الاسلاميون يريدون تطبيق الشريعة، والعلمانيون والليبراليون يقولون :"من بالضبط الذي سيطبق علينا هذه الشريعة؟ بشر مثلنا قد نفوقهم فهما وعلما؟ ونسوا أن الرسول كان بشرا مثلنا يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، ويتساءلون أي شريعة وأي أحكام وقد اختلف المسلمون بين المذاهب، وأصبح لدينا عشرات التفاسير للقرآن وأكثر من رواية للأحاديث؟" وهذه التساؤلات مردود عليها وفيها كلام كثير.
للأسف هناك فئة من الناس تعارض بشدة أي قانون يحكمها أو أي دين يفرض عليها أحكام تعتقد أنها تضيق عليها حريتها، وهنا دعوة مبطنة للإنحلال.
إن كثيرا من الليبراليين والعلمانيين والاسلاميين عارضوا الحكام بدءا من الملك ومرورا بعبد الناصر والسادات ومبارك وليس انتهاء بمرسي، وقد أثبتت ثورة 25 يناير ان الهدف لم يكن إسقاط مبارك فقط، واختلف الثوار بعد اسقاطه، وقال كل منهم في الآخر ما لم يقله مالك في الخمر، لأن كل منهم كان يعارض لغاية، فالاسلاميون يقولون أنهم يريدون شرع الله وبالتالي هم أولى بالولاية لتطبيق هذا الشرع، أما العلمانيون والليبراليون فيقولون أن غايتهم هو مزيد من الحرية والديمقراطية ـ حتى لو كانت في العري والاباحية والخمر وغيرها ـ وعلى الرغم من تمسكهم بالحرية، إلا أنهم يأتون عند الاسلاميين ويرفضوا منحهم الحرية في ترشيح أنفسهم لأي منصب بحجة أن الدين لا يجب أن يلوث نفسه بالسياسة، يعني من الآخر "هم يريدون السياسة لوحدهم دون مشاركة من والي يطبق قانون دولة شرقية رجعية متخلفة أو متسلطة ـ أو متدين يفرض عليهم قانون شرعي وينهى عن المنكر ويأمر بالمعروف وأيضا هي قوانين يعتقدونها رجعية متخلفة لا تواكب التطور العالمي".
الاسلاميون يتحدثون بلسان الدين ويطرحون أنفسهم على أنهم الافقه والأكثر تدينا ومن دونهم الأقل وهذا غير مقبول، والعلمانيون واللبراليون يتحدثون بلسان مختلف طوائف المجتمع أو الأقليات ـ مع أنهم يريدون إقصاء الاسلاميين ـ وينادون بالحرية المطلقة ويكسرون في سبيل ذلك كل التابوهات، لكن اسألهم عن رأيهم في قضية الضباط الملتحين ستجد منهم العجب العجاب.
يريد البعض أن يصور لنا أن هناك خلاف بين الدين والعلم، أو التدين والعلم، والحقيقة أنه لا خلاف بين أي دين وبين مختلف العلوم، حيث حثت جميع الاديان على طلب العلم والاستزادة من المعرفة لتنوير العقول، وأثبتت دراسات كثيرة أن عددا كبيرا من العلماء اهتدوا إلى الدين عن طريق علمهم، وبخاصة إلى الدين الإسلامي الذي تواكب رسالته "القرآن الكريم" أحداث كل زمان ومكان، وهو معجزة متطورة ومستمرة رغم أنه نزل منذ أكثر من 1400 عام، الا أن المتمسكون بالعلم ـ والمفروض أن الدين جزء كبير من هذا العلم الذي لا يعملون به ـ ينادون بالتمسك بالعلم في مواجهة التدين، ويتخذون من أي متدين موقف العدو، ويصفونه أحيانا بالمتخلف والمتحجر والأصولي والوهابي والسلفي والإخواني وغيرها، ولا يقفون عند هذا الحد، بل يبحثون عن كل أقلية في المجتمع لتهييجها ـ بمساعدة الإعلام ـ ضد الفئة التي يتعبرونها عدوتهم الأولى وهي المتمسكة بالدين، وقد كانوا يفعلون أمورا متشابهة في ظل نظام مبارك العلماني، لكن كانت الفئات المستعان بها مختلفة، فالآن الإسلاميون ـ إخوان وسلف ـ يتصدرون المشهد السياسي، فتجدهم في المقابل يطالبون بحقوق المسيحيين ويتهمون الإسلاميين بالاساءة لهم، وأكل حقوقهم، بينما في عهد مبارك كان الحديث عن اضطهاد الاخوان والجهاديين ودخولهم المعتقلات، ودافعوا في فترة من الفترات عن البهائيين وعبدة الشيطان وقريبا الشعية والمثليين، ويصورون لهذه الأقليات أن الاسلاميين يريدون كبت حرياتهم وتكفيرهم وقتلهم، حتى أن بعض مرشحي الرئاسة ومجلس الشعب بدءوا حملاتهم الانتخابية من كنيسة، لكن إذا فعلها أحد وبدأ حملته من مسجد اتهموه باستخدام الدين في السياسة، أما هو فلا يقبل لوما من أحد إن فعل، وفي كل مرة يطرق العلمانيون والليبراليون باب الأقليات ويطرحون قضاياهم تثار الفتن في المجتمع، لكن الشعب المصري يثبت في كل مرة أنه أقرب إلى الإسلام بروحه السمحة والوسطية، ويتخلص تلقائيا من المتعصبين من كافة الفئات في المجتمع.