غزة”.
والأربعاء، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، في مستهل اجتماع طارئ لحكومته، إن “آلة الحرب الاحتلالية ترتكب جرائم حرب في قطاع غزة”.
وأضاف: “كلما أعدنا إعمار غزة يتم تدمير الجزء غير المدمر فيها”.
وأشار إلى أنه يعمل بتوجيهات من الرئيس الفلسطيني محمود عباس لوقف العدوان الاحتلالي، عبر التواصل مع عدد من الجهات الدولية.
ومنذ الإثنين، استشهد 65 فلسطينيا، بينهم 16 طفلا و5 سيدات ورجل مسن، وأصيب أكثر من 1000 بجروح، جراء غارات الاحتلالية “وحشية” متواصلة على قطاع غزة، إضافة إلى مواجهات بالضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة، وفق مصادر فلسطينية رسمية. فيما قُتل 6 من الاحتلاليين في قصف صاروخي شنته فصائل من غزة.
(الأناضول)