كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، الجمعة، إن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، يستخدم سلطته في معاقبة عائلات كاملة؛ عبر منعها من السفر.
وذكرت الصحيفة، في تقرير لدافيد أغناطيوس، أن ابن سلمان يمنع آلاف السعوديين من السفر، لمجرد شكوكه في احتمالية عدم عودتهم، وانضمامهم للمعارضين في الخارج.
وتمارس السلطات السعودية هذه العقوبة “التعسفية” بحق أسر غالبية المعتقلين والمعارضين في الخارج.
ونقلت الصحيفة عن الطبيب خالد الجبري، نجل المسؤول السابق سعد الجبري المقيم في كندا، قوله إن “أخذ الرهائن يعد أداة لتثبيت الحكم”، في إشارة إلى اعتقال السلطات لشقيقيه عمر وسارة، ومنع بقية أفراد الأسرة من السفر منذ مغادرة والده للبلاد في 2017.
ووفقا الجبري، فإن ما قامت به السلطات من اعتقال شقيقه هو لإسكات والده، والضغط عليه للعودة إلى المملكة، ومواجهة تهم “كاذبة” بالتورط بقضايا فساد، على حد قوله.
ونقلت “واشنطن بوست”، عن مصادر، قولها إن ابن سلمان استخدم سلطة المنع من السفر على نطاق أوسع بكثير من المعلن، وهو يسعى إلى وراثة والده “المريض” في كرسي الحكم قبل نهاية هذا العام، وذلك نقلا عن مسؤولين أميركيين مطلعين على الشأن السعودي، بحسب الصحيفة.
وأكدت “واشنطن بوست” أن غالبية الممنوعين من السفر لا يعلمون ذلك مسبقا، ويتفاجؤون بإعادتهم من المطار أو المنافذ البرية، بحجة وجود قرار من رئاسة أمن الدولة يمنعهم من المغادرة، دون توضيح السبب.
وقالت “واشنطن بوست” إن أبرز الأسر الممنوعة بشكل كامل من السفر هي عائلة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز.
ونقلت الصحيفة عن رجل أعمال غربي مقرب من العائلة، قوله إن 27 من أبناء وبنات الملك عبد الله، ونحو 57 من أحفاده، ممنوعون من السفر.
وأوضح المصدر، الذي نقلت عنه الصحيفة، أن متعب، ومشعل، وفيصل، وتركي، أبناء الملك الراحل، بعضهم محتجز، والآخر يخضع للإقامة الجبرية، فيما يمنع جميع أبنائهم من السفر، وهو الحال الذي ينطبق على زوجة ولي العهد السابق، وزير الداخلية محمد بن نايف.
وقالت الصحيفة إن زوجة ابن نايف، الأميرة سارة بنت سلطان (ولي عهد سابق)، سُمح لها بالسفر بشكل مؤقت لتلقي العلاج في الخارج فقط، فيما منعت ابنتاها سارة ولولوة من مرافقتها.
وبشكل أوسع، ذكرت “واشنطن بوست” أن 2000 إلى 2500 شخص من أسر محتجزي “الريتز كارلتون” سابقا ممنوعون من السفر حاليا، رغم إغلاق الملف بتسويات مالية ضخمة.
محاكمة ابن نايف
نقلت الصحيفة عن مصادر خاصة، قولها إن مساعدي محمد بن سلمان قالوا إن ولي العهد في صدد إعداد لائحة اتهام رسمية لابن عمه وسلفه في المنصب، محمد بن نايف.
وذكرت الصحيفة أن هذه التهم تتعلق بالفساد، وتبديد الأموال المخصصة للأجهزة الأمنية، وهي التهم التي أعدتها السلطات لسعد الجبري، المقرب من ابن نايف.
وقال خالد الجبري إن هذه التهم لا أساس لها من الصحة، وتم إعدادها لدوافع سياسية فقط.
وأوضح أن الشرطة الدولية “إنتربول” رفضت طلبا سعوديا بتسليم والده؛ لعدم قناعتها بهذه التهم.
العودة
قال الأكاديمي عبد الله العودة، نجل الداعية المعتقل سلمان العودة، إن نحو 17 فردا من أسرته ممنوعون من السفر، رغم أن بعضهم تحت سن عشر سنوات.
وذكر العودة، في تصريح لواشنطن بوست، أن هذه الممارسة منتشرة الآن في السعودية، والهدف منها تهديد وتخويف العائلات؛ من أجل إسكاتها”.
ونوّهت الصحيفة إلى أن خالد العودة، شقيق الداعية المعتقل، تم توقيفه أيضا لمجرد تغريده بخبر اعتقال شقيقه، وذلك في أيلول/ سبتمبر 2019.
مثال خاشقجي
بحسب “واشنطن بوست”، فإن صلاح، الابن الأكبر للكاتب الراحل جمال خاشقجي، كان ممنوعا من السفر قبل مقتل والده.
وتابعت بأن الكاتب الراحل تم تبليغه من قبل السلطات السعودية بأن حرية ابنه في السفر مرتبطة بعودته إلى المملكة، وهو ما رفضه خاشقجي، وكلّفه حياته لاحقا في القنصلية السعودية بإسطنبول، في تشرين أول/ أكتوبر 2018.
كما تضم قائمة الممنوعين من السفر حملة جنسيات أجنبية، مثل الطبيب وليد فتيحي وأسرته الذين يحملون الجنسية الأمريكية.
وذكرت الصحيفة أن من بين الممنوعين من السفر أسرة الطبيب المعتقل بدر الإبراهيم، وأسرة الناشط الإعلامي المعتقل صلاح الحيدر، نجل المعتقلة السابقة عزيزة اليوسف، وهما من ضمن معتقلي حملة “نيسان/ أبريل 2019”.
سماح بضمانات
قالت “واشنطن بوست” إن السلطات السعودية تسمح لأفراد بعض الأسر المحظورة من السفر بمغادرة البلاد مؤقتا، لكن بوجود ضمانات.
وأوضحت أن السلطات في هذه الحالة لا تسمح لأكثر من فرد من العائلة بالمغادرة، وبالتالي يخشى من سُمح له بأن يلحق الضرر بقية أفراد أسرته حال عدم عودته.
وقالت إن هذه السياسة تطبّق على أسرة “بن لادن”، التي شكّلت ثروة هائلة من الإنشاءات، قبل أن يضع ابن سلمان يده على جزء كبير منها في حملة “الريتز”.