كشف تقرير مطول نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” عن الوضع خلال أزمة كورونا، مؤكدا ان أولويات عبد الفتاح السيسي الرئيسية ليست صحة المصريين واقتصادهم بل تعزيز قوة الجيش على حساب الشعب.
وقال تقرير نيويورك تايمز إن هشاشة النظام الصحي في مصر تسلط الضوء على عنصر أساسي في “حكم السيسي القاسي، هو نظام الامتيازات المتدرج الذي يكافئ جيشا قويا على حساب المواطنين الفقراء بشكل متزايد”.
فمن بين 740 مستشفى عام في البلاد، هناك 25 مستشفى تقدم خدماتها للجيش و 110 أخرى تديرها الجامعات أو تعالج مسؤولي الشرطة وبعض موظفي الخدمة المدنية. وفي أسفل القائمة نحو 600 مستشفى عام، أغلبها في حالة سيئة، حسب التقرير.
وقال نديم حوري، المدير التنفيذي لمبادرة الإصلاح العربي، إن الاستجابة لفيروس كورونا كانت “نموذجية لمصر في عهد السيسي. على السطح، يبدو أن الأمور تحت السيطرة. لكن في الأسفل، القصة ليست جيدة “.
وأوضح التقرير بحسب قناة الحرة أن السيسي قد وعد، في عام 2014، بوضع القطاع الصحي ضمن أولويات أجندته، وتعتبر مصر من أكثر الدول على المستوى العربي والإقليمي تضررا بالفيروس.
يأتي هذا في الوقت الذي يواصل السيسي إبرام صفقات عسكرية لشراء الأسلحة والطائرات المقاتلة، بما يقدر بنحو 12 مليار دولار على الأقل.
وقالت ميشيل دن، الباحثة المصرية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: “كانت عمليات شراء الأسلحة والمشاريع الضخمة من أولوياته، حتى أثناء الوباء.. الجيش المصري أصبح جشعا بشكل متزايد”.
وكانت مصر ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم، بين عامي 2015 و 2019، وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
ولم تشأ وزارة الصحة المصرية والهيئة العامة للاستعلامات الرد على طلب الصحيفة التعليق على تقريرها.
فمنذ الأشهر الأولى من الأزمة، افتقرت أغلبية المستشفيات المصرية لأبسط مقومات مكافحة المرض، وأضرب الأطباء المستاءون عن العمل، فيما زج بالذين تجرأوا على انتقاد الحكومة، في السجن.
فحتى الآن تجاوز عدد الإصابات في مصر 109 آلاف حالة، مع ما لا يقل عن 6380 وفاة.
وتوفي ما لا يقل عن 203 أطباء، وفقا لنقابة الأطباء المصرية، فيما فقدت إندونيسيا، التي سجلت ما يقرب من أربعة أضعاف الحالات في مصر، 130 طبيبا فقط.
ومع ذلك يتوقع أن يكون عدد الإصابات الحقيقي (وربما الوفيات) في مصر، أعلى بكثير من الرقم المعلن، بالنظر إلى الانخفاض الحاد في معدلات الكشف عن المرض وهي 953 لكل 100 ألف شخص.
ومصر لا تتفوق في معدل الفحوصات إلا على اليمن (33) وسوريا (109)، فيما تتخلف بشدة عن العراق (7554) والأردن (20540)، بل حتى ليبيا التي تعاني من الحرب(5421).
ومع ذلك يتحدث السيسي عن تحقيق نجاحات على الصعيد الاقتصادي والصحي خصوصا ضد الكبد الوبائي، تزامنت مع الحصول على دعم دولي كانت ثمنه إجراءات تقشفية على حساب المواطن المصري البسيط.
والنظام الصحي الذي يتحدث عنه السيسي بحاجة إلى نحو 15 عاما ليؤتي ثماره، حسب التقرير، كما أن نسب النمو المتوقعة في مصر من قبل البنك الدولي، لا تتناسب وعدد السكان.
وبحلول العام الماضي، أظهرت أرقام الحكومة أن ثلث المصريين يعيشون في فقر، بارتفاع يقدر بـ 28 في المئة، مقارنة بعام 2015.
وبسبب تدهور الأوضاع تراجع عدد الأطباء في المستشفيات الحكومية المصرية من 113 ألف في عام 2014 إلى 75،700 عام 2018 ، بحسب الإحصاءات الحكومية.
ويعمل أكثر من نصف الأطباء المسجلين في مصر، والبالغ عددهم 220 ألف طبيب، في الخارج ، وفقا لنقابة الأطباء الرئيسية.
ومع قدوم فصل الشتاء يتوقع اندلاع موجة ثانية من كوفيد-19 في مصر وسط مخاوف من تدهور أكبر في القطاع الصحي، سيما مع استمرار هجرة الأطباء إلى الخارج.