نشر موقع «ميدل إيست آي» البريطاني، الخميس، تقريرا تضمن وثائق تكشف تفاصيل «خطة سرية» سعودية، استهدفت تقويض قمة كوالالمبور الإسلامية أواخر العام الماضي.
وتكشف الوثيقة بحسب تقرير الموقع الذي ترجمته «عربي21»، أن الحكومة السعودية أمرت الصحفيين المحليين بانتقاد القمة التي استضافتها ماليزيا، وتوجهت كذلك نحو وسائل إعلام في بلدان أخرى بما فيها ماليزيا والأردن.
وبحسب التقرير الذي أعده ديفيد هيرست وراغب سويلو، فإن المملكة السعودية أصيبت بذعر شديد بسبب اجتماع دول إسلامية كبيرة في قمة كوالالمبور في شهر ديسمبر الماضي، خارج سيطرة منظمة التعاون الإسلامي التي تترأسها.
ولفتت إلى أن الأمر وصل إلى درجة أنها أعدت حملة إعلامية للتقليل من أهمية القمة، وذلك بحسب ما ورد في وثيقة حصل عليها موقع ميدل إيست آي.
وتاليا التقرير الكامل:
أعدت وزارة الإعلام السعودية سلسلة من الرسائل التي أمرت وسائل الإعلام المحلية والمعلقين فيها بنشرها، كما أنه تم إرسالها إلى صحف ومواقع وقنوات تلفزيونية في بلدان أخرى بما فيها ماليزيا وإندونيسيا وعدد من الدول العربية.
وبحسب ما ورد في وثيقة صادرة عن وزارة الإعلام السعودية حصل عليها موقع «ميدل إيست آي»، فقد كان الهدف من الحملة هو: إبراز دور منظمة التعاون الإسلامي في خدمة قضايا الأمة الإسلامية، والتقليل من أهمية قمة كوالالمبور، وإلقاء الضوء على حجم المساعدات التي قدمتها المملكة العربي السعودية للعالم الإسلامي ودعم قضاياه وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وكان قد حضر القمة الإسلامية في التاسع عشر من ديسمبر زعماء كل من إيران وتركيا وقطر وشاركت فيها وفود من ستة وخمسين بلدا.
وكان من أبرز الغائبين عنها رئيس وزراء باكستان عمران خان، زعيم ثاني أكبر بلد تسكنه أغلبية من المسلمين، وذلك بعد جهود مضنية بذلها معه السعوديون للحيلولة دون حضوره القمة.
وكان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد أعلن في شهر فبراير من العام الماضي عن حزمة من الاستثمارات بقيمة عشرين مليار دولار في باكستان.
وخضع عمران خان للضغوط التي مارسها السعوديون عليه وأرسل وزير خارجيته بديلا عنه، ولكنه ما لبث بعد ذلك أن ندم على قراره.
فقد خرج عمران خان في وقت مبكر من هذا الشهر في مؤتمر صحفي إلى جانب مضيف قمة كوالالمبور مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا الذي قدم استقالته من منصبه يوم الاثنين، ليقول: «شعر بعض أصدقائنا المقربين بأن المؤتمر قد يشتت شمل الأمة، ولم يكن ذلك بتاتا هو الغرض من المؤتمر. أشعر بأن من واجب البلدان المسلمة تثقيف البلدان الغربية وغيرها من البلاد حول حقيقة الإسلام».
وكانت وزارة الإعلام السعودية قد أقرت بأهمية القمة رغم الجهود التي بذلتها لتقويضها، حيث قالت: «ولأهمية هذا الحدث وتأثيراته وأبعاده على مسيرة العمل الإسلامي المشترك، أعدت خطة إعلامية، تتضمن إبراز العمل الإسلامي المشترك عبر منظمة التعاون الإسلامي، والدور المحوري للمملكة في دعم هذه المنظمة وجهودها، كما تتضمن الخطة الجمهور المستهدف والآليات التنفيذية للخطة».
وتقول الوثيقة إن الهدف من الحملة هو «التقليل من أهمية القمة وما يمكن أن يصدر عنها من قرارات في ظل غياب أو تخفيض مستوى مشاركة دول إسلامية ذات دور محوري في قيادة العالم الإسلامي وخدمة قضاياه».
وطلبت من الصحفيين السعوديين الكتابة بما يفيد أن عقد القمة المصغرة في ماليزيا خارج إطار منظمة التعاون الإسلامي من شأنه أن «يشجع على قيام كيانات مماثلة بين دول إسلامية أخرى لم توجه لها الدعوة لعقد قمم أخرى، من المنظمة».
وطلبت منهم الوثيقة تسليط الضوء على انسحاب عمران خان من القمة، حيث جاء فيها النص على ما يأتي: «يعكس غياب دول الإسلامية محورية عن قمة ماليزيا، وإلغاء مشاركة رئيس وزراء باكستان عمران خان، وتخفيض مستوى التمثيل إلى وزير الخارجية، عدم قناعة أحد أبرز الدول المؤسسة لهذه القمة بعدم إمكانية تحقيق أي نجاح خارج إطار منظمة التعاون الإسلامي».
