تحلّ علينا اليوم الذكرى الـ48 لانتصار العاشر رمضان، الذي يوافق في التقويم الميلادي السادس من أكتوبر عام 1973، ورغم أن قواتنا الباسلة استطاعت أن تنتصر على العدو الصهيوني وتسترد أراضينا المحتلة، إلا أن الرئيس الراحل محمد أنور السادات قد زار الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد أربع سنوات فقط من الحرب، عام 1977، والتي مهد فيها لاتفاقية كامب ديفيد التي وقعت عام 1979، ومنذ ذلك الوقت أصبحت مصر عدوة للشعب حليفة للسلطة.
- حرب أكتوبر
حرب أكتوبر أو«حرب العاشر من رمضان»، هي شنّتها مصر وسوريا على العدو الصهيوني، الذي كان قد احتل شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان وأراضٍ عربية أخرى عقب نكسة 1967.
حقق الجيشان المصري والسوري تقدمات هامة في المرحلة الأولى للحرب التي بدأت في السادس من أكتوبر عام 1973، والتي كان عنصر المفاجأة هو أهم ما ميزها، واستطاع الجيش المصري اجتياز قناة السويس وعبور خط برليف، واستطاعت مصر استرداد أراضيها المحتلة، قبل أن تنتهي الحرب وسط مشاعر عزة انتظرها الشعب كثيرًا منذ النكسة.
- ما بعد السلام
وعلى رأي المثل القائل «يافرحة ما تمت»، لم يدم هذا االشعور طويلًا، قبل أن يفاجئ السادات المصريين بإعلانه الذهاب إلى إسرائيل، ومن بعدها توقيع اتفاقية السلام «كامب ديفيد»، لتتحول معها نظرة السلطات للعدو الصهيوني، غير أن نظرة الشعب والكثير من مؤسساته لم تتغير وظلت إسرائيل عدوة للشعب.
اُغتيل السادات عقب اتفاق السلام بعامين فقط وقَدِم مبارك على رأس الحُكم، واستمر الوضع على ما هو عليه، وتوالت الأحداث التي أكدت أن الشعب ما يزال يرى إسرائيل عدوًا بينما تراها السلطة حليف.
بدأ القطاع العام في مصر حملة مقاطعة شاملة للعدو الصهيوني، تمثلت في منع الشركات الإسرائيلية من الفوز بمناقصات، فيما فرضت العديد من النقابات ولجان مقاومة التطبيع قيودا صارمة على تطور العلاقات الثنائية، إلى جانب الإعلام والإنتاج الفني الذي ظل يعتبر إسرائيل بمثابة العدو الأول.
وفي تقرير حول السلام بين مصر وإسرائيل أعدّه معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، صدر في أكتوبر 2013، قال إن جهود توسيع نطاق الأشكال المختلفة للتعاون غير العسكري بين القاهرة وتل أبيب مُنيت دائما بالفشل، بما في ذلك الاتفاق الذي وُقع عام 2005 لتصدير الغاز الطبيعي المصري إلى إسرائيل، حيث تعرض خط الأنابيب للتخريب 14 مرة من قبل بدو سيناء.
- الهدية التي لم تحلم بها إسرائيل
مثلت ثورة الـ 25 من يناير، مصدرًا للقلق والخطورة الكبيرين على العدو الصهيوني، خصوصًا بعدما لاحظ سيطرة عريضة للإسلاميين على المشهد وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين، التي لا تعترف بإسرائيل في أدبياتها.
لم يتوقف الشعور بالقلق، والذي وصل حد التهديد، عقب نجاح مرشح الإخوان الرئيس الراحل الدكتور محمد مرسي، في الانتخبات الرئاسية عام 2012.
غير أنه كانت هناك هدية لم يكن يحلم بها أبرز متفائلي دولة الاحتلال، ألا وهي الانقلاب العسكري الذي وقع عام 2013 بقيادة عبدالفتاح السيسي.
عبد الفتاح السيسي الذي لم يخض حربًا ضد العدو الصهيوني والذي قال عنه أحد المحللين السياسيين الصهاينة «السيسي صهيوني أكتر مني»، شهدت فترة حكمه تقاربًا غير مسبوقًا مع دولة الاحتلال.
ففي يناير 2019، أكد السيسي في مقابلة مع قناة «سي بي إس» الأميركية، أن العلاقات بين مصر وإسرائيل هي الأمتن منذ بدئها بين البلدين، وأن هناك تعاونا بينهما في مجالات شتى.
وعلى رأس تلك المجالات كان تهجير أهالي سيناء وتضييق الخناق على غزة، والحرب على «الإرهاب» في شمال سيناء كما يدعي السيسي، وصل الأمر حد اختراق طيران العدو للأجواء المصرية واستهدافه أهالي سيناء.
وهكذا فإن إسرائيل، التي انسحبت من سيناء مهزومة شر هزيمة في حرب العاشر من رمضان، عادت إليها في عهد السيسي لتحارب مع الجيش المصري «حليفة»، بيد أن الحقيقة التي لن تتبدل مهما طال عليها الزمان، هي أن إسرائيل كانت وما تزال وستظل عدوة للشعب، مهما تحالفت معها السلطة.