في 20 مارس 2003، بدأت طلائع القوات الأميركية باجتياح الحدود الجنوبية والشمالية للعراق مستخدمة قواعدها العسكرية المحاصرة للعراق.
تلك الحرب التي بنيت على أكذوبة أسلحة الدمار الشامل، والتي ثبت زيفها حتى قبل أن تبدأ، باعتراف أحد كبار المفتشين عنها في العراق الدكتور محمد البرادعي حين أكد في مجلس الأمن أن العراق لا يوجد به تلك الأسلحة.
حرب العراق يمكن تصنيفها بمأساة القرن الواحد والعشرين، فقد تسببت في فوضى عارمة بمنطقة الشرق الأوسط أضرت حتى بمصالح الولايات المتحدة الأميركية نفسها.
الصدمة والرعب
استخدمت الولايات المتحدة خطة الصدمة والرعب في موجة ضربتها الأولى، والتي كانت في قمة العنف ومذاعة على الهواء.
وفي حوار صحفي قديم قال جنرال البحرية الأميركي المتقاعد هارلان أولمان في حديث مع مجلة «نيوزويك» الاميركية أن حرب الولايات المتحدة على العراق تبنت نظريته «الصدمة والرعب»، التي كان قد قدمها إلى كولن باول وزير الخارجية آنذاك ورئيس الأركان إبان حرب الخليج، وهدفت بالأساس لإجبار الطرف الآخر في الحرب على إسقاط خيار المقاومة والاستسلام دون وقوع ضحايا في القوات الأميركية.
وقال الجنرال الأميركي إن قوات بلاده شنت هجوما جويا وبحريا وبريا متزامنا من حدود العراق الجنوبية والشمالية لإرباك الجيش العراقي ودفعه للاستسلام وشنت غارات عنيفة ومدمرة.
بدأ الغزو بغارة جوية لسلاح الجو الأميركي على القصر الرئاسي في بغداد في الساعات الأولى ليوم 20 مارس 2003 ، ثم شنت القوات البرية الأميركية عملية توغل في محافظة البصرة من القريبة من الحدود العراقية – الكويتية.
وشنت القوات الخاصة هجوما برمائيا من الخليج لاحتلال البصرة والمناطق المحيطة بها وحقول البترول، فيما توغل الجيش الأميركي في جنوب العراق للسيطرة على المنطقة ودخل مدينة الناصرية في 23 مارس، وحدثت ضربات جوية واسعة في جميع أنحاء البلاد ضد مواقع عسكرية ومدنية عراقية.
وفي 26 مارس، قامت الكتيبة الأميركية 173 المحمولة جوا بإنزال قرب مدينة كركوك الشمالية، حيث انضمت إلى قوات كردية لمواجهة العديد من ألوية الجيش العراقي، واحتل الجيش الأميركي الجزء الشمالي من البلاد.
سلاح الدمار الشامل التبرير الكاذب للغزو:
كانت كذبة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل من أبرز وأهم التبريرات التي حاولت الإدارة الأميركية، وعلى لسان وزير خارجيتها كولن باول، ترويجها في الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وقبل وقوع الحرب أعلن كبير مفتشي الأسلحة في العراق هانز بليكس أن فريقه لم يعثر على أسلحة نووية وكيمياوية وبيلوجية
انكشاف الكذبة
بعد سقوط بغداد، قام بوش بإرسال فريق تفتيش برئاسة ديفد كي الذي كتب تقريرا سلمه إلى الرئيس الأميركي في 3 أكتوبر 2003 نص فيه أنه لم يتم العثور لحد الآن على أي أثر لأسلحة دمار شامل عراقية. وأضاف ديفد كي في استجواب له أمام مجلس الشيوخ: «بتصوري نحن جعلنا الوضع في العراق أخطر مما كان عليه قبل الحرب».
مجزرة الاحتلال
كشفت تقارير غربية عدة سقوط مئات الآلاف من القتلى والجرحى نتيجة الغزو والفوضى التي لحقته. ففي دراسة أجرتها مجلة لانسيت البحثية البريطانية، كشفت أن 655 ألف عراقي قتلوا منذ بداية الغزو الأميركي، في مارس 2003 وحتى 11 أكتوبر 2006.
وبعد اندلاع الحرب الأهلية نتيجة تفجير مراقد دينية شيعية من فاعل مجهول، قالت الأمم المتحدة إن نحو 34 ألف عراقي قتلوا خلال عام 2006 فقط.
نتائج كارثية
بعد مرور أكثر من 17 عاما على الغزو، ظهرت النتائج الكارثية في العراق فقد أصبحت مسرحا للعمليات الخارجية لكافة القوى الإقليمية والدولية، وعلى رأسها إيران وأميركا وإسرائيل، فتلك الدول وغيرها تتصارع على النفوذ في العراق طوال الأعوام الماضية، وتزايد ذلك مع ظهور داعش وسيطرتها على عدد من المحافظات مما شكل ذريعة لبقاء القوات الأميركية ومبررا لزيادة النفوذ الإيراني
سقط مئات الآلاف من القتلى والجرحى ومازال نزيف الدم العراقي متواصلا منذ 17 عاما، ولم يتوقف حتى اللحظة، ومن غير المتوقع توقفه قريبا خاصة بعد تصاعد الصراع بين إيران وأميركا واغتيال الجنرال قاسم سليماني