والأدهى من ذلك ما كشفت عنه الوثيقة من «آليات التنفيذ» التي اقترحتها، والتي اشتملت على «توجيه كتاب الرأي بنقد أي تكتل لأغراض سياسية ضيقة خارج منظمة التعاون الإسلامي التي تعتبر ثاني أكبر منظمة دولية بعد الأمم المتحدة» بالإضافة إلى «إعداد تقارير إخبارية تلفزيونية تبرز دور المملكة في تأسيس منظمة التعاون الإسلامي» وكذلك «ضاستضافة محللين سياسيين لتسليط الضوء على الأدوار الهامة التي لعبتها منظمة التعاون الإسلامي لخدمة المسلمين».
تم إرسال هذه التوجيهات إلى مجموعة كبيرة من القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية والصحف داخل المملكة العربية السعودية.
وتسرد الوثيقة قائمة بعدد من وسائل الإعلام الأجنبية التي تم التوجه نحوها لتشارك في الحملة الدعائية الموجهة ضد قمة كوالالمبور.
ومن هذه الوسائل صحف دون وديلي جانغ ونوائي وقت الباكستانية، وصحف ومواقع الرأي والدستور وعمون في الأردن، ومجموعة من القنوات والمطبوعات الأخرى في عدد من البلدان منها مصر والسودان والعراق ولبنان وإندونيسيا والهند.
جاء النص في الوثيقة على ما يأتي:
أهداف الحملة الإعلامية:
1) إبراز دور منظمة التعاون الإسلامي في خدمة قضايا الأمة الإسلامية بوصفها كيانا ممثلا لجميع دول العالم الإسلامي
2) التقليل من أهمية القمة وما يمكن أن يصدر عنها من قرارات في ظل غياب أو تخفيض مستوى مشاركة دول إسلامية ذات دور محوري في قيادة العالم الإسلامي وخدمة قضاياه.
3) إلقاء الضوء على حجم المساعدات التي قدمتها المملكة طيلة العقود الماضية للعالم الإسلامي ودعم قضاياه وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وتكشف الوثيقة أن الحملة الإعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تتضمن «إرسال الرسائل باللغتين العربية والإنجليزية للمؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي في الدول الإسلامية والعربية والمؤثرين المحليين».
لم يعلق مكتب رئيس الوزراء في ماليزيا على الوثيقة التي جاء الكشف عنها بعد تقديم مهاتير استقالته يوم الاثنين.
في تلك الأثناء صرح مسؤول تركي اشترط عدم الإعلان عن هويته بأن السلطات السعودية لم تتوقف عن شن حملة دعائية مغرضة ضد تركيا منذ جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في أكتوبر من عام 2018.
وقال المسؤول التركي: «لم يعد أي من هذه الأمور يفاجئنا، فهم لا يتوقفون عن السعي لتشويه صورة تركيا وتلطيخ سمعتها، ولم يقلصوا من الجهود التي يبذلونها للنيل من المساعي التركية. بل هم ينفقون الملايين من الدولارات التي يثرون بها الشركات الأمريكية والبريطانية لتزويد ببغاواتهم بأفكار سخيفة حتى ينشروها ويستمروا في ترديدها».
وقال دبلوماسي تركي إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان غضب من المسؤولين السعوديين والإماراتيين لما مارسوه من ضغوط على عمران خان حتى يلغي مشاركته في القمة.
وقال الدبلوماسي: «ظن السعوديون بأن تركيا وقطر تحاولان تشكيل كيان منشق جديد بالتحالف مع بلدان جنوب آسيا وذلك أيضا من خلال إضافة إيران إلى الصورة. وهم في ذلك مخطئون تماما. بل إن دول تلك المنطقة هي التي دعت تركيا وقطر، ولم تكن أنقرة هي التي تتزعم المشروع».
وكان أردوغان قد صرح حينها بأن عمران خان تعرض لضغوط حتى يلغي مشاركته في القمة.
5 اتفاقيات في يومها الأول..
هل تتحول #قمة_كوالالمبور إلى حلف إسلامي جديد؟ pic.twitter.com/38Ed6hG0XE— شبكة رصد (@RassdNewsN) December 21, 2019
وقال في حديث له مع الصحفيين في العاصمة الماليزية في شهر ديسمبر: «ليست هذه هي المرة الأولى التي تتبنى فيها المملكة العربية السعودية وأبوظبي مثل هذا السلوك. من المؤسف أننا نشاهد المملكة العربية السعودية وهي تمارس الضغوط على الباكستان. فهناك وعود {سعودية} لباكستان في ما يتعلق بمصرفها المركزي. وعدا عن ذلك كله، فإنه يعمل في المملكة العربي السعودية ما يقرب من أربعة ملايين عامل باكستاني».
وأضاف أردوغان: «يهددهم السعوديون قائلين إن بإمكاننا أن نطردهم، وأن نستبدل بهم عمالا من بنغلادش. وفي المقابل يقولون لباكستان بخصوص مصرفها المركزي بأنهم قد يسحبون أمولهم منه. وبعد تهديدات مشابهة، وجدت باكستان، التي تعاني من أحوال اقتصادية قاسية، نفسها في وضع اضطرها لاتخاذ القرار بعدم حضور القمة».
واتصل موقع ميدل إيست آي بوزارة الإعلام في المملكة العربية السعودية وبسفارة المملكة في لندن ولكنه لم يتلق رداً من أي منهما حتى لحظة نشر هذا التقرير